لكل نظام حكم فاسد ضحايا، يعيشون عند أو تحت مستوى الكفاف، وكثير من هؤلاء الضحايا يعيشون تحت الصفر وتمضي حياتهم في سلسلة من البؤس والشقاء. ومعيار نجاح اقتصاديات الدول ومعيار الحكم على كفاءة اقتصادها هو الصعود بمن هم تحت الصفر معيشياً الى مستويات معيشية أفضل. أما أن يتضاعف عدد هؤلاء البؤساء وتزداد درجة بؤسهم وتتسع دائرة من هم تحت الصفر لتنضم فئات كانت فوق الصفر أو عند مستوى حد الكفاف فهذا هو الفشل بعينه وهو الذي يحدث في مصر الآن تحت حكم الإخوان المسلمين. بعد الثورة وما تلاها من حكم اخواني غير رشيد اتسعت دائرة الفقر وازداد عدد المهمشين كما ونوعاً ناهيك عن المعدمين والذين طالبوا الرئيس مرسي بالرحيل قبل يوم 30 يونية، لأن الأحوال في عصره صارت أسوأ ولنترك المعدمين جانباً لنستطلع أحوال من يحاولون كسب عيش كريم في مهن شتى، وهم من كانت حياتهم قبل الثورة وحكم الاخوان تسير سيراً طبيعياً دون ازمات حادة أو معاناة غير محتملة. علشان تستريح محمد فؤاد «ماسح أحذية» سألناه كيف الحال؟ - رد بانفعال ممزوج بالغضب والرضا بقضاء الله: الحمد لله على كل حال.. وأضاف: زادت أسعار الورنيش زي ما يزيد السولار والبنزين لأن كله من البترول والزبون اللي كان بيمسح جزمته كل يوم أصبح يلمعها كل 3 أيام علشان الحال عموماً «مريع» ومفروض يمشوا بقى علشان نستريح. زي الزفت المثل الشعبي المصري يقول: «الدكان جنب الدكان والرزق على الرحمن»، و«رصيف الغلابة يتسع للجميع»، فبجوار فؤاد يجلس زميله ماسح الأحذية سيد شعبان، سألناه نفس السؤال الذي وجهناه لزميله في المهنة، فقال بوضوح «زي الزفت» علىَّ قضايا ايصالات أمانة لأني باستلف علشان آكل وأطعم أولادي وأعلمهم وأجوزهم!! والله يخرب بيت اللي كان السبب. ولأنه لا فرق بين حال ماسح الأحذية وحال الزبون الذي يلمع حذاءه، فقد حرص الزبون ياسر محمد علي على التعبير عن معاناته قال: أنا سواق قطاع خاص دخلي 1200 جنيه شهرياً، أسكن ب 500 جنيه قانون جديد عندي ولدين توأم في المدرسة يأخذون دروساً ب 350 جنيهاً طيب ماذا يتبقى لإطعامهم. كفاية تزييف بائع «الشباشب» علي رصيف شارع العامل الأول بإمبابة ايهاب شحاتة عندما هممت أن أكتب أن مهنته بائع أحذية رد غاضباً «قول الحقيقة وما تزيفش كفاية تزييف قل بائع شباشب». قلت له: طيب منفعل ليه يا عم إيهاب هاقول الحقيقة. هدأ شحاتة قليلاً واسترسل في الحديث قائلا: كان الحال قبل سنتين أفضل بكثير الآن امشي في الشارع وعد كم «بني آدم تعبان». وأضاف: مفيش حد يخرج من السجن ويبقى رئيس دون أن يكون عارف بأحوال السجون وما يجري بها.. وأنا نفسي سجنت في قضايا مخدرات وتعرضت لأبشع أنواع التعذيب بعد الثورة، ومفروض أن هذا لا يحدث في ظل الحكم الديني، الرئيس يحس ويشعر بكل الناس لكن لم يعد أحد يحس بنا. ويستكمل إيهاب شحاتة حكاية سجنه ومعاناته فيقول: قررت أن أتجه الى مصدر رزق شريف «فرشت» شباشب في الشارع ولكن فوجئت بأن طفلاً يحمل «فرد خرطوش» ممكن أن ينهي حياتي ما العمل، قل لي؟ وهل علشان اعيش لازم أعود للاجرام؟ عايزين العدل واللقمة فتحي مصطفى «بائع ملابس أطفال» بنفس الشارع قال: أنا لن أضيف سوى عبارة واحدة «عايزين العدل واللقمة» وتعديل قانون الايجار الجديد فأنا اسكن في حجرة وصالة بمبلغ 400 جنيه لمدة خمس سنين يعني تأجر الشقة وتشطبها في سنة وتسكن سنتين أو ثلاث وتبدأ البحث عن غيرها قبل أن ينتهي عقدك بسنة لأنك اذا لم تبحث وتجد غيرها سوف «ترمى في الشارع بطفل أو اثنين وأمهم». الناس تعبانة والاقتصاد كمان بائعة الكتب القديمة سلوى ربيع قالت البيع الأول كان أفضل «النت» أضاع علينا ثلث الزبائن والإخوان في السنة الأخيرة ضاعوا الثلث الثاني علشان الاقتصاد تعبان والناس أحوالها أشد تعباً. مش عايزة تشتغل أما مؤمن بديوي - بائع الذرة النازح من سوهاج الى القاهرة - قال: الحال سيئ جداً والحكومة «مش عايزة تشتغل» يتمسك الحرامي تسيبه يشتري ويعربد. ويضيف: أنا كنت مزارع ولكن أصبحت الزراعة ما بتجبش همها، وللأسف في مصر لا يوجد أحد يريد ترك الكرسي بداية من الرئيس حتى الذي يجلس على كرسي في القهوة. ويستدعي بديوي أحزانه، قائلاً: بيع الذرة مهنة أربح منها لكن كان الأفضل أن أكسب عيشي من الزراعة، مهنتي الأصلية لكن كيف وأسعار السولار والأسمدة نار. حتبقى بمبي ورغم تشاؤم الجميع يؤكد محمود عبد الرحمن أيوب «حلاق» أن الحياة سوف يكون لونها بمبي «كناية عن الرخاء» بعد ثلاث سنوات عندما يرحل الاخوان عن الحكم، ويضيف قائلا: لأني ملتح أسمع سباباً من الزبائن اعتقاداً منهم أنني من الاخوان، من نوعية انتوا اللي خربتوا البلد، انت يعني عاجبك مرسي وبعد رحلة شتائم أوضح لهم أنني لست اخوانياً. ويضيف أيوب: الغلاء طال كل شىء وبخفة ظل من يعملون في هذه المهنة، يقول: أرى أن الإخوان يتبعون سياسة تقشف فقاطعه أحد الزبائن - كان ينتظر دوره في الحلاقة - قائلا: أي تقشف عندما نسمع أن مصروفات مكتب وزير المالية 158 ألف جنيه في العام؟! ويرد أيوب: أقصد تقشف الشعب وليس تقشف الإخوان إنهم يطبقون التقشف على الوطن لا على أنفسهم. أوجاع البلد أم أمل تؤلمها أوجاع البلد وحالها الى جانب أوجاع جسدها المريض بالسكر وعنده أمراض أخرى قالت صاحبة كشك للبسكويت وبعض أصناف البقالة البسيطة: أنا باخذ انسولين مستورد وبأخذ 240 جنيه معاش السادات منذ أن توفى زوجي من غير أي زيادة منذ أربع سنوات، ومش لاقيين ناكل. وتضيف: «رحت السوق اليوم لقيت الخيار بثلاثة جنيه والطماطم بثلاثة جنيه ونصف ماذا أفعل أقول للرئيس مش قادر تحل ولا تربط طيب حل عنا «ويبقى كتر خيرك». قطع كهرباء وقطع أرزاق من المتضررين من القطع الدائم للكهرباء أصحاب مهنة «الكواء» أو من يقومون بكي الملابس ومنهم - كما يصف نفسه - بأقدم مكوجي في الوراق، صبحي فهمي الذي يقول: بدأت الكي بالكهرباء بعد أن أصبحت «مكواة الرجل» موضة قديمة وليتها استمرت لأن الكي حالياً يعتمد على الكهرباء لاستخدام المكواة وجهاز البخار ومنذ عهد الإخوان والكهرباء تنقطع بالساعات، وهو وقف للحال وقطع للأرزاق وكل شهرين تزيد فاتورة المياه عشرة جنيهات الحال يزداد سوءاً كثيراً عما قبله، الايجار الجديد كل سنة ينتهي العقد أجدده بزيادة والحل في إيد الحكومة والرئيس، كثير من الناس النهاردة تفضل تكوي ملابسها بنفسها وأقول لمرسي «بص للبلد مش للإخوان» وفكر من «دماغك مش من دماغ الغير». كبير عليه أما بائع «السمين» علي عربة يد جمال جادو، قال: أنا خريج معهد فني تجاري منذ عام 1986 لم يفعل لي مبارك شيئا ولم يفعل لي الإخوان أيضاً أي شىء لا أحد يعرفنا احنا في لخبطة منذ أن مات السادات، كلها جاءت من اخطاء ناس ليسوا في أماكنهم فين الجنزوري وهل رئيس الوزراء الحالي يصلح، وأيضاً الرئيس جالس على كرسي «كبير عليه». يا إخوانا حرام من زبائن عربة جادو العجوز عادل السيد «60 سنة» يقول: كنت أعمل في هيئة النظافة والتجميل بالقاهرة كنت آخذ راتب 900 جنيه خرجت للمعاش سنة 2013 بمعاش شهري 600 جنيه أوزعهم على ايجار ومية وغاز ونور، وعندي بنت باجهزها وأقول للرئيس والاخوان «يا اخوانا حرام» مفروض حد في سني بعد أن أديت رسالتي «39 سنة خدمة» تفرغ للعبادة وأرتاح ولكن ظروف حياتي أجبرتني على أن أعمل في ورشة لكهرباء السيارات لكن لم أستمر فيها لأن صحتي لم تساعدني على الاستمرار في هذا العمل.. وأقول للإخوان: كفاية بهدلة بقى. انتخبناك ليه ويلتقط منه طرف الحديث رمضان محمد «عامل يومية» يقول أعمل «أرزقي» وعندي 3 بنات وولدان سن 4 و13 سنة لم أعلمهم هو أنا أدخلهم المدرسة وأنا مش لاقي أأكلهم، رحت ببتي مستشفى الحميات لم أجد برشامة مجاناً، شريط «اللبوس» أخذته بثمنه مثل الأجزخانة والعيش بنقف عليه طابور علشان ناخذ بجنيه.. ماحدش حاسس بالشعب.. أمال رئيس ليه «مش علشان تحس بالناس اللي تحت التراب». الحالة زفت أم محمد «بائعة أطباق بلاستيك»، قالت بلهجة متشائمة: الحالة قبل الاخوان ومع الاخوان زفت لكن الأول كانت «ماشية شوية» سألها والعمل؟ قالت العمل عمل ربنا.. مفيش بلدية بتجري ورانا صحيح لكن الحال واقف والدنيا صعبة. بلطجية المنيرة الغربية محمد صلاح «بائع ملابس قديمة» يؤكد قائلا: الحال كويس وبنكسب لكن أهو يوم حلو يوم مر والبلطجية والاتاوات بتخلص على اللي بنكسبه، وأضاف: نظرة لمنطقة المنيرة ياريس امبابة كلها مأوى للبلطجية. عايز أربيهم بعبارة «عايز أربيهم» رد تامر محمد صلاح «بائع اكسسوارات حريمي بالشارع» على سؤالي عن الأحوال؟ سألته مرة أخرى: من تقصد «الاخوان»؟! قال: عندي «عيال عايز أربيهم روح قول للرئيس مرسي كده».. الحال كان ماشي قبل الثورة.. اليوم الظلم والسرقة والغلاء بياكل أرزاق أولادنا وما نكسبه حرام دا ولا حلال! لما مرسي يمشي في شارع لطفي حسونة بالدقي يقف بائع الترمس رفاعة محمود بالثلاث ساعات كما يقول: «علشان يبيع بيعة» ويضيف مصبراً نفسه: يا عم قول يا رب هي الناس لها نفس تاكل لما حتتسلى ويختتم حديثه قائلا: الحال حيبقى عال لما مرسي يمشي. كانوا بيخافوا منا من على كرسيه المتحرك بدأ علي عبد الرحمن «بائع غزل البنات» منفعلاً لدرجة أنه رفض التقاط صورة له وعن الأحوال قال: النور بيتقطع الأطفال بتموت في الحضانات والميه ارتفع سعرها والأكل كمان.. ومعاش المعاقين انقطع زي الميه ما بتنقطع، ويضيف: على أيام عبد الناصر والسادات وحتى مبارك كانت اثيوبيا وغيرها بتخاف مننا اليوم حتمنع عنا المياه وتحاربنا كمان. وأقول لمرسي: «امشي بالأدب والاحترام» لأننا لو وصلنا الى 30 يونية حنخرج الشاب والعجوز والطفل علشان يمشوك. زق في زق عالم المعمار باليومية جمعة عبد التواب، يقول: «أكسر زلط أطلع رمل» اعمل أي شىء علشان أوفي ثمن ايجار حجرة أسكن فيها أنا وأولادي الثلاثة وزوجتي وأوفر لهم ثمن 3 وجبات والدنيا ماشية «زق في زق» وباشتغل يومين وأقعد ثلاثة، أنا اطلب من الرئيس أن يشوف لي سكناً دائماً ورخيص أنا ساكن في 94 شارع أبو رية متفرع من شارع الوحدة بامبابة. لا يمكن أن تنتهي جولة استطلاع أحوال الغلابة دون الحديث عن طعام الغلابة وهو الفول المدمس، يقول عربي محمود: كيلو الفول النهاردة وصل سعره 10 جنيهات واحيانا أكثر من ذلك حسب مزاج التاجر كان الاردب ب 800 جنيه منذ عامين ولأن مفيش رقابة ولا مباحث تموين ولا تسعيرة زاد الطن الى 1200 جنيه الإخوان ما بيعملوش حاجة للغلابة بيعملوا لنفسهم.. بينزلوا سلع رخيصة ربع جنيه ودا ضحك على الناس انبوبة البوتاجاز التي تستخدمها سعرها من 15 الى 60 جنيه احيانا وكيلو اكياس البلاستيك وصل سعره 15 جنيهاً. وعلبة بجنيه فول كمية لا تطعم طفلاً الأكلة الشعبية بقت غالية نار لكن غصب عننا. ننفض لهم انت عمرك شفت كيلو الملوخية بأربعة جنيه حدث في عصر الاخوان اقول لمرسي ركز مع الناس الغلابة شوية الناس اللي مابتاكلش كويس عددهم زاد وانت «منفض لهم».