واستنادا إلي الخبير الاستراتيجي موريل ميراك فايسنباخ في مقالة بعنوان قتل حريري لبنان لصنع انطلاق نظيف : إن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الحريري في بيروت, تم التخطيط له بعناية والتنفيذ تم ببراعة, من أجل أن يقود لسلسلة من الأحداث في المنطقة, من شأنها أن تتطابق والسياسات بعيدة الأمد لزمرة الأيباك وحلفائهم المحافظين الجدد, الذين يديرون واشنطن. جريا علي هذا النسق من جرائم بث الفتن, تم التخطيط والتنفيذ لجريمة كنيسة القديسين بالاسكندرية أخيرا, علي يد من يجيدون الولوغ في دماء الأبرياء, وهم مغيبون عن الوعي, ويؤدون أدوارهم بهمة, وهل هناك من دليل أبلغ من اعتراف المرء علي نفسه؟! في أكتوبر الماضي صرح اللواء عاموس يادلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية( امان) خلال مراسم تسليم مهامه للواء( افيف كوخافي): لقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية في أكثر من موقع, الطائفي والاجتماعي, لخلق بيئية متصارعة متوترة دائما, ومنقسمة إلي أكثر من شطر. بغية تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية. ومن الجدير بالتنويه إليه هاهنا, أن ما تم ذكره من اختراقات, هي من صميم مهام جهاز الموساد الاسرائيلي, الذي غالبا ما يغلف مهماته بالصمت التام, وهكذا لن يتسني لنا هنا فهم الأحفاد, إلا إذا تسني لنا فهم الأجداد. المستفاد مما جاء في المصادر الجديرة بالثقة, أن بين اليهودية والمسيحية خلافا علي ميراث, وأي ميراث؟!, بينهما خلاف علي ملكوت الأرض والسماء, فاليهودية تدعي أنها تراث العهد القديم, والمسيحية تثبت حقها بهذا الارث في وجه اليهودية, وبينما تنام المسيحية علي أكاليل الظفر, تتأجج البغضاء في قلب اليهودية الخاسرة, وفي صراعها الضاري ضد المسيحية, استعملت اليهودية كل وسيلة ولدتها قرائح ابنائها المضطرمة بغضا وانتقاما, وتبتدئ سلسلة الإجرام اليهودي بمقتل المسيح, وتتصل حلقات هذه السلسلة الدامية يوما بعد يوم, ولسنا نطمع في هذه الدراسة المقتضبة أن نؤرخ لتلك الجرائم, فذلك يحتاج إلي عدة مجلدات, لذلك سنكتفي بالسماع لشهادة ثلاثة من القديسين كانوا شهود عيان: يقول القديس جوستين النابلسي الذي استشهد عام1965 م: إن اليهود قتلوا المسيحيين كل مرة استطاعوا إلي ذلك سبيلا, ويقتلونهم كل مرة يستطيعون. ويقول القديس باسيل في القرن الرابع:.. كان اليهود الوثنيون يقتتلون فيما مضي, أما اليوم فكلاهما يحارب المسيحية. ويقول مارسمعان: إن اليهود هم أعداء النصاري الدائمون ومما لا ينبغي إغفاله. أن سهام اليهودية المسمومة لا تصيب المسيحية فحسب, بل تصيب أيضا جميع الأديان الأخري, لأن اليهودية كي تصيب المسيحية, تهدم الأركان التي يقوم عليها كل دين. وجريا علي هذا النسق. يكره اليهود الإسلام, لأنه يسلبهم احتكار مبدأ الروحانية. ولأن الإسلام يتسامي في مبادئه علي اليهودية بما لا يقاس, بالاضافة إلي عالمية الدين الإسلامي, وفوق هذا وذاك, لما بين الإسلام والمسيحية من قربي وتعاطف, ذلك أن الاسلام كان أول من دافع عن العقيدة المسيحية الصحيحة, وسفه أقوال اليهود في السيد المسيح ووالدته العذراء مريم وعلي مدي التاريخ الطويل نجد مواقف تنم عن حب الخير والتعاون. والرغبة الأكيدة الصادقة علي الالتقاء علي الحق ونبذ الخلافات, وهكذا تفجرت الطاقة اليهودية المتوهجة بسعير الدمار والكراهية منذ بزوغ فجر الإسلام, وما اقترفت يد اليهودي عبد الله بن سبأ نموذجا وفي رأي الاخباري سيف بن عمر: أن ابن سبأ وطائفته السبئية, كانوا من أول الأمر أصل البلاء كله في تاريخ الدولة الإسلامية, وهم قتلة عثمان بن عفان, وفاتحو باب الفتنة والحرب الأهلية, ومؤسسو حزب الخوارج الثائرين, وهم السبب في قتل المسلمين بعضهم بعضا. وغني عن البيان, أن ما كتبه وليم شكسبير عن شيلوك اليهودي, قد أصاب فيه كبد الحقيقة في تصوير سلوك ونفسية اليهود الحقودة, السبب الأساسي في تخريب اقتصاديات أوروبا ابان الحملات الصليبية, وتمويل الحروب الأهلية, والثورات التي حدثت في روسيا واسبانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا والمجر وغيرها, وخروجهم من جميع هذه الكوارث الكبري رابحين. وقد ابتكر مفكرو اليهود غداة ظهور الصهيونية أو قبلها سلسلة طويلة من الأفكار المدمرة القادرة علي تفجير الألغام, لو سارت اللعبة علي هواهم, وتبلور ذلك فيما سمي بروتوكولات حكماء صهيون التي ورد في احدها: لابد من تبني نفسية الجماهير للتمكن من السيطرة علي زمامهم, ذلك أن الجماهير عمياء عديمة التفكير وسريعة الانفعال, وهي دوما تحت رحمة أي تحريض من أي طرف, وفي اللحظة التي تحصل فيها الجماهير علي حريتها, ينبغي أن نعمل علي نقلها فورا إلي فوضي. وهكذا يستطيع المرء أن يدرك وبسهولة بالغة, أهمية معرفة الأجداد لفهم الأحفاد. فما صرح به عاموس يادلين كان يبشر به حكماء صهيون في بروتوكولاتهم منذ عشرات السنين, وعند هذا الحد, لا ينبغي أن تشغل بالنا تلك الاتفاقيات التي عقدتها اسرائيل مع بعض الدول العربية, كما لا تشغل بال المركز الصهيوني في واشنطن وتل أبيب, إنما الذي يشغل بال الصهاينة والمحافظين الجدد, بل يمثل الشاغل الأساسي, أن التحولات الديمغرافية( السكانية) في الشرق الأوسط في أفقها المنظور, ستبدل تاريخ المنطقة, وستمثل أحد أهم التحولات الضخمة, ففي عام1980 كان المسلمون يشكلون18% من سكان العالم, وبحلول الربع الأول من القرن الحادي والعشرين, سيشكلون أكثر من30%, فمصر تقفز إلي حدود120 مليونا قبل حلول منتصف هذا القرن, وسوريا والسعودية ستتضاعف ثلاث مرات, أما إيران فإن نموها سيكون انفجاريا, يضاعف من تأثير ذلك تضخم البنية السكانية الشابة في الهيكل السكاني لهذه الدول, التي ستصبح أعمدتها تحت ضغط هائل لأجيال جديدة شابة, تتميز بوعي وطني متصاعد يرفض التدخل الاجنبي, ويقوي روح المقاومة ضد الهيمنة الأمريكية الصهيونية وسقوط شاه ايران سيظل درسا بليغا محفورا في الذاكرة السياسية الأمريكية والاسرائيلية.