في قلب الشارع, هناك أناس موجودون بحكم أكل العيش لايملكون رفاهية العودة إلي بيوتهم إذا أمطرت السماء واشتد البرد لكنهم مكرهون علي البقاء ينتظرون جنيهات قليلة تعينهم علي الكفاح في رحلة الأرزاق. علي الأرصفة أطفال صغار وعجائز وعجزة وأشخاص يكشفون صدورهم للبرد, لايعبأون كثيرا بتحذيرات الأرصاد الجوية.. الأهرام المسائي كانت هناك ترصد3 مشاهد لأكل العيش في برد الشوارع. رغم ضبطها لمشاعرها وكراهيتها أن تبكي أمام المارة بالشارع, اغرورقت عيناها الحزينتان, امرأة عشرينية تشد ظهرها علي الحائط بميدان الدقي حاملة طفليها محاولة حمايتهما من موجة الصقيع وبجوارها كيس نايلون كبير يحوي عبوات المناديل الورقية تحاول بيعها بعزة نفس وكرامة. المرأة المكافحة قالت بصوت مرتعشة اسمي سناء اسماعيل عبدالرحمن علي يوسف,24 عاما, اتولدت يتيمة لا أب ولا أم, عطف علي الأهالي وساعدوني وجوزوني لشاب علي باب الله عنده غرفة بدون حمام بمصر القديمة ايجارها250 جنيها منذ6 سنوات وانجبت كرم ومحمد, وعشت معه رزق يوم بيوم يشتغل شيال أو كناس ومساح سلالم, إلي أن مرض ورقد في الغرفة, ولم أجد أمامي حلا لحماية أولادي من الجوع والحرمان غير الشغل. وأضافت: نزلت وعرضت علي الناس أخدمهم في البيوت وأغسل السجاجيد وأنظف السيارات رفضوا بسبب وأولادي وبكائهم الشديد وحاجة محمد للرضاعة لأن عمره سنة ولم يفطم, فلم أجد بديلا عن النزول للشارع وبيع المناديل علي الأرصفة لتوفير ثمن الإيجار والعلاج والأكل. علي رصيف آخر بميدان الجيزة, وجدنا الحاج كمال أحمد غريب معاق يرتعش من شدة البرد يسند عكازه علي الحائط وينصب أدواته وصندوق مسح الأحذية وينادي يافتاح ياعليم ويتمتم بعبارات الحمد والشكر, حاورناه قال عندي51 عاما واقطع المسافات يوميا من شبرامنت للميدان بحثا عن الرزق, متزوج وعندي ولد وأعول بنتين يتيمتين من زوجتي وأسكن بشقة إيجار جديد ب350 جنيها بالشهر غرفتين وصالة, قدمت طلبات للحصول علي كشك عن طريق الرحمة اعتبارا من كوني من ذوي الاحتياجات الخاصة ولم يتم الرد إلي الآن وليس لنا معاش أو تأمين صحي وكل دخلنا عبارة عن100 جنيه من الجمعية الشرعية لا تكفي للعيش الحاف, فاضطررت للنزول للشارع وكسب العيش بالكفاح والتعب. أما الحاج صابر محمد سعد, فيقف في قلب ميدان الجيزة في عجب وكأنه يبحث عن شيء ضائع ويتمتم بعبارات غير مفهومة شاكيا وحامدا, سألناه عن حالة قال عندي55 عاما وعندي أربعة أولاد صغار السن أكبرهم دخل الجيش وكلهم بدون تعليم, وأنا أرزقي باشتغل بأي مهنة بصفة مؤقتة حمال أو ماسح أحذية أو أي شغلانة حلال لا أعارض الرزق, منادي علي سيارات الأجرة بالمواقف او تباع, كله علي الله, أسكن بشقة إيجار جديد بسقارة ب200 جنيه غرفة وصالة. وأضاف أنه راض بعيشته ولا يطلب حاجة من البلد غير بطاقة التموين لمساعدته في المعيشة قائلا: دوخت من اللف ولم أخرجها حتي الآن ولا عرفت أعمل معاش الشئون الاجتماعية.