يفتتح الرئيس حسني مبارك الأربعاء المقبل أعمال القمة الاقتصادية العربية التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ بكلمة شاملة تتناول آفاق التعاون العربي في مختلف المجالات ورؤية مصر لمستقبله كما يتحدث الشيخ صباح الأحمد الجابر أمير الكويت كونه رئيسا للقمة السابقة وسوف تتجه القمة الاقتصادية العربية بقوة نحو العمل بعيدا عن الشعارات, وذلك انطلاقا من أن الاقتصاد هو السبيل الأمثل لنجاح العمل العربي المشترك. وسوف تشهد القمة العديد من التقارير المهمة تتصدرها تلك التي تتعلق بما صدر عن قمة الكويت والقرارات التي لم تنفذ بعد في إطار متابعتها للقمة الماضية, وهو الملف الذي يتصدر أعمالها وله الأولوية القصوي باتفاق الدول العربية. وسيتناول الملف الاقتصادي للقمة عددا من القضايا المهمة من بينها: سيناريو الأزمة المالية العالمية وآثارها علي الاقتصاديات العربية في ضوء ما تم تنفيذه من القرار الخاص الذي صدر في القمة الاقتصادية الأولي بمساندة الدول العربية لمؤسساتها المالية الوطنية وتعزيز الرقابة والإشراف عليها بل وممارسة الدول العربية لدور أكثر فاعلية في العلاقات الاقتصادية الدولية. وقد عرضت الدول العربية تجاربها في إطار الاجتماعات السنوية لمجلس محافظي البنوك المركزية ومؤسسات التمويل العربية بالإضافة إلي المشاركة الفعالة في الاجتماعات السنوية المشتركة لصندوق النقد والبنك الدوليين بتقديم خطاب عربي موحد أمام الاجتماعات. ويطالب المحللون بضرورة الاستمرار في تشجيع الشركات الإقليمية العربية خلال القمة القادمة, باعتبارها عنصرا إيجابيا للتعاون العربي المشترك والانطلاق نحو العالمية.. فالظروف مهيئة لأن تلعب هذه القمة دورا مهما في تفعيل التعاون الاقتصادي العربي حيث هناك اقتناع من معظم الدول العربية بأهمية هذا التعاون بل أن معظمها بدأ عمليات الإصلاح الاقتصادي والاتجاه نحو السوق الحر. ومع اقتراب اجتماعات القمة الاقتصادية الثانية يأمل المحللون بإزالة أسباب تعثر التعاون الاقتصادي العربي حيث إن هناك فرصا كبيرة ومناخا إيجابيا يتمثل في مشروعات البنية التحتية وما تمثله من فرص واعدة للاستثمارات العربية المشتركة, حيث أكدت الشركات العربية أن الربح في الاستثمارات في المنطقة العربية هو الأعلي من دول العالم الآخري والتي وصل حجم الاستثمارات فيها إلي20 مليار خلال السنوات العشر الأخيرة بعد أن كانت لا تتجاوز ملياري.. وهذا شيء إيجابي يجب أن يستثمر عليه خلال القمة القادمة. وفي هذا الإطار, جاءت أول مبادرة مصرية لزيادة دور القطاع الخاص في التكامل الاقتصادي من خلال لقاء موسع لأكبر الشركات العربية في29 ديسمبر2010 من مصر ودول الخليج والمغرب العربي والأردن وسوريا بهدف وضع رؤية وآليات عملية لتسريع وزيادة هذه الاستثمارات. وستعرض هذه الرؤية علي الملوك والرؤساء العرب خلال القمة الاقتصادية المقبلة لتوفير الغطاء السياسي والتشريعي الملائم لإطلاق مبادرة عملية وواقعية لدفع التكامل الاقتصادي العربي, وذلك من خلال مشاركة فعالة للقطاع الخاص في زيادة الاستثمارات العربية المشتركة والتجارة البينية العربية. وهذه المبادرة التي انطلقت من مصر يقودها القطاع الخاص بمشاركة28 شركة عربية كبري تبلغ استثماراتها500 مليار دولار.. فالمبادرة التي قبلتها هذه الشركات عبارة عن إنشاء كيان يمثل الشركات العربية الكبري التي تعمل في أكثر من دول عربية ولها مشروعات ترتبط بمنظومة الاقتصاد العربي وهذا الكيان له مثيل في أوروبا وهو بمثابة تجمع يضم أكبر45 شركة أوروبية تجتمع سنويا مع رؤساء ومسئولي الدول والمفوضية الأوروبية. كما أن القطاعات الإنتاجية والخدمية تفتح أبوابها أمام مشاركة القطاع الخاص مع الحكومة في الاستثمار الأمر الذي يزيد من دفع رؤوس الأموال العربية إلي مزيد من الاستثمارات في المنطقة العربية. كما سيعرض علي القمة الاقتصادية العربية القادمة التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ مشروع للمنظمة العربية للتنمية الإدارية حول تطوير دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالدول العربية, ويسعي هذا المشروع إلي وضع إطار عملي لتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتشغيل المرأة والشباب, كما يسعي إلي تحسين المؤشرات الصناعية والاجتماعية والاقتصادية في المنطقة. ويشير المحللون إلي أن الفجوة بين المنطقة العربية والمناطق المتقدمة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية مازالت موجودة علي الرغم من الجهود التي تبذلها الدول العربية من أجل تنمية الصناعات التحويلية خاصة الصناعات الصغيرة والمتوسطة حيث إن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي العربي مازالت لا تتجاوز10%. كما يهدف المشروع إلي المساهمة في تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي والحد من الفقر وزيادة التكامل الاقتصادي والتجاري من خلال تعزيز القدرات الإقليمية والوطنية في خلق فرص العمل وتشجيع الصادرات وتنمية القطاعات الصناعية ذات الأولوية لتصل إلي المستويات الدولية وتحقيق المنافسة الفعالة في الأسواق المحلية والإقليمية. ويهدف المشروع المقترح أيضا إلي جعل الإطار الاقتصادي والمؤسسي والتشريعي ملائما ومحفزا لتنمية وتطوير القدرة التنافسية للمنتجين المحليين من الحجم الصغير والمتوسط والتركيز علي تقوية البنية التحتية للجودة في العالم العربي من خلال تعزيز قدرات المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين, بل والعمل علي إزالة بعض المخاطر التي تكمن في عدم إتاحة الأموال اللازمة لتنفيذ البرنامج المقترح وعدم تعاون البلدان العربية بشكل جاد مع اليونيدو خلال المراحل المختلفة للبرنامج. ومن أهم أولويات القمة الاقتصادية المقبلة مشروعات ربط الدول العربية في شبكات الكهرباء والسكك الحديدية والطرق البرية, باعتبار ذلك المحور الأساسي للتكامل الاقتصادي العربي. وفيما يتعلق بالقرار الخاص بالربط الكهربائي العربي الذي طالب الدول في القمة الاقتصادية الاولي باتخاذ الخطوات اللازمة لوضع مشروعات الربط الكهربائي موضع التنفيذ, وافق الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي علي إنجاز دراسة الربط الكهربائي العربي الشامل بالاستعانة بأحد بيوت الخبرة الاستشارية كما تم الاتفاق مع البنك الدولي علي أن يقوم( البنك) بتنفيذ الجزء الثالث من دراسة الربط الكهربائي العربي الشامل وتخصيص700 ألف دولار لتمويل تنفيذ الدراسة لعامي2011 و2012. وبالنسبة لمخطط الربط البري العربي بالسكك الحديدية ومطالبة القمة الاقتصادية الأولي الدول باتخاذ الخطوات اللازمة لتعديل مواءمة التشريعات الوطنية والأطر التنظيمية ذات الصلة للتمويل وتنفيذ هذه المشروعات, فقد حدد مجلس وزراء النقل العربي خطوات تنفيذ قرار الربط البري بإنجاز الدراسة الفنية, وهو الصندوق العربي للانماء ووضع نظام موحد للتشغيل علي الشبكة الحديدية بل ووضع تصور لآلية تمويل تنفيذ مشروعات المخطط علي أسس تجارية..وقد تم تنظيم ورش عمل بهذا. وأرست الدراسة لمخطط الربط البري علي أحد بيوت الخبرة للبدء فعليا في تنفيذ الدراسة في2010 وأعدت بعض الدول إستراتيجياتها لتطوير السكك الحديدية مثل الأردن واليمن وسوريا وطلب السودان عرض مشروع وادي حلفا- أسوان وتكلفته التقديرية515 مليون يورو علي القمة22 لتمويله أيضا.. وتم الانتهاء من دراسة الجدوي الاقتصادية لمشروع إنشاء شبكة السكك الحديدية لدول مجلس التعاون الخليجي. كما تتابع قمة شرم الشيخ آليات تنفيذ ما أصدرته القمة الأولي الخاصة بالبرنامج الطاريء للأمن الغذائي, حيث تم الانتهاء الفعلي من إعداد مشروع الإدارة المتكاملة للمياه واعتمد من المجلس الوزاري العربي للمياه ووجهت خطابات إلي مؤسسات التمويل العربية لتمويل المشروع وتم الانتهاء من تنفيذ القرار بنسبة90% بشأن إعداد إستراتيجية الأمن الغذائي العربي. وستصدر قمة شرم الشيخ إعلانا ختاميا يحمل اسم إعلان شرم الشيخ سيؤكد علي أهمية دعم العمل العربي واستكمال مسيرة التعاون الاقتصادي وتنفيذ القرارات التي صدرت سواء من خلال القمة الماضية بالكويت أو القمة القادمة في شرم الشيخ.