وزير التموين: لا نية لزيادة أسعار الخبز أو السلع التموينية أو السكر العام المقبل    مقتل 16 شخصا في حريق دار مسنين بإندونيسيا    أحمد عبد الله محمود يكشف ملامح شخصيته في «علي كلاي»    وداع موجع في كواليس التصوير... حمزة العيلي يفقد جده والحزن يرافقه في «حكاية نرجس»    هل تتزوج لطيفة في 2026؟.. توقعات «بسنت يوسف» تثير الجدل    رفع حالة الطوارئ بالسويس تزامنًا مع انقطاع المياه 12 ساعة    مكتب الرئاسة التايواني: المناورات الصينية تمثل تحديا للقانون والنظام الدوليين    عمرو يوسف يكشف تفاصيل صداقته القوية ب عمرو دياب    بإطلالة شعبية مفاجئة.. درة تخطف الأنظار بكواليس «علي كلاي» في رمضان 2026    كوريا الشمالية تجري تجربة إطلاق صاروخ كروز بعيد المدى    هبوط حاد لأسعار الذهب عالميًا.. وخسائر الأوقية تتجاوز 30 دولارًا    بالرقص والهتاف.. احتفالات واسعة في طهطا عقب إعلان فرز اللجان الانتخابية    الحوثى: أى وجود إسرائيلى فيما يعرف بإقليم أرض الصومال سيكون هدفا عسكريا لنا    مصرع وإصابة 111 شخصا بسبب انحراف قطار عن القضبان في المكسيك    نتيجة الحصر العددى للأصوات بالدائرة الثامنة دار السلام سوهاج    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    كشف ملابسات تعليق بشأن سرقة دراجة نارية لطفل بدمياط    حسام حسن يستقر على رباعي دفاع منتخب مصر أمام أنجولا    اليوم، الاجتماع الأخير للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بعد انتهاء مهامها    الدفاع الروسية تعلن إسقاط 21 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات    كشف ملابسات منشور بشأن إدعاء خطف سيدة بكفر الشيخ    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    البوصلة والربان!    الفرق بين الحزم والقسوة في التعامل مع الأبناء    النيابة الإدارية تنعى مستشارة لقيت مصرعها أثناء عودتها من الإشراف على الانتخابات    ترامب: أوكرانيا وروسيا تقتربان من اتفاق بشأن إقليم دونباس    طفرة غير مسبوقة بالمنيا.. استرداد 24 ألف فدان وإيرادات التقنين تقفز ل2 مليار جنيه    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    متحدث الوزراء: الدولة لن تستبعد أي أسرة من منظومة الدعم بسبب عدد أفرادها    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    BeOn تحصل على استثمار استراتيجي بالدولار لدعم التوسع الإقليمي وتطوير حلول CRM الذكية    الداخلية السورية: احتجاجات الساحل نتيجة دعوات انفصالية    وزير الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ نحو مليون و960 ألف وحدة سكنية متنوعة    اشتعال المنافسة، كوت ديفوار والكاميرون يكتفيان بالتعادل الإيجابي في أمم أفريقيا 2025    على رأسهم مصر.. 3 منتخبات حسمت تأهلها رسميا بعد الجولة الثانية لمجموعات أمم أفريقيا 2025    أمم إفريقيا – تعرف على جميع مواعيد مباريات الجولة الثالثة    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    شحتة كاريكا يكشف مفاجأة عن الراحل أحمد دقدق: أوصى بحذف أغانيه    الجزائر يتصدر المجموعة الخامسة ب6 نقاط ليحسم تأهله رسميا لدور 16 بأمم أفريقيا    منير فخري عبد النور: ضعف المشاركة أبرز سلبيات المشهد الانتخابي الأخير لمجلس النواب    محافظ البحيرة: تطوير مدينة رشيد لتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية    مصرع طفلين في تصادم بالفرافرة    محافظ الفيوم يتابع غلق لجان التصويت في اليوم الثاني لانتخابات النواب بالدائرتين الأولى والرابعة    الصحة تكشف أبرز خدمات مركز طب الأسنان التخصصي بزهراء مدينة نصر    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    محمود حميدة: طارق النبراوي يفهم معنى العمل العربي المشترك وقادر على رسم المستقبل    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات المشير(الحلقة السادسة عشرة والأخيرة)
رحل عبد الحكيم في صمت وحزن.. ولم تظهر إجابة للسؤال: هل مات منتحرا ؟.. أم مسموما ؟
نشر في الأهرام المسائي يوم 04 - 11 - 2014

في الحلقة الأخيرة من مذكرات المشير عبد الحكيم عامر تعرض الأهرام المسائي موقفه من حرب اليمن.. وكيف سافر إلي هناك سرا وزار القوات المصرية.. كما تعرض الحلقة قصة زواجه من الفنانة برلنتي عبد الحميد.. وحكاية اللقاء الأخير مع الرئيس جمال عبد الناصر وما انتهي إليه من تصاعد للأحداث ووضعه تحت الإقامة الجبرية حتي رحيله دون أن تظهر الحقيقة.. هل مات منتحرا.. أم مسموما ؟
قامت ثورة اليمن في سبتمبر1962 وكانت بارقة أمل لمصر لتأكيد دورها في المنطقة العربية من وجهة نظر القيادة المصرية بعد أن فشلت الوحدة مع سوريا, حيث طلب أعضاء الثورة في اليمن مساندة ومعاونة مصر لها ووافق المجلس الرئاسي علي ذلك,وبصراحة قرار الموافقة لم يكن خطأ علي الاطلاق ولكن الخطأ الحقيقي يكمن في وجود عدة عراقيل أو اختلافات كان لابد من الوقوف عندها وأدي عدم الالتفات إليها إلي الوصول إلي ما آلت إليه الأمور وما أشبه الليلة بالبارحة ومثلما حدث في سوريا من فشل لم يختلف الأمر كثيرا إن لم يكن أكبر بسبب تكبد مصر خسائر فادحة ومن هذه الأمور الطبيعة القبلية التي يقوم عليها النظام اليمني الذي يعتبر من أصعب النظم التي يمكن ان تعالج بالقوات النظامية, فضلا عن عدم الوعي بطبيعة الحرب في مثل هذا النظام القائم علي الثأر القبلي وعدم الاستفادة من البعثات التي ارسلت لليمن وحتي عدم تم الاستعانة ببعض اليمنيين كانوا من اللاجئين الذين ابتعدوا عن اليمن فترة طويلة جعلتهم غير مطلعين علي الاجواء الاخيرة.. كل هذه العوامل أدت الي عدم قدرة القيادة العسكرية التي كانت هناك تحت قيادة الفريق انور القاضي والقائمين علي الثورة هناك علي احتواء الموقف الذي فاقم يوما بعد يوم أمام العناد القبلي.
مفاجأة المشير
بعد ان تفاقمت الأوضاع في اليمن بشكل سلبي علي قواتنا هناك وخاصة بعد ان حشدت قوات الاستعمار البريطاني في عدن وتهديدها للثورة اليمنية فضلا عن توزيع القوات في اماكن جبلية ومنعزلة وفقا للطبيعة الجغرافية لليمن مما ادي الي تشتتها ووقوع اصابات في الجنود وخسائر في المعدات والسلاح والارواح لم يجد اللواء عبد المنعم خليل سبيلا لذلك سوي الاتصال بالمشير عبد الحكيم عامر يوضح له الصورة كاملة وكانت هذه المكالمة مساء ووقتها لم يعلق المشير علي مكالمة اللواء عبد المنعم خليل سوي الالتزام حتي تصدر الاوامر, وبالفعل توقع اللواء عبد المنعم خليل ان يتلقي اوامر جديدة يتحرك في ضوئها مساء اليوم التالي علي اسرع تقدير ولكن كان رد فعل المشير قد فاق كل توقعاته فإذا بالمشير يستقل طائرة فجرا متوجها الي اليمن في زيارة مفاجئة لتفقد الاوضاع بنفسه والاطلاع علي مجريات الامور ولانه سافر دون علم أحد لم يكن هناك احد في استقباله في المطار ولان هدفه هو الوصول بشكل مفاجئ لم يخبر احدا بمجرد وصوله الي اليمن ولم يجد اي مواصلة تقوم بتوصيل الي موقع الوحدة هناك سوي سيارة نقل علي الطريق ولم يخبر صاحبها بشخصيته الحقيقية بل إنه مجرد مصري ويريد الذهاب الي هذه المنطقة فقط حيث له بعض الاصدقاء وبالفعل يقوم السائق بتوصيله معه علي اول الطريق ليستكمل حكيم طريقه سيرا علي الاقدام متوجها الي الوحدة و مع بداية شروق الشمس يفاجئ اللواء عبد المنعم خليل قائدة الوحدة بان الذي يوقظه المشير الذي حرص علي تفقد احوال الفرق هناك التي وصل عددها الي ثلاث كما تفقد المصابين الموجودين في المستشفيات وثار حينما وجد عدم تلقيهم العناية اللازمة بسبب ضعف الامكانات وكثرة عدد المصابين فأمر بعودته الي القاهرة ولكن كانت المفاجأة حينما وجد مجندا يرقد علي فراش المرض في احدي الطرقات لعد وجود اماكن كافية واخبره الفريق الطبي المعالج بان قدمه معرضة للبتر بسبب النزيف وان المكان المتخصص في مثل هذه الحالات في السويد فإذا بالمشير يأمر بسفره إلي السويد علي وجه السرعة.
المشير.. والحب
بعد اللقاء الاول بين المشير والفنانة برلنتي عبد الحميد في احدي الحفلات الخاصة جاء اللقاء الثاني في احتفالات احدي سفارات الدول العربية في مصر ولعبت الصدفة دورها في ان يكونا المشير عبد الحكيم عامر والفنانة برلنتي عبد الحميد من ضيوف الشرف في هذه الحفلة و تبادلا أطراف الحديث بشكل ثنائي علي انفراد لاول مرة وصرحت له بإعجابها بشخصيته الي تتمتع بإدراكه للفن وقيمته وكان رد المشير عليها انها من الشخصيات التي لاينساها, ومنذ هذه اللحظة واصلت الفنانة برلنتي عبد الحميد الاتصال بالمشيرفي مكتبه ولكن مع الأسف لم تستطع التحدث اليه لانه في هذه الفترة كان في سوريا ولكنها لم تكف أوتمل في السؤال عنه وبعد عودته مباشرة اخبره الاصدقاء بان هناك امسية ثقافية فنية وبما انه عاشق للفن فدعاه الاصدقاء خاصة بعد رحلة صعبة في سوريا بكل احداثها السابقة واذا يتصادف وجود برلنتي عبد الحميد هناك لتخبره باتصالاتها الدائمة التي لاتنقطع وهنا يخبرها بانه ينتظر اتصالها وتوالت الاتصالات وأخيرا اتخذ المشير قراره بان يختلس لنفسه ساعات واختارت برلنتي المشير ليكون قبلتها للحياة تري الدنيا من خلاله فتأخذت قرار اعتزال الفن فعاشا اروع قصص الحب وشهد شاليه علي سفح الهرم مخلدا معه قصة حب سجلها التاريخ وكللت بعقد زواج شرعي موثق وبشهود صديقين مقربين ووجود والدة العروس التي رأت لاول مرة الفرحة الحقيقة في عين ابنتها من قلبها بزغرودة معلنة بها سعادة ابنتهاوحرص الاثنان علي سرية الزواج خوفا علي حياة المشير السياسية قبل الاجتماعية والذي اكد لها ان منصبه فقط هو الذي يمنعه من الاعلان وليس اي سبب آخر وتزوجا بعد عام وتحديد في15 مارس1965,( واثمر هذا الزواج عن ابنهما الدكتور عمرو عبد الحكيم عامر في فبرايرعام1967) ولكن لم يمض سوي بضعة اشهر وفوجئ حكيم بعد انتهائه من حديثه مع ناصر في امور عديدة علي صعيد الاحداث واذا بالرئيس يفاجئه ليس بسؤاله عن قصة الزواج بل بالاطمئنان علي زوجته الثانية برلنتي عبد الحميد لان ناصر لم يكن يحتاج الي تأكيد بل جاءت اليه المعلومات كاملة وكان سؤال ناصر محددا لماذا تزوجت ياحكيم... فكان رد حكيم اشمل واعمق من اي رد بل اغلق الحوار في هذا الموضوع تماما برده: وجدت في ثقافتها وخفة ظلها الذي يغنيني عن صداقة الرجال ووجدت في انثوتها وجمالها الذي يغنيني عن كل نساء العالم.
حكيم والقلعة البيضاء
كان عبد الحكيم عامر عاشقا للرياضة وعلي الرغم من تشجيعه لفريق نادي الزمالك حتي إن شقيقه المهندس حسن عامر كان يتولي رئاسة النادي وعلي الرغم من انه تولي رئاسة اتحاد كرة القدم مثله مثل باقي اعضاء الثورة الذين اهتموا بالشأن الرياضي لتمتعوا بقاعدة شعبية محاولين استثمار ذلك فمثلا تولي عبد اللطيف البغدادي رئاسة اتحاد السلاح وزكريا محيي الدين رئاسة اتحاد التجديف وعبد المحسن انور اتحاد كرة السلة والفريق علي عامر الرماية والفريق صدقي محمود اتحاد الاسكواش وغيرها من الالعاب الرياضية المختلفة اما اتحاد كرة القدم فكان من نصيب المشير عبد الحكيم لأنها التي تتمتع بأكبر قاعدة جماهيرية علي الرغم من انه يهوي كرة السلة بل يحرص علي لعبها والتدرب عليها كلما سمح له الوقت وخاصة ايام الجمعة علي يد مدرب متخصص فيها؟
ولكرة القدم وخاصة القلعة البيضاء حكاية وواقعة لن يغفلها التاريخ, حيث قرر المشير عبد الحكيم عامر تعيين لاعبي الكرة ونجومها كضباط شرف في القوات المسلحة, وفي عام1963 كان نادي الزمالك يواجه نادي القناة وتفاعلت الجماهير وحدث شغب في المدرجات واذا باحد نجوم لاعبي نادي الزمالك محمد الرفاعي(مجند بالجيش) يقوم بصفع الحكم العميد علي قنديل وفي اليوم التالي تم نشر الواقعة في الجرائد متضمنة صورة توضح اللاعب وهو يصفع الحكم وهنا ثارت ثائرة الحكم الدولي اللواء عبد الله رفعت واذا به في اول اجتماع لرئاسة الاتحاد يطلب توقيع اقصي عقوبة علي اللاعب باعتبار كيف يصفع مجند في الجيش عميدا بالقوات المسلحة وهنا لم يعلق المشير ولكنه استدعاه في مكتبه وفي اثناء توضيح المشير ان الضارب والمضروب لاعب وحكم وليس مجندا وعميدا واذا به يستمر في ثورته وخرج وقتها ليس مطرودا من مكتب المشير بل من الاتحاد كله وتم حرمانه من دخول الملاعب لمدة عام لتطاوله علي لاعب وعلي القلعة البيضاء؟
تنحي واستقالة
وبعد ان اتضحت الصورة كاملة بعد نكسة1967 لم يعد هناك مجال للقيادة سوي الاعتراف بمسئوليتها فيما حدث ولم يتخل احد او يتنكر بتحمل مسئولية وأعلن الجميع استقالتهم وتنحي الرئيس عبد الناصر ثم جاء خطابه الشهير للشعب, اما عامر فكان حريصا علي الاستقالة ولكنه فوجئ باعلان ناصر قرار تنحيه فقط وأصر علي رغبته فتم الإعلان عن استقالته عقب خطاب ناصر ولكن لم يلتفت اليه احد فالجميع نزل الشارع مطالبين بعودة ناصر ورافضين تنحيه.
قدم عبد الحكيم عامر استقالته وأصر عليها رغم عدول ناصر عن قرار التنحي نزولا علي رغبة الشعب وأصر حكيم علي البقاء في منزله حيث فيللا الجيزة, وفور علم الضباط بقرار الاستقالة وتصميمه عليها ومدي حبهم للمشير وايمانهم بأنه بذل اقصي ما في جهده في اطار الامكانات المتاحة والظروف التي احاطت بأحداث5 يونيو منذ البداية وما أدت اليه من نتائج سارعوا الي منزله مطالبينه بالعودة معهم الي بيته الاصلي والانضمام الي صفوفهم وان يقفوا خلفه منتظرين اي تعليمات لخدمة الوطن واداء الرسالة واحتواء الموقف ليعبروا الازمة ولكن شريطة ان يظل المشير عبد الحكيم عامر قائدهم وبالفعل خرج عبد الحكيم عامر وحدثهم من شرفة الفيللا وحاول تهدئة الموقف وتوضيحه لهم ولكنهم اصروا علي موقفهم وامام ذلك وجهه لهم تعليمات الذهاب الي مبني القيادة علي ان يلحق بهم وبمجرد وصولهم الي مبني القيادة اتصل بالمشير عبد الحكيم عامر الفريق محمد فوزي رئيس الاركان ليخبره بوجودهم واصرارهم فما كان من المشير إلا إبلاغهم باتباع تعليمات الفريق محمد فوزي والعودة الي وحداتهم لمواصلة واجبهم الوطني, وعلي الجانب الآخر وامام هذا الاصرار سواء من جانب حكيم علي التمسك بالاستقالة او من جانب الضباط بعودته ووصول الامر الي اشده قام الرئيس جمال عبد الناصر بزيارة المشير وعرض عليه إنهاء الموقف بعودته الي الحياة السياسية مرة أخري كنائب لرئيس الجمهورية ولكن حكيم رفض ذلك واعتبره منصبا شرفيا ليس أكثر وربما يكون وقتيا. ولم تمض ايام حتي جاء قرار القيادة العليا باعتقال مجموعة كبيرة من الضباط وخاصة من دفعة48 اي دفعة شمس بدران وايضا قرار باعتقال شمس بدران نفسه واللواء جلال هريدي الذي فوجئ بهذا القرار فور عودته من الاردن ولم يجد هولاء الضباط وفي مقدمتهم شمس بدران وجلال هريدي مكاناللاحتماء فيه سوي بيت عبد الحكيم عامر.
اللحظات الحرجة
ومع بداية اغسطس واستمرار الوضع علي سخونته قرر حكيم الذهاب الي عبد الناصر ليستودعه ويخبره بقرار سفره الي مسقط رأسه المنيا وفوجئ ناصر بهذا القرار وطلب من الحكيم العدول عن قراره وعودته كنائب لرئيس الجمهورية وهنا أكد حكيم مرة أخري انه يرفض اي منصب شرفي بل ويفضل ان يعتزل الحياة السياسية تماما بل الذهاب الي قريته بالمنيا( وكانت زياراته الاخيرة وهو علي قيد الحياة وكأنه يودع الاهل والاحباب والذكريات)وبالفعل سافر حكيم الي المنيا ولان الاتصالات هناك كانت صعبة وربما تكون أيضا مراقبة ففضل ناصر ان يرسل صلاح نصر للتفاوض مع حكيم للعودة ولكنه رفض ثم أرسل اليه عباس رضوان بعد أن قضي حكيم في المنيا نحو عشرة ايام( قضاها بين جلسات الاهل والاصدقاء القدامي الذين فور علمهم بتواجد حكيم توافدوا عليه في الديوان وهومكان مخصص لاجتماع اهل القرية في المجالس كما حرص حكيم علي زيارة ارضه والجلوس تحت شجرته التي شهدت ايام طفولته وصباه وايضا جلوسه مع صديق عمره ناصر في اثناء زياراته له في الإجازات قبل الثورة), وكانت عباس رضوان وهومن الضباط الاحرار وصديق مشترك ومحل ثقة لحكيم وناصر ولعب دور الوساطة ونجح في اقناع حكيم بعودته مرة أخري ولكن الي منزله في انتظار شعار آخر.
اللقاء الأخير
عاد المشير عبد الحكيم عامر من قريته بالمنيا بعد ان امضي هناك نحو عشرة ايام, بعد نجاح عباس رضوان احد الضباط الاحرار والصديق المشترك بينه وبين ناصر في توصيل رسالة الرئيس جمال عبد الناصر له بضرورة العودة الي منزله في فيللا الجيزة لحين اشعار آخر من المفاوضات بشأن اصرار عامر علي منصب نائب رئيس الجمهورية وانه يفضل اعتزال الحياة السياسية والتمسك بالاستقالة علي ان يعود مرة أخري بمنصب شرفي غير مقتنع بأي دور سوي انه مضيعة للوقت ولكنه لايعرف لماذا او لمصلحة من ؟
وجاءت الليلة الموعودة واللقاء الاخير بين الاصدقاء حينما دعاه ناصر لمنزله في مساء ليلة السادس والعشرين من أغسطس(26 أغسطس1967) وإذا بحكيم يلبي الدعوة علي الفور بل يسعد بها ويخبر الاسرة بأنها ستكون صفحة جديدة ؟ بعد فترة من الشد والجذب ولكن التفكير الهادئ والفترة التي ليست بالقصيرة منذ5 يونيو1967 وحتي26 أغسطس كفيلة بان تنهي المأساة ويبدأ صفحة جديدة مع صديق عمره في محاولة لاعادة النظر والتفكير وإصلاح مامضي معا كما تعودا دائما ؟ولكن كان للاسرة بل العائلة بل إن صح القول جميع المقيمين مع حكيم من سكرتيره الخاص محمد متولي والضباط الذين صدر ضدهم قرار الاعتقال و اختاروا منزله للاحتماء به او اصدقائه ايضا حذروه من هذا اللقاء وان يجب عليه ألا يتفاءل وكان لديهم الحجج والبراهين والشواهد التي تواجهه بها اسانيد حكيم ورصيده في مشواره مع ناصر الذي كان يراهن عليه ويؤمن بانه الرابح ؟ومن هذه الحجة ماحدث ظهيرة منتصف اغسطس عندما خرج اللواء جلال هريدي من منزل عامر يتمشي بجوار البيت علي النيل حيث كانت الفيللا فإذا باثنين يرتديان الزي المدني يحاولان القبض عليه واجباره علي دخول السيارة الخاصة بهما وبالفعل قام هريدي بعمل مناورة عندما اوهمهما بانه استسلم لهما وخاصة انهما مسلحان واذا به يفر ليلحلق بحديقة الفيللا ويستنجد بالضباط ويخرج حكيم ومعه بندقية ويتم احتواء الامر بفرارهما وفي هذا اليوم كان البيت مشحونا ومضغوطا كل هذه الظروف التي لاتبعث علي امل للخروج من الازمة التي باتت تزداد اشتعالا ولاول مرة يحدث احتدام بين عبد الحكيم عامر وابنه الاكبر جمال الذي كان وقتها شابا حيث بلغ السابعة عشرة من عمره حينما طلب من والده ان يقف ضد عبد الناصر لمواجهة الامر وانهائه بدلا من مواجهة هؤلاء الذين يحاولون التسلل الي الفيللا واذا بالمشير يكاد ان يصفع جمال ليس لانفعاله او ان نبرته التي احتدت في وجوده ولكن لانه تحدث عن ناصر.
الإقامة الجبرية والصدمة العائلية
وبين أمل عبد الحكيم عامر وتخوف اسرته وعائلته جاء اللحظة الحاسمة لتضع خط النهاية وحسم حكيم الموقف حينما أمر سائقه الخاصة بتحضير سيارته ويرافقه احد ضباط صف في زيارته للرئيس عبد الناصر مساء26 اغسطس1967 في منشية البكري وفوجئ حكيم بانه ليس الوحيد المدعو في هذا اللقاء فكان من بين المدعوين والموجودين قبل حكيم هناك حسين الشافعي وزكريا محيي الدين وحدثت مواجهة بين حكيم وناصر ووصل الحوار الي حد الصدام وهنا صدر قرار بإقامة المشير إقامة جبرية في فيللا الجيزة وبالفعل رافقه في اثناء عودته حسين الشافعي حتي دخوله الفيللا وهنا فوجئ حكيم بوجود حراسة مشددة علي الفيللا والمفاجأة الاكبر هي اعتقال كل من كان في فيللا حكيم بالجيزة من ضباط واقارب وشمس بدران وجلال هريدي ولم يكن مسموحا بالبقاء سوي زوجته زينب هانم واولاده فقط.
انذار الأخير
وفي ظهيرة13 سبتمبر قرر جمال( الابن الاكبر للمشير) الخروج للتريض أمام الفيللا واذا به يري سيارة اسعاف يتبعها سيارات مدرعة متجهة نحو الفيللا واذا به يسرع ليخبر والده الذي يبلغه بسرعة استدعاء اللواء الماحي قائد الحراسة علي منزل حكيم؟ والذي يبلغه بعدم وجود اي تعليمات وان الامور مثل كل يوم ليس هناك بجديد من قريب او بعيد وبمجرد خروج الماحي الي حديقة المنزل فاذا بابنه جمال يشاهد عددا من الضباط يقتحمون الحديقة ومعهم الفريق محمد فوزي وعبد المنعم رياض ويتم إلقاء القبض علي المشير وإخراجه اجباريا من المنزل الي الحديقة واذا بالفريق محمد فوزي يعطي الاشارة لتقترب سيارة الاسعاف ويحاول الضباط والحرس ادخاله في السيارة وبالفعل لم يستطع احد اجباره علي دخولها ولم يجد عبد المنعم رياض حلا لإنهاء هذا الموقف سريعا إلا باعطاء اوامر لادخاله في سيارة سوداء وقبل ان يستقل حكيم السيارة نظر الي ابنائه بسرعة وكأنه كان يري لحظة الوداع وتوجهت السيارة الي مستشفي القوات المسلحة بالمعادي وهناك تم الاصرار علي انه تناول شيئا ما فأجريت التحاليل اللازمة التي اثبتت انه في حالة جيدة جدا وليس هناك اي شيء يدعو للقلق وأكد الفريق الطبي ذلك بل إنه خرج من المستشفي في الساعة الخامسة مساء ساريا علي قدميه وفي صحة جيدة وقد علمت ذلك ابنته الكبري آمال التي ذهبت الي المستشفي للاطمئنان علي والدها ولكنه كان قد خرج ولم تكن تعرف الي اين توجهوا به؟, ثم توجهت السيارة به الي استراحة بالمريوطية وهي مكان للاحتجاز السري ووصل اليها حكيم في الساعة السادسة تماما.
وكان يرافقه في الاستراحة المقدم الليثي ناصف من الحرس الجمهوري والدكتور علي بطاطا( طبيب اطفال) وفي اليوم التالي قام الفريق محمد فوزي باستدعاء طبيب من مستشفي القوات المسلحة لتوقيع الكشف عليه وطلب حضوره عن طريق سيارة خاصة سوف يتم أخذها للطبيب الي مكان ما, وكان حتي السادسة مساء المشير بكامل وعيه وصحته لم يكن يستلزم الامر استدعاء اي طبيب لانه في حالة طبيعية ؟فلم يكن هناك ضرورة لاستدعاء طبيب ؟ولكن في السادسة والثلث حضر الطبيب وفقا لتعليمات الفريق محمد فوزي ووجد المشير متوفيا ووجد الاستراحة مقطوعا عنها الماء ولا آثار لاي قيء لذا رفض كتابة تقرير علي ان المشير عبد الحكيم عامر مات مسموما او منتحرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.