علي مدي اليومين الأولين من الشهر الجاري وبينما السماء تلبد بالغيوم لتصل درجات الحرارة الي ما يقرب من الثلاثين درجة تحت الصفر, استقبلت العاصمة الكازاخية الأسطنه زعماء ورؤساء قارة أوروبا وليس بعيدا علي هذا البلد الفتي الذي أستطاع أن يعمل طيلة العشرين عاما السابقة علي استضافة قمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي علي الرغم من الخلافات السياسية فيما بين أعضاء المنظمة وبعضها البعض أن يجمع هؤلاء الرؤساء فحسب, بل ليؤكد أن التحول الذي جري للمنظمة قبل وأثناء القمة يشير الي شرارة جديدة في روح المنظمة حسبما توقع الكثيرون من حيث تفعيل دورها الأمني الذي يعاني منه العديد من الاعضاء نظرا لإعتماد الدول الكبري منهم علي حلف الشمال الأطلسي عوضا عن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي, بدورها أدركت قيادة كازاخستان, التي تقع في آسيا وأوروبا في آن واحد, مهمتها التاريخية, وهي أن تصبح جسرا بين الغرب والشرق, فهي تبحث دوما عن الأشكال الجديدة للحوار الدولي, انطلاقا من مؤتمر التفاعل والثقة في آسيا, وصولا إلي المؤتمر الدولي لزعماء الأديان, حتي منظمة الأمن والتعاون الأوروبي كما أنها تلعب دورا رئيسا في منظمة شنغهاي للتعاون, وهي التي تضم دول آسيا الوسطي السوفياتية السابقة, حتي تترأس العام المقبل وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي, في ظل رئاسة مصر للمنظمة العام المقبل, لتأتي هذه الشراكة في العمل السياسي الدءوب تتويجا للعلاقات المصرية الكازاخية المتميزة والتاريخية والتي تمتد مع امتداد المساحة الجغرافية بين القاهرة والأسطنه لتصنع من خلالها روابط سياسية عريقة يشهد عليها الزمان حيث الدور الذي قام به الزعيم الكازاخي الكبير الظاهر بيبرز في حماية الحضارة الإسلامية من الغزو التتاري, والمنصور سيف الدين قلاوون الألفي أحد أشهر سلاطين المماليك البحرية والذي رأس أسرة حكمت مصر والمشرق العربي مايزيد علي قرن من الزمان, والذي وأبلي بلاء حسنا في معركة المنصورة, وعلا شأنه بعد ذلك, فكان من كبار الأمراء أصحاب النفوذ في دولة بيبرز, فهناك وفي بلاد تسمي بما وراء النهر تقع دولة كازاخستان والتي كانت ضمن دول الإتحاد السوفيتي السابق ومع قيام روسيا والجمهوريات السلافية الواقعة في القسم الأوروبي بتفكيك الاتحاد, أعلنت كازاخستان استقلالها في الأول من ديسمبر من العام1991 لتشهد الاعوام التالية هجرات جماعية واسعة خاصة من قبل أناس غير الكازاخ ليسكن البلاد حتي الآن16 مليون نسمة65% من الكازاخ والباقي من الجنسيات الأخري لكن أغلبهم من الروس. جاءت زيارة السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الي العاصمة الكازاخية أسطنة لتمثيل مصر في قمة منظمة الامن والتعاون الأوروبي, تأكيدا علي عمق العلاقات الثنائية المتميزة بين مصر وكازاخستان كدولة هامة وقائدة في منطقة آسيا الوسطي, حيث سلم خلالها أبو الغيط رسالة من الرئيس مبارك الي الرئيس الكازاخي تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين, كما تضمت أيضا دعوة من الرئيس مبارك الي الرئيس نور سلطان نزار باييف لحضور قمة منظمة المؤتمر الإسلامي التي ستعقد مارس القادم بشرم الشيخ, وقد أبدي باييف سعادته لحضور القمة, وصرح سفير مصر في كازاخستان عبد الله العرنوسي بأن الرئيس باييف سيكون علي رأس المتحدثين فيها, حيث سترأس كازاخستان المجلس الوزاري للمنظمة في يونيو المقبل, مشيرا إلي قرب عقد اللجنة المشتركة بين البلدين دورتها الخامسة قريبا. في هذا الصدد أكد السفير العرنوسي إنها لاتزال تحتاج الي قوة دفع كبيرة; فعلي الرغم من أن حجم التبادل التجاري قد قفز في العام2008 ليصل250 مليون دولار ويرجع ذلك الي توسع مصر في استيراد القمح الكازاخي, بيد أن هذا الرقم انخفض في العام2009 فلم يتجاوز50 مليون دولار بسبب الأزمة المالية العالمية, فضلا عن تركيز العلاقات التجارية بين البلدين علي عدد محدود من السلع.