موقف مذهل عاشته مصر وهي تستمع إلي آراء الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن حول تنظيم داعش ليبيا, والذي يعيد إلي الاذهان اعمال السحرة والحواة في الأسواق الشعبية, الذين يخدعون أبصار الناس بألعاب بهلوانية تعتمد علي خفة الحركة, وسرعان ما يكشف المشاهدون خديعتهم, ويعتبرونها نوعا من أنواع الفكاهة والمرح, من شخص يحتاج إلي المساعدة,فيلقون اليهم بعض النقود شفقة ورحمة, فأمريكا تبرهن كل يوم انها هي من أسست ودعمت, وكونت تتار العصر الحديث الملقب( بداعش), ليكون بديلا مدمرا للاقطار العربية بعد ان فشل الطابور الخامس في ربيعهم العربي, ومن بعده جماعة الإخوان في تنفيذ المهمة,ويوفر علي الأمريكان نزولا مذلا علي الأرض كما حدث في احتلال الجيش الامريكي للعراق, ولذلك تحاول أن تحافظ أمريكا علي داعش في منطقة تصلح ان تكون دولة قابلة للحياة تتمدد لاحقا وفقا للخطة الامريكية, أو تبقي سببا للإبتزاز وبيع صفقات سلاح للمنطقة كلها, وعندما أمعن الدواعش في الذبح والحرق, والقتل والتدمير بصور يندي لها الجبين, وعندما انحرف التنظيم عن المخطط واتجه إلي الأقليم الكردي الذي تريد أمريكا أن يكون دولة في خريطة تقسيم العراق, تحركت أمريكا للدعوة إلي تحالف دولي لوقف تمدد داعش في المدن الكردية, وليس القضاء علي التنظيم, وهنا فطنت مصر للعبة الامريكية ورفضت المشاركة بالقوة العسكرية وقالت سنشارك بالمعلومات, وسنقاتل التنظيم إذا اقترب من مصر, وبدأت مصر فعلا مواجهة الإرهاب في سيناء قبل وبعد أن بايع الدواعش وظهر بصورته المروعة يذبح ويقتل أهل سيناء, وعندما استفحل التنظيم بالقرب من حدودنا الغربية وداخل ليبيا, تأكت مصر أن داعش العراقوسورياوسيناء هم أنفسهم داعش ليبيا وأن هدفه هو مصر, وعندما وصل تهديدهم إلي ذبح العشرات من ابناء مصر الأقباط رأت مصر أن التدخل العسكري الحاسم أصبح فرض عين يكفله القانون والدستور الذي يلزم الحكومة ورئيس الدولة بالحفاظ علي المصريين وضمان أمنهم في الداخل والخارج, وبدأت تحركا دوليا واخطرت فرنسا وايطاليا ودول عربية شقيقة بالتحرك العسكري المشروع, وهنا فقط ظهر الوجه الحقيقي للولايات المتحدة التي فوجئت بالتصرف المصري المستقل, فأبدت انزعاجا لا مثيل لهوكأنها ولي أمر المنطقة كلها, بل الأدهي والأمر أنها طالبت باللجوء إلي الحلول السياسية في ليبيا بعيدا عن العمل العسكري, وكأنها تقول إن داعش الأسود في العراقوسوريا يختلف اختلافا جذريا عن داعش الأبيض في ليبيا,رغم انهما يحملان لون الدم فقط في كل مكان, وهو تأكيد للكيل بمكيالين الذي يمثل سمة أساسية للسياسة الامريكية علي الدوام, وهنا لا بد من وقفه تفسر الموقف الأمريكي الغريب الذي حال دون موافقة مجلس الأمن الدولي علي السماح باستخدام القوة ضد داعش ليبيا..أي حل سياسي مع من اتخذ الذبح والحرق أسلوب حياة, وأي نوع من السياسة يؤمن به هؤلاء الذين لا يؤمنون بوطن أو تعاليم دين سمح, أو حتي مبادئ الإنسانية, والغريب حقا هو تراجع فرنسا وإيطاليا عن تأييد الخيار العسكري ضد دواعش ليبيا اتساقا مع الرغبة الأمريكية الشريرة, رغم أن الهدف القادم لداعش ليبيا سيكون حتما أوروبا بداية بإيطاليا وفرنسا باعتبارهما الدولتين الأقرب للحدود الليبية, المؤكد أن أمريكا لديها أجندتها الخاصة, والمؤكد أيضا أنها لا تريد القضاء علي داعش سورياوالعراق أو داعش ليبيا, وهي تلاعب الجميع ليظل التنظم الدموي شوكة في ظهر كل الدول العربية, خاصة دول الخليج ومصر, وأن التنظيم هو أداة التخويف الأمريكية الجديدة في المنطقة كلها, وهي تعلم تمام العلم أن داعش ليبيا لا يقل شراسة ودموية عن داعش سورياوالعراق, وكلاهما من صنف تكفيري واحد لايقيمون وزنا لحرمة الدم أو العرض أو تراب الوطن, صنيعتهم الدم بأموال حرام تتدفق عليهم جوا وبرا. [email protected]