هبت عاصفة الحزم التي شنتها قوات التحالف العربية بقيادة سعودية مدعومة من9 دول عربية إضافة إلي باكستان علي مواقع ومراكز سيطرة الحوثيين بمحافظات اليمن المختلفة في موعدها بالضبط, قبل انفراط عقد البلد نهائيا وقبل ضياعه إلي غير رجعة. فاليمن كان علي شفير الضياع التام بعد انهيار كل أشكال المقاومة أمام الزحف الشيعي المنظم والمدعوم بقوة من طهران بعد استقبال مطارات اليمن عشرات الطائرات الإيرانية محملة بالأسلحة والذخائر والمساعدات الطبية وغيرها لتثبيت دعائم ما تصورته إيران نفوذا قاطعا لها في هذا الموقع الحيوي من العالم. كانت الضربات الجوية قوية ودقيقة وصادمة لكل من جماعة أنصار الله الشيعية ومن ورائها إيران اللذين غرتهما انتصارات ميليشيات الحوثي الهشة علي الجيش اليمني واللجان الشعبية واجتياحها السلس لكل المدن اليمنية. فالأوضاع علي الأرض كانت تنذر بنجاح الحوثيين بالتواطؤ مع القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والأمن المركزي في اختطاف البلاد بالكامل إلي المجهول بعد اكتمال سيطرتهم علي العاصمة صنعاء بكل ما فيها من مؤسسات الدولة اليمنية بدءا من القصر الرئاسي ومقر وزارة الدفاع والمخابرات العامة والحربية حتي مقار الوزارات, إضافة إلي المطارات المدنية والعسكرية, والتسلل بليل إلي باقي المحافظات الجنوبية من تعز إلي إب إلي الضالع ثم عدن وكأن ما جري كان جزءا من فيلم كارتوني لا تحكمه موازين قوي ولا منطق ولا يخضع لقواعد الاشتباك ولا يستقيم مع أي تحليل سياسي أو عسكري, بينما كان يعتبر تمهيدا لتسليم البلاد لفوضي شاملة ولاقتتال ضال علي غير هدي بين الميليشيات والقوي المتصارعة. الحوثيون عربدوا في طول البلاد وعرضها بغير ضابط ولا رابط, وحاولوا بكل جهدهم ابتلاع اليمن كله بكل مكوناته القبلية المعقدة في قضمة واحدة, رغم أن عددهم وطبيعة تدريبهم وتسليحهم لا تتيح لهم مثل هذه الخطوة. الانتصارات الهشة التي حققها الحوثيون- بتواطؤ سافر من وحدات الجيش والشرطة الموالية لصالح- هيأت لهم أنهم قادرون علي التهام اليمن وفرض كلمتهم وشرعيتهم علي الشعب اليمني بكل طوائفه, وأنستهم سكرة تلك الانتصارات المؤقتة البعدين الإقليمي والدولي والحسابات الجيوسياسية في هذا الصراع, وغرهم صمت دول الجوار, وربما صور لهم الغرور أنها ستظل صامتة إلي الأبد. جاءت العاصفة لتنبه من يديرون الصراع اليمني من طهران إلي أنه ليس أسهل من بتر يدها في هذه المنطقة, من خلال إجهاض مشروعها التوسعي ووضع حد لعربدتها ومحاولاتها للهيمنة علي باب المندب, وزعزعة استقرار اليمن والدول المجاورة له, وإن نجحت في تنفيذ هذا السيناريو في العراق وسوريا ولبنان لاعتبارات معروفة. ولعل لجوء الحوثيين أمس إلي نشر مركباتهم العسكرية المحملة بمضادات الطائرات في عدد من الأحياء السكنية والشوارع الرئيسية وفوق أسطح البنايات العالية في صنعاء أملا في مواجهة العاصفة يكشف مدي الارتباك في صفوف ميليشيات الحوثي, وهي كلها محاولات غير أخلاقية وغير مسئولة من شأنها تعريض المدنيين للخطر واستخدام المدنيين كدروع بشرية لن تجدي شيئا في الصراع بعد خروج العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وباقي الدول العربية والإسلامية المشاركة في التحالف العربي عن صمتها بعد نفاد صبرها أمام العربدة الحوثية الإيرانية في اليمن.