كعادتها فى كل عام تفاجئنا الدراما المصرية بموجات جديدة من الأعمال التى تحمل أحيانا طابع الفكرة الواحدة دون تغيير قد يكون بعضها متميزاً ويحوز الإعجاب وأحيانا أخرى تغضب البعض وتثير الاستياء والاشمئزاز فمثلما شاهدنا فى عام 2014 أعمالاً درامية كان بعضها يحمل أفكاراً أغضبت الكثير من الجماهير والنقاد وكانت تحمل فى طياتها الكم وليس الكيف ولاتهتم بالمحتوى و تركز على العرى والخيانة وتشويه صورة المرأة المصرية وغيرها من القيم المنهارة التى لا ترضى إلا فئة قليلة من المجتمع،..... يبدو أن الدراما الآن أرادت أن تصالح جماهيرها من خلال أعمالها المقبلة التى تمس الكثير إن لم يكن كل المجتمع المصرى.
وتعالج معظم الأعمال أفكارا تهم معظم فئات المجتمع تشمل محاربة العادات السيئة فى صعيد مصر، وتصحح صورة المرأة المصرية، وتستعرض تأثيرات ثورتى 25 يناير، و30 يونيه على المجتمع، وتعالج القضايا بكثير من الرومانسية، وتلجأ أحيانا إلى المغامرة، وترصد مشاكل الشباب فى محاولة لحلها، وفيما يلى عرض لما تتناوله الدراما المصرية لبعض الأعمال المتنوعة . ونبدأ بمسلسل « ساحرة الجنوب» للمخرج أكرم فريد والذى يناقش قضايا السحر والشعوذة، وتجارة الآثار، والذبح اعتقاداً بأن هذا يفتح أبواب الكنوز، وهذه القضية رغم بشاعتها إلا أنها حقيقة ظهرت منذ فترة فى قرى الصعيد وتستحق تسليط الاضواء عليها. أما مسلسل « البيوت أسرار» للمخرج كريم العدل والذى يعد أول تجربة تليفزيونية له فيسرد المشاكل المختلفة التى تواجه البنات اللاتى ينتمين إلى الطبقة المتوسطة ومدى علاقتهن بالمجتمع وبمن حولهن....، ومن مشاكل البنات إلى مشاكل الشباب ننتقل إلى مسلسل « ألوان الطيف» للمخرج عبد العزيز حشاد الذى يتناول فيه مشاكل الشباب بعد تخرجهم من الجامعة ومشوارهم فى البحث عن عمل ، وتعد هذه احد القضايا التى تهم جانباً عريضاً من المجتمع ويعانى منها منذ منها فترة وحتى الآن. واما مسلسل « أريد رجلا» للمخرجة بتول عرفة فتقول عنه الفنانة القديرة سهير المرشدى إحدى بطلاته انه إبداع نسائى لما يحتويه العمل من قصة وإخراج لعنصر نسائى حيث أكدت انه يرصد حياة المرأة الصعيدية الأصيلة التى تضحى بكل شيء من اجل تربية أبنائها حتى تمكنهم من الوصول إلى أعلى درجات النجاح، وفى نفس الوقت يعالج فكرة مازالت كامنة عند البعض وهى فكرة إنجاب الولد لأنه هو من يحافظ على سلالة العائلة.... ومن التضحية والمجتمع الذكورى نصل إلى قصة الرومانسية والحب الذى يجسدها مسلسل « عيون القلب» للمخرج محمد مصطفى الذى تتناول أحداثه قصة حب تقع بين فتاة تعانى من فقد البصر وشاب غنى ويحتوى هذا العمل على قدر من الدراما الإنسانية المغلفة بالحب والمشاعر الجميلة. ثم تتجه الدراما إلى المشهد السياسى من خلال مسلسل « أستاذ ورئيس قسم « للمخرج وائل إحسان فتتناول الأحوال السياسية فى مصر خلال ثورتى 25 يناير، و30 يونيه وما بينهما. وفى محاولة للخروج من الهدوء والسكون ننتقل إلى الحركة والأكشن من خلال مسلسل « من الجاني» للمخرج أحمد خالد الذى يتكون من 13 حلقة فقط تعرض احدها كل أسبوع، ويحمل العديد من المفاجآت من خلال مجموعة من جرائم القتل فى شكل مجموعة من المغامرات والألغاز فى صراع بين رجال الأمن والمجرمين فى إطار تشويقى يتفاعل معه المشاهد . فى هذا الصدد يقول الفنان القدير عزت العلايلي: لابد أن يرتقى الفنان بمستوى الفن الذى يقدمه وبذوق الجماهير، وفى نفس الوقت ينبغى أن يقدم الكاتب روايات فنية على قدر كبير من الاحترام ويبتعد عن الابتذال والإسفاف ويسعى دائما لتقديم ماهو متميز ومحترم، ويضع دائما فى اعتباره أننا شعب متدين، والأعمال التى لاتحمل نوعاً من الرقى والذوق والجودة لابد ألا يتم صنعها من الأساس، وهناك الكثير من الفنانين الذين يحبون فنهم ويقدمون من خلاله الأعمال الجيدة والمحترمة لأن الفن فى النهاية رسالة سامية لكل الشعوب، وشيء جيد أن نجد أعمالا جديدة تحمل أفكاراً جديدة تبعد عن الإسفاف. أما المؤلف مجدى صابر فيؤكد أن هناك عناصر جذب متعددة يمكن أن يلجأ إليها الكاتب وتصب فى النهاية فى مصلحة العمل بدلا من اللجوء إلى العرى وخدش الحياء بالألفاظ التى لا تصلح لدخول أى بيت والذى يلجأ إليها البعض أحيانا، وهناك العديد من الموضوعات التى يمكن أن يتناولها الكاتب من خلال قدرته الإبداعية بعيدا عن الابتذال المتعمد. ويقول المخرج محمد سامى إن الدراما تحمل العديد من الأفكار والقصص المختلفة، وقد يلجأ المخرج حسب رؤيته الفنية إلى بعض الأفكار غير التقليدية التى ترضيه . تعبر عنه وتضيف فى نفس الوقت إلى العمل ، ولكن لابد أن يراعى فى كل ما يقدمه ماذا يريد الجمهور، مؤكدا أن رأى الجمهور هو المؤشر الرئيسى على الاستمرار فى تقديم فكرة معينة أو شكل إبداعى معين أو عدم تقديمها من الأساس لان الجمهور المصرى أكثر جمهور متذوق لكافة أنواع الفنون ويجب أيضا أن يراعى كل فنان مهما كان نوع الفن الذى يقدمه عدم تجاوز حدود اللياقة والأدب، لأن الفن فى النهاية رسالة سامية .