وسط أجواء شحن مذهبي واستنفار للجيش تحسبا لحدوث اضطرابات مسلحة بين الفرقاء دعا الرئيس ميشال سليمان اللبنانيين إلي الوعي الكامل في هذه المرحلة الدقيقة, مشددا علي أن أي فئة لا تستطيع إلغاء فئة أخري مشددا وقد التقي مع مدير مخابرات الجيش أدموند فاضل لبحث التدابير من أجل الحفاظ علي السلم الأهلي علي أهمية الاحتكام للمؤسسات والدستور. فقد سيطرت أجواء الشحن المذهبي علي لبنان أمس بعد انضمام الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وكتلته النيابية للمعارضة, ولرفع السنة في بيروت لافتات اتقوا الله في لبنان قبل فوات الأوان.. سنوفي بالوعد ياشيخ سعد, ورفعت لافتات في الضاحية الجنوبية تدين المؤامرات الأمريكية الصهيونية علي المقاومة ولبنان, ووسط حالة من القلق والترقب خفت الحركة في الشوارع والمطاعم وأماكن السهر خشية حدوث انفلات أعصاب من جمهوري فريقي الأكثرية والمعارضة, ورفعت المحلات نسبة الخصومات علي البضائع إلي50 و80% خشية فترة كساد طويلة, وسحبت أخري بضائع غالية الثمن خشية أعمال سلب حسب قول صاحب إحداها, وألغيت حجوزات فنادق والرحلات السياحية لقضاء اجازة نصف العام ولممارسة أنشطة التزلج علي الجليد, وذلك في مناخ تسيطر عليه الشائعات. وزاد المخاوف من حدوث اغتيالات سياسية واضطرابات تعزيز الجيش وجوده في العاصمة, ومختلف المناطق اللبنانية, واتخاذه تدابير أمنية مشددة, واقامة الحواجز المتحركة والثابتة وإنشاء مركز رصد ومراقبة, ودخول رجال الدين علي الخط باستخدام المساجد لحشد التأييد لهذا الزعيم أو ذاك, وللتعبئة ضد هذا المرشح لرئاسة الحكومة أو ذاك وتحذير زعيم تيار المردة سليمان فرنجية من اغتيالات سياسية لجر سلاح حزب الله. وفيما تسمع أصوات طلقات الرصاص في مناطق مختلفة والألعاب النارية أيضا من آن لآخر, انفجرت قنبلة في وقت متأخر مساء أمس الأول في منطقة محرم في طرابلس عاصمة الشمال بعد ساعات من انفجار أخري في منطقة باب التبانة. وفي الوقت الذي ضربت فيه بيروت أمس شائعات عن تحرك عناصر مسلحة من هنا وهناك, وجه جنبلاط رسالة إلي حزب الله وتيار المستقبل حذر فيها من الشحن والتحريض المذهبي الذي يضرب الوحدة الوطنية وانجازات المقاومة, وحذر حاكم مصرف لبنان البنك المركزي رياض سلامة من تداعيات الأجواء في البلد علي الاقتصاد الوطني. وفي مواجهة تحركات في بيروتوطرابلس وصيدا لدعم مرشح قوي14 آزار وسعد الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة, انطلقت تحركات في المقابل لدعم مرشح المعارضة رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي تعدد مناقبه وعائلة كرامي الوطنية, ورفع أنصار كل مرشح شعار لا بديل إلا هو, وقال مصدر نيابي إن هذه التحركات حملات دعائية يستخدم فيها كل فريق الشارع لتغطية موقفه السياسي. وفي هذه الأجواء, اتخذت السلطات الأمنية استعداداتها ليوم14 فبراير المقبل موعد إحياء الذكري السادسة لاغتيال رفيق الحريري, حيث ستكون الجماهير بالشارع, خشية أن يتحول إحياء الذكري في موعدها إلي موعد للصدام علي ضوء كون المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتياله هي أحد أسباب الخلاف الرئيسية بين الفرقاء. علي الصعيد السياسي: علي الصعيد السياسي, لم يختلف الوضع كثيرا, ففيما يبدأ سليمان غدا( الاثنين) المشاورات النيابية مع رؤساء الكتل البرلمانية لتسمية المرشح لرئاسة الحكومة الجديدة حمل زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع(14 آذار) سليمان مسئولية انقلاب الكفة من ترشيح سعد الحريري لرئاسة الحكومة لمصلحة مرشح المعارضة, وذلك بسبب تأجيل المشاورات لمدة أسبوع, مشيرا إلي أن الحريري كان يوم الاثنين الماضي المرشح بدعم من70 نائبا, وأدي التأجيل وما صاحبه من توقف المساعي السورية السعودية, والجهود القطرية التركية, إلي ميل الكفة لمصلحة المعارضة, وحمل جعجع سليمان المسئولية وطالبه بإعادة الحق لأصحابه. واندلعت حرب البيانات بين جنبلاط ورئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل من جهة, وبين الحريري من جهة أخري, فأصدر مكتب الحريري بيانا نفي فيه ما ذكره جنبلاط في مؤتمره الصحفي أمس الأول عن موافقة الحريري وتوقيعه علي مسودة تسوية تتضمن سحب بروتوكول التعاون بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة, بشأن المحكمة الدولية ووقف تمويل المحكمة وسحب القضاة اللبنانيين منها مقابل سلة من المكاسب الحكومية, وذلك في المسودة التي أظهرها جنبلاط في المؤتمر الصحفي. ورد مكتب الحريري ببيان أمس اعترف فيه بوجود هذه الورقة( المسودة) لكنه نفي توقيع الحريري عليها, موضحا أنها كانت تتضمن صيغة متكاملة للمصالحة الوطنية, وأن ما ذكره جنبلاط حول مصادقة الحريري عليها خطأ. ولم تمر سوي ساعات محدودة حتي أصدر مكتب نبيه بري بيانا أكد ما جاء علي لسان جنبلاط, وذكر أن رئيس حكومة تصريف الأعمال( الحريري) سلم الوفدين التركي والقطري عند وصولهما مطار بيروت يوم الثلاثاء الماضي ورقة تتضمن مشروع تسوية يلغي المعارضة. وفيما أكدت قيادات سنية خارج(14 آذار) أن الطائفة السنية أكبر من شخص, ولا يمكن اختزالها في شخص واحد, دخل المجلس الإسلامي الشرعي( السني) بقوة في المعترك السياسي وأصدر بيانا جدد فيه الثقة في الحريري بوصفه رمز المسلمين في لبنان, واتهم الآخرين بتحويل حرية الرأي إلي وقاحة, الأمر الذي اثار قيادات سنية في المعارضة. والتقي سعد الحريري مع أمين عام الجماعة الإسلامية( التي توصف بأنها فرع جماعة الإخوان المسلمين في لبنان) إبراهيم المصري لبحث الأوضاع علي الساحة قبيل عقد تيار المستقبل اجتماعا مساء أمس لمناقشة تحرك التيار السياسي, بينما كان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله التقي مساء أمس الأول مع جنبلاط لبحث آفاق المرحلة المقبلة, حسب بيان صدر عن الحزب. واستبقت المعارضة في شكل لافت الاستشارات النيابية ومشاورات تسمية المرشح وتشكيل الحكومة بالحديث عن ملامح المرحلة المقبلة وبرنامجها الوزاري( برئاسة كرامي) وأعلن جبران باسيل, القيادي في التيار الوطني الحر وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال, أن علي الحكومة المقبلة تنفيذ البنود التي اقترحها الحريري نفسه في ورقة مسودة التسوية, وهي سحب بروتوكول المحكمة كون لم يصادق البرلمان علي الاتفاقية ولم يوقع عليها رئيس الجمهورية حسب القواعد الدستورية, ووقف تمويل المحكمة وسحب القضاة اللبنانيين منها لإنهاء ارتباط لبنان بالمحكمة, وطبيعة الحال, إحالة ملف شهود الزور للقضاء العدلي والاهتمام بمعالجة مشاكل الناس ومعاناتهم في حياتهم اليومية من نقص الكهرباء إلي ارتفاع الأسعار, معربا عن اعتقاده في أن الحريري لن يستطيع تشكيل حكومة جديدة حتي لو أفضت المشاورات النيابية إلي حصوله علي تأييد الأغلبية في البرلمان. جدير بالذكر في شأن المحكمة أنه طبقا للنظام الأساسي لها, فإنها توجه القرار الاتهامي بعد اعتماده إلي الحكومة اللبنانية التي أناط بها النظام الأساسي تنفيذ الاستدعاءات واعتقال المتهمين وتسليمهم للمحكمة وتنفيذ الأحكام, ومن ثم فإنه حسب باسيل, فإن الحكومة الجديدة( برئاسة كرامي) ستتحرر من هذه الالتزامات. في غضون ذلك, ذكر المصدر النيابي ل الأهرام المسائي أن جهود اللحظات الأخيرة لإنقاذ لبنان من أي اضطرابات مستمرة, مشيرا إلي أن هناك مقترحات وأفكار يتم تداولها خلال الساعات الأخيرة من أجل تخفيف حدة الاحتقان في البلد, خشية تشكيل حكومة من لون واحد تدخل البلد إلي دوامة التعطيل تتضمن تأجيل المشاورات النيابية مجددا, واتفاق قوي14 و8 آذار علي مرشح ثالث, من بين نجيب ميقاتي رئيس الوزراء الأسبق أو محمد الصفدي وزير الاقتصاد والتجارة العضو القيادي بتيار المستقبل الموجود حاليا في السعودية, بوصفهما مقربين من الحريري.. وفي الوقت نفسه, يحظيان بتقدير واحترام في أوساط المعارضة, وذلك كحل وسط. إلي ذلك تعلقت أنظار اللبنانيين بنتائج المفاوضات بين إيران وأمريكا في إطار مجموعة(5+1) التي جرت في اسطنبول بعد فشل المساعي السورية السعودية والجهود التركية القطرية أملا في تفاهم أمريكي إيراني علي غرار ما حدث في العراق لإنهاء الأزمة السياسية في البلد. وكان السفير الإيراني في بيروت غضفروكف أبادي قد أعلن عقب لقائه مع العلامة الشيعي السيد علي فضل الله, أن مباحثات اسطنبول تناولت قضايا مشتركة بين إيران وأمريكا, وأن إيران علي استعداد لبذل أي جهد يطلب منها لدعم الاستقرار في العراق وتحقيق السلم الأهلي.