فاكرين شخصية أبو لمعة في التراث السينمائي المصري بفترة الخمسينيات والستينيات, والتي كان يؤديها الراحل محمد أحمد المصري أحد أبطال الفرقة المسرحية ساعة لقلبك رحمة الله عليهم جميعا. كانت الشخصية تعبر عن نموذج كداب كدب الإبل وفشار فشر السنين هتقوللي هي الإبل بتكدب ؟ هقولك والنبي ما اعرف هما بيقولوا كده, طول الوقت بيحكي عن بطولاته, وإزاي عمل العمايل وسوي الهوايل... بصراحة كانت الشخصية مضحكة وكان الممثل القدير صاحب طلة كوميدية وإفيه ذي طابع خاص. ولكن هل كانت هذه الشخصية تعبر عن نموذج موجود بالفعل في المجتمع المصري آنذاك ؟؟ أقولها وبكل ثقة.. نعم بالتأكيد, فهذا نمط لسلوك إنساني موجود بين البشر جميعا علي اختلاف النوع واللون والأصل.. أي أنها صفة سيكولوجية مرتبطة بالإنسان كإنسان,; يعني ممكن تلاقي واحد ياباني كداب, واحد إنجليزي فشار, واحد أمريكاني هتاش.. عادي مافيهاش مشكلة, ولكن نسبة وجود هذه الشخصية بين أبناء المجتمع المصري ما اعتقدش إنها كانت كبيرة ولا هتكون في وقت من الأوقات لأنها في النهاية قد تصنف كمرض نفسي غير منتشر بين المصريين. إلا أنه وفي الآونة الأخيرة ظهرت وبشكل لافت للنظر شخصية أخري هي شخصية أبو العريف حيث انتشر هذا النمط انتشارا كبيرا. ما شاء الله مفيش شلة ولاد أو بنات إلا وفيها أبو العريف أو أم العريف.. كبار أو صغار, ستات بيوت, أرباب عائلات, متعلمين وغير متعلمين, موجود بينهم فتايين, واقفين قاعدين ماشيين, بنتكلم في السياسة في الاقتصاد في الفن... في الدين- آه والله في الدين- تخيلوا في الدين بقي فيه فتايين, مدعين للعلم والمعرفة بظواهر الأمور وبواطنها... والأكثر من ذلك ان لكل إنسان في شخصيته أكتر من جانب, بمعني انه ممكن أنا أو أنت لما نقلب في جوانب شخصياتنا نلاقي فيها جانب بنلعب فيه دور أبو العريف وإحنا مش واخدين بالنا. تجربة... جرب كده تسأل حد انت تعرفه كويس وتعرف مجال تخصصه ومستوي تعليمه وحدود ثقافته واختار سؤال في أي مجال بعيد عن مجال دراسته و اهتماماته.. هيكون هناك احتمال من اثنين لا ثالث لهما, الأول انه يقولك معرفش, ماقدرش أفيدك, وابقي قابلني لو هذا النموذج الخرافي قابلك, ولو قابلك اتأكد من جنسيته لأنه أكيد مش مصري, ولو مصري اقري المعوذتين وآية الكرسي علشان ده أكيد عفريت, أما الاحتمال الثاني وهو الأقوي بشكل مبالغ فيه بنسبة قد تتعدي النسبة المئوية القصوي انه هيبدأ كلامه معاك بهمهمة خفيفة كدة تدل علي استرجاع بعض معلوماته عن هذا الموضوع- الذي قد لا يكون سمع عنه من قبل ولو لمرة واحدة ويتعدل في قعدته أو وقفته كده ويبصلك جامد بمنتهي الثقة ويقولك أنا سمعت أو قريت عن الموضوع ده كذا وكذا وكذا, بس بصراحة أنا ما اقتنعتش بالكلام ده وشايف ان الموضوع كذا وكذا وكذا جرب كده, وابقي قوللي نتيجة التجربة, وكمان ابقي جرب نفس التجربة بالعكس, يعني راقب نفسك وشوف لما حد بيسألك عن حاجة متعرفهاش, أو شيء ما سمعتش عنه هل بتقول معرفش ومسمعتش؟وألا بتتكسف, وتبدأ شخصيتك في التحول لا إراديا لأبو العريف, وتبدأ مرحلة التسخين والإحماء بالهمهمات غير المفهومة والنحنحة واستخدام تعبيرات الوجه المختلفة التي تدل علي التفكير العميق والدخول في دهاليز الذاكرة لاسترجاع ما علق بها من معلومات مؤكدة عن موضوع النقاش. إخوتي وأخواتي الأعزاء أوصيكم وأوصي نفسي... بطل تلعب دور أبو العريف لأنك بإدعائك للمعرفة قد تؤذي شخصا أو مجموعة أشخاص أو مجتمعا أو أمة بالكامل, فالجهل وإن كان مرضا إلا انه لا يؤذي إلا صاحبه, فلا تشارك في نشر المرض فتكون ضالعا في تجهيل وتزييف وعي مجتمع بالكامل نتيجة سلوك غير مسئول من أشخاص يدعون المسئولية والفهم. أعزائي من قال لا أعلم فقد أفتي, وتقال أيضا علي لسان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه من قال لا أدري فقد أحرز نصف العلم, اللهم أهدنا جميعا إلي سواء السبيل.