أظهرت الأزمة لنا أن هناك دولا تتحفز لإيذائنا, ولهذا علينا أن نعتمد سياسة تنويع مصادر السياحة علينا أن نستعيد تلاحمنا, وأن نركز علي ما يجمعنا, لنواجه أخطر وأحلك الفترات التي تعيشها المنطقة. أدخلنا حادث سقوط الطائرة الروسية في محنة, وكشف لنا حجم المخاطر والتحديات المطبقة علينا, وكيف انهالت علينا الحملات الإعلامية والسياسية, لتضرب الموسم السياحي في مقتل, بينما كنا نأمل أن يكون بداية انتعاش لهذا القطاع الحيوي, الذي يعد من أهم مصادر الدخل والعملات الصعبة وفرص العمل. لكن رب ضرة نافعة, لأنها تكشف لنا جوانب لم نكن ننتبه إليها, وتفرض علينا البحث عن حلول, وأن نتعرف علي مواطن ضعفنا وقوتنا, حتي يمكن أن نتجاوز الأزمة بأقل قدر من الخسائر, وأن تكون دافعا للإنجاز والعمل الجاد والصادق لنكون أفضل مما كنا. الدرس الأول هو المثل الشعبي المصري: إمشي عدل يحتار عدوك فيك, أي أن نزيل أي درجة من التراخي في حماية منشآتنا الحيوية من الإرهاب, خاصة المطارات والمواقع الأثرية والفنادق, وهي أهم الأهداف التي تخطط أي جماعة إرهابية لمهاجمتها, ونحن لدينا خبرة كبيرة, وحققنا درجة كبيرة من الأمان في هذه المواقع, بدليل أنها ظلت آمنة لفترات طويلة خلال أشرس معاركنا ضد الإرهاب, لكن الجماعات الإرهابية كانت قد حصلت علي قوة دفع كبيرة خلال حكم جماعة الإخوان, وزاد منها تنامي الإرهاب في كل من سوريا وليبيا, وتحصنت بؤرة إرهابية مدعومة من الخارج في شمال شرق سيناء, وحصلت علي تدريبات وأسلحة أكثر تطورا, وهو ما يفرض علينا إطلاق نفير التأهب, فالمخاطر قريبة منا, بل قد تداهمنا في أي وقت, وعلينا أن نشارك جميعا في هذه المعركة الوطنية, التي لا تقل عن معاركنا الكبري, عندما تصدينا للاحتلال الإسرائيلي والعدوان الثلاثي, ورأينا كيف تصدي الشعب مع الجيش للعدوان, وبادر للمقاومة الشعبية في بورسعيد, وكان خير عون وسند للجيش عقب نكسة1967, في حرب الاستنزاف التي شارك فيها كل الشعب. حربنا مع الإرهاب قد تكون أصعب, لأنه يتخفي بيننا, ويتسلل إلي مناطق قد لا نتوقعها, فالإرهابي ليس له موقع أو زي معين, ولا سلاح ظاهر, ومن هنا لا بد من أن نفتح عيوننا علي أي ثغرة يمكن أن يتسلل منها, مثلما فعل عامل المقهي في بلدتي الأقصر, وتمكن من كشف محاولة تسلل مجموعة من الإرهابيين كانت تتأهب لمهاجمة معبد الكرنك الشهير, وكان له دور كبير في إحباط الجريمة. كما علينا أن نساند قطاع السياحة في محنته, وأن ننظم رحلات جماعية أو فردية, وأن تلعب النقابات دورا في تنظيم هذه الرحلات, ليس لتعويض المنشآت السياحية عن بعض خسائرها فحسب, بل لإظهار التضامن والتحدي, وأن نوجه رسالة بأننا لا نخشي الإرهاب, وأن بلدنا آمن, وهو ما سيشجع السياحة القادمة من الخارج علي العودة بسرعة. وأظهرت الأزمة لنا أن هناك دولا تتحفز لإيذائنا, ولهذا علينا أن نعتمد سياسة تنويع مصادر السياحة, خاصة من دول وسط وشرق آسيا, واستعادة السياحة العربية المهاجرة إلي تركيا, وأن نرد علي أردوغان الذي تواجه بلده حربا أهلية, لكنه يدعي أنها الأكثر أمانا, لمجرد أنه يعتمد علي مؤازة أمريكية وأوروبية. إنها فرصة لعودة التلاحم الشعبي في مواجهة مخطط واسع ودنيء لكسر إرادة مصر, ومحاولة تركيعها, بعد أن أفشلنا مخطط تدميرهم لمصر والمنطقة, وأخطأنا عندما تصورنا أن المعركة قد انتهت, وأن وقت جمع الغنائم قد بدأ, فتراخينا عن الحذر, وأهملنا مواقعنا, وتفرغنا للمعارك الجانبية, ودفعنا الثمن غاليا, حتي ننتبه إلي ضرورة استعادة التلاحم الذي تجلي في أبهي صوره خلال ثورتي25 يناير و30 يونيو. علينا أن نستعيد تلاحمنا, وأن نركز علي ما يجمعنا, ونتخلي عن بعض الأنانية الفردية, لنواجه أخطر وأحلك الفترات التي تعيشها المنطقة, ونؤكد أن معدن الشعب المصري الأصيل يتجلي في مثل هذه المحن, وقادر علي تجاوزها, ليحول الأزمات إلي إنجازات.