يبدو أن الولاياتالمتحدة عازمة علي المضي قدما في مخططها تجاه الشرق الاوسط, ويبدو أن ما حققته من فشل خلال الأعوام الأربعة الماضية لم يشف غليلها, ولم يقنعها بالتراجع, أو حتي التوقف, وأن سياستها نحو التقسيم والتفتيت, نافذه كالسكين في الجبن, وأن أي خلاف بين الحزبين الأمريكيين( الديمقراطيين والجمهوريين) يكاد يكون صفرا تجاه ما يحاك للمنطقة كلها, فقط خلاف علي التكتيك, وصراع لفظي حول أولوية تحقيق الهدف. أقول ذلك بعد أن صدرت وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة, وهي وثيقة تصدر كل أربع سنوات تحدد نهج السياسة الخارجية, مفادها أنها ستبقي القوة العالمية المهيمنة, لكنها فقط تحتاج إلي التعرف علي القيود المفروضة في قدرتها علي التأثير في الأحداث والأزمات المعقدة. والأغرب في هذه الوثيقة ما تضمنته بأنه ينبغي علي الولاياتالمتحدة, أن تتحلي بسياسة( الصبر الاستراتيجيوالمثابرة) في مواجهة التحديات خاصة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط, وأن الولاياتالمتحدة ستظل لديها قدرة فريدة لتعبئة, وقيادة المجتمع الدولي, لتنفيذ سياستها اعتمادا علي الأصدقاء. والمؤكد أن سياسة الصبر الاستراتيجي هو نوع جديد من المماطلة الأمريكية والضحك علي الذقون العربية, لا تؤدي إلا الي اطالة امد الفشل, ولا تؤدي إلي تخويف داعش ليتوقف عن الذبح, أو اقناع جماعة الأخوان المسلمين أن تتوقف عن التفجير, وصنع الكوارث في مصر, أو ترعب تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا الذي هو فرع مسلح للإخوان المسلمين أو تقنع كتائب عز الدين القسام في غزة بأن تتوقف عن مساعدة كفار بيت المقدس في سيناء, وتلتفت الي تحرير الارض الفلسطينية المحتلة أو تنتقم ممن ينتهك أعراض الفسلطينيين ليل نهار في الضفة الغربية, والواضح أن أمريكا لا تعلن سياستها صراحة, بل تكيد كيدا ليظهر الهدف الحقيقي في النهاية, ويتمثل في إنهاء وجود أي نوع من الجيوش النظامية في المنطقة كلها, وجعل هذه الدول كومة من تراب, ومعسكرات من اللاجئين, قبل أن تنسحب مجبرة من المنطقة كلها. لا يختلف الأمر بين الحزبين الكبيرين, ولكن الخلاف فقط في تكتيك التنفيذ علي الأرض, وهو ما يوضح الفرق بين التكتيك الذي اعتمده جورج بوش الابن في إدخال الولاياتالمتحدة بحروب مباشرة في أفغانستان والعراق, والتكتيك الحالي لاوباما الذي يعتمد( الصبر الاستراتيجي) مدعوما بالمال والسلاح والإعلام إلي أن ينفذ العملاء المهمة, سواء ارتدوا القبعة الأمريكية صراحة كالبرادعي والطابور الخامس, أو ارتدوا زي الدراويش, وحملوا المسابح, ورفعوا رايات التوحيد المزورة مثل الإخوان المسلمين, ومن يسير في ركابهم, كداعش, والنصرة, والقاعدة, وأنصار الشريعة, الفرق ليس كبيرا, ولكن لأوطان والشعوب هي الضحية الأولي والأخيرة., ويمكن القول أن هذه السياسة الأمريكية الخبيثة التي تعتمد علي تكوين تحالفات مع جماعات, ونخب هي في الغالب لديها استعداد فطري للعمل المسلح بدلا من القيام بعمل منفرد, هي صلب سياسية( الصبر الإستراتيجي) للرئيس الأمريكي منذ سنوات, وهو ما شهدناه واضحا جليا في ليبيا وسوريا والعراق واليمن, والأغرب أنها تعتمد علي أي جماعة أو قوة منظمة سريه او علنية, أو طائفة أو مذهب, تكون نتيجة حماقته في النهاية يخدم السياسة الأمريكية, جتي لو كان عدوا لدودا, لتكون نتيجة الصراع الداخلي في صالح أمريكا مهما يكون إسم الفائز أو الخاسر, وهو تفكير شيطاني لصنع الفتن, حيث يصنع الصراع لكي تكون النتيجة النهائية في صالح الصانع الشرير, ومهما كانت الخسائر, وهي سياسة من صنع الشيطان الأكبر حقا, إعتمدت بشكل أساسي علي الاستثمار بالآخرين المغيبين, وسواء كانوا من الحلفاء, أو حتي من الد الأعداء, هذه السياسة حولت الربيع العربي إلي جحيم, وثورة الإصلاح إلي نكسة للخراب. [email protected]