إذا كانت مدينة دمياط تحتل المركز الأول في صناعة الأثاث بمصر, فإن قرية البجلات بمحافظة الدقهلية هي القلعة الثانية لهذه الصناعة والتي اطلق عليها الاهالي منذ زمن ليس بالبعيد بأنها دمياطالدقهلية الا ان تلك القرية التي تتبع مركز منية النصر اصبحت مشاكلها لا حصر لها ومعاناة أهلها مع الروتين والإهمال لا تنتهي وترجع شهرة تلك القرية الي عصر محمد علي, حيث اشتهرت هذه القرية قديما بأنها كانت المعسكر الرئيسي لجيش الوالي محمد علي في الوجه البحري حيث انتشرت ورش النجارة والموبيليات في كل مكان بالقرية ويعمل بها عدد كبير من الأهالي.. لكن حياتهم ليست مريحة كما يتخيل البعض, والسبب الكهرباء والتي قرر المسئولون بالمديرية ترشيدا للطاقة تخفيض نسبة استهلاكها بعد السادسة مساء علي مستوي القرية كلها وبالتالي ممنوع علي أي ورشة أن تعمل بعد هذه الساعة. ويشير صاحب إحدي الورش إلي أن هذا يعني ببساطة أنها تعمل نصف يوم تقريبا وبالتالي تستعين بعمالة أكثر لكي تلبي الطلبات, خاصة أن معظم إنتاجها يتم تصديره للخارج. ويلفت النظر لمشكلة أخري لها علاقة باتصالاته مع العملاء, وهي أن تليفونات المحمول منتشرة في أيدي كل الأهالي لكنها تقريبا لا تعمل لأن شبكات الشركات الثلاث لا تغطي كل مساحة القرية خاصة داخل البيوت!! و يقول محمد المليجي أحد الاهالي ان ابناء القرية يعتمدون في معيشتهم علي تجارة الأخشاب وورش ومعارض الموبيليا, وهي بأعداد كبيرة ورغم ذلك فهي علي وشك التوقف تماما; بسبب ارتفاع اسعار الأخشاب, وتوقف عملية البيع والشراء, للظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطنون في الوقت الحالي علي مستوي الجمهورية.. وليست الدقهلية فقط. ويضيف انه بكل تأكيد المتضرر من الأزمة هم أصحاب الورش الصغيرة, والعمال وما أكثرهم.. حيث أن البجلات من اكثر المناطق في مصر, التي يعمل بها أعداد كبيرة من العمال من القري والمدن القريبة منها وأعدادالمتضررين من الأمر كثيرة جدا, والاهالي يطالبون بسرعة إيجاد حلول فورية لهذه الكارثة, التي تهدد بانتشار البطالة فالمشترون يأتون للشراء من عندنا من كل صوب وحدب نظرا لسمعة القرية العالمية. واقترح سرعة التفكير في زراعة( غابة) للأشجار في مصر بدعم القوات المسلحة, للحد من استيراد الأخشاب بالعملة الصعبة, ولدينا مساحات شاسعة تصلح لهذا الغرض. كما أن زراعة الأخشاب لاتحتاج إلي مياه عذبة أو' معدنية', ومن الجائز زرعها بمياه للصرف الصحي وهذه المياه متوافرة هي الأخري. وأضاف صلاح ابو العينين وكيل المجلس المحلي الاسبق ان أهالي قرية البجلات كانوا قد طالبوا بنقل تبعية قريتهم إداريا الي محافظة دمياط بدلا من الدقهلية بعد أن تدني مستوي الخدمات بالقرية الي أقصي درجة وتجاهل المسئولين التدخل لحل مشكلاتهم المستعصية حيث أن مدينة الزرقا التابعة لدمياط لا تبعد عنها سوي ثلاثة كيلومترات فقط. وكان اهالي القرية قد قاموا بالفعل في جمع التوقيعات علي استمارة للانفصال عن الدقهلية معتبرين ان البجلات البالغ عدد سكانها50 ألف نسمة قرية مهملة, فالقرية زراعية صناعية تجارية, ولكن بالرغم من ذلك فهي فقيرة في الخدمات مشيرا الي أن الطريق المؤدي اليها متهالك لعدم صيانته,أضف إلي ذلك أن أحد ابناء القرية قد خصص قطعة ارض لبناء مدرسة ثانوي منذ عشر سنوات لكن لم يتم دق مسمار واحد فيها حتي الآن, لافتا الي ان مشروع الصرف الصحي بالقرية بدأ العمل به منذ10 سنوات ولكن لم يتم تسليمه حتي الآن. حسين بدير احد الأهالي يري ان مشاكل القرية لم تنحصر فقط في ارتفاع أسعار الاخشاب ولكن ايضا مشكلة الصرف الصحي, صحيح أنه يوجد نظام للصرف الصحي ولكن مشاكل هذا النظام لا تنتهي وكثيرا ما تغرق الشوارع في برك من مياه الصرف الصحي والتي تسبب أمراضا كثيرة للأهالي وقال إن القرية خارج خريطة النظافة تماما, والقول إن مقالب القمامة تنتشر في شوارع القرية الضيقة هو تجميل للواقع, فالحقيقة أنه تقريبا أمام معظم البيوت مقلب قمامة في انتظار عمال النظافة الذين يأتون بالمصادفة واللافت للنظر في قرية البجلات ان كثيرا من الخدمات موجودة بالفعل لكنها مهملة حسب وصف المهندس الزراعي محمد أنور عضو المجلس المحلي السابق حيث توجد نقطة شرطة متميزة جدا وعلي أحدث طراز لكن الموجود بها دائما أمين شرطة أي أنها بلا ضباط أو عساكر دورية, ولحسن الحظ أن أهالي القرية مسالمون وإلا لحدث ما لم يحمد عقباه.. ويشير ابراهيم انور مزارع الي ان الفلاح هنا يعاني فالمساحة الزراعية تتناقص باستمرار بسبب زحف المباني والتجريف.. وأيضا بعد أزمات السماد هجرها الكثير من الشباب والذين يفضلون السفر سواء للقاهرة أو للخارج مثل كثير من شباب قري الوجه البحري, وهذا انعكس حتي علي حياة الفلاحين هناك والتي لم تعد كالماضي فهم يعتمدون علي خبز القمح من المخابز وقليل منهم مازال متمسكا بالخبز في البيوت كما أن معظم احتياجاتهم يشترونها من محال البقالة المنتشرة في كل مكان وتغيرت حياة الفلاح التي لم يعد لها وجود حاليا. ويؤكد صبري المليجي محام أن كثيرا من العادات والتقاليد المميزة للقرية مازالت تفرض نفسها خاصة مع وجود العائلات الكبيرة ومازالت قيم الشهامة والعدل والإخلاص والصدق هي الدستور الذي يلتزم به الجميع, والمرأة هناك سند لزوجها وتحاول أن تساعده في كل شئون الحياة خاصة أن تربية الدواجن نشاط مازال موجودا في معظم البيوت. ويؤكد ان الموضوع كله يتلخص في ضرورة اهتمام المسئولين, خاصة أن أهالي القرية أجمعوا علي تجاهل المحافظ والمسئولين لشكواهم.. بل إنهم يزورون القري المحيطة بالبجلات, بينما يمرون علي القرية وكأنها غير موجودة علي الخريطة وليست مسئولة منهم علي الرغم من شهرتها علي مستوي جميع المحافظات المجاورة في صناعة الاثاث, وقال: نحن نخشي من اندثار تلك الصناعة في ظل الازمات التي يعانيها اهالي القرية وخاصة مشكلة عدم توافر الاخشاب ومن جانبه, أكد اللواء أحمد الاودكاوي السكرتير العام لمحافظة الدقهلية أن هناك اهتماما كبيرا بمشكلات قرية البجلات' من جانب مسئولي المحافظة, مشيرا إلي أنه تم بدء العمل في رصف الطريق الرئيسي المؤدي للقرية تمهيدا للانتهاء من رصفه بالكامل خلال الأيام المقبلة. وبخصوص مشكلة الصرف الصحي أوضح الاودكاوي أنه تم الاتفاق مع مسئولي شركة المياه والصرف الصحي بالمحافظة علي ضرورة الانتهاء من توصيل الصرف لمنازل القرية خلال العام الحالي. أما عن المشكلات التي تواجه أصحاب ورش الأثاث بالقرية فأكد الأودكاوي أنه تمت إقامة عدة مناطق صناعية بالمحافظة منها' تل المقدام' و'جمصة' تضم العشرات من مصانع الأثاث.. وطالب أصحاب الورش بقرية البجلات بالانتقال للعمل بها حتي يتم تجميع كل العاملين بهذه الصناعة المهمة في مكان واحد.