أصبحت صناعة الألباستر بالأقصر مهددة بالانقراض على الرغم من أنها واحدة من اهم الصناعات التى تفوقت على الصينى الذى يغزو الان الاسواق السياحية المصرية بالاقصر والغردقة واسوان ويشوه الحضارة المصرية. أبناء الاقصر العاملون بتلك الصناعة لديهم العديد من المشاكل التى لاتجد حلا من قبل المسئولين واهمها ضرورة إيقاف غزو المنتجات المقلدة من الصين لأسواق وبازارات المدينة والتى تسيء للحضارة المصرية والعمل على تنظيم العلاقة بين الشركات والبازارات السياحية. وصناع الألباستر هم ورثة الفراعنة فى الفن، وهى مهنة شاقة وبالأرقام يوجد نحو 140 مصنع ألباستر حاصلا على ترخيص من مجلس مدينة القرنة ووزارة السياحة بالإضافة إلى نحو 400 ورشة وبازار غير حاصلة على رخص بما فيها العاملون من منازلهم، ونحو 80% من سكان القرنة يمتنهنون مهنة صناعة منتجات الألباستر، سواء بشكل مباشر صنايعى، فنى، مساعد، صنفرة أو بشكل غير مباشر. يوجد بالأقصر نحو 250 مصنعا، فى مدينة القرنة التى تشتهر بصناعة الآلباستر، ويعمل بالمهنة عدد من الفنانين ينتمون إلى ما يقرب من 5 آلاف أسرة. ويقول محمد طايع صاحب مصنع ألباستر بالبر الغربى للأقصر، إنه ورث المهنة من والده وجده، ويعمل بها من 35 عاما مضت. وأضاف أنه قبل ثورة 25 يناير كان لديه نحو 18 عاملا بشكل يدوى بالإضافة إلى البائعين فى البازار الملحق بالورشة بمتوسط مرتبات 1200 جنيه لكل عامل، وكان يزيد دخلى فى المتوسط على 30 ألف جنيه كل شهر بسبب حرص السياح على التسوق من مصر وشراء تذكار يعبر عن الحضارة المصرية، أما الآن فلجأت إلى تسريح العمالة تدريجياً ألى أن أصبحت وحيداً لا أجد حتى مصروفات منزلي، لانى ليس لدى مصدر رزق آخر. وقال إن كل أهالى البلد تقريباً يعملون بمهنة صناعة الألباستر وحتى النساء والأطفال، حيث يقوم كل شخص بجلب المواد الخام من الجبال بأدفو وأسيوط والمنيا، ثم يتم تصنيفها بالأقصر. ويضيف: والألباستر أنواع عديدة وألوان مختلفة، ويعتمد على الصناعة اليدوية أو بماكينات. وقال كنا نتفاخر بأن القرنة تخلو من البطالة فالكل كان يعمل بصناعة الألباستر حتى كبار السن كانوا يقومون بتلميع التحف وعمل أكسسوارات، الان بعد أن تضرر الأهالى وتوقفت الأيدى العاملة بالمهنة جراء انخفاض عدد السائحين اضطروا للعمل فى حفائر البعثات الأجنبية فى منطقة القرنة القديمة. وعن تاريخ المهنة يقول احمد عامر صاحب مصنع الباستر أنه فى أواخر الستينيات من القرن الماضى عندما زادت الأكتشافات الآثرية لمقابر الفراعنة بقرية القرنة وغيرها، كان السياح يأتون من كل بقاع الأرض لمشاهدة تلك الاكتشافات ويحرصون على شراء هدايا من مصر، وكان وقتها مباح بيع الآثار الحقيقية، ففكر أهل البلد فى تصنيع مجسمات أطلق عليها فى البداية لطُع وكانت بدائية الصنع وتطورت بسرعة ليقلد القائمون عليها الأشكال والتماثيل الفرعونية والذين أثبتوا جدارتهم فيها. وانهم بحق فنانون أحفاد صناع حضارة. وأضاف أن بعض عائلات القرنة تحظى بشهرة عالمية فى صناعة الألباستر مثل عائلة المطاعنة التى تشتهر بصناعة الجعارين ، وصناع الألباستر يعتبرون مرشدين سياحيين بالفطرة، حيث يأتى السائح لشراء الألباستر، ومشاهدة الفنان الذى يقوم بحفر ونحت وتلوين الألباستر بألات يدوية قديمة توارثها منذ زمن، ويقوم السائح بالتقاط الصور التذكارية له فى مراحل العمل، وسؤاله عن نوع الحجر ومن أين أتى به، وأحيانا يطلبون من صاحب البازار أن يحضر لهم الفنان الذى أنجز التحفة لسؤاله عن تاريخها، وفى اى مقبرة أثرية شاهد هذا المنظر وتأثر بصناعته. وأضاف أن نقل مدينة القرنة القديمة لمكان جديد يبعد نحو 10 كيلو مترات يقطعها فنان الألباستر يومياً على قدميه يمثل قهرا نفسيا واجتماعيا له، لافتا إلى أن وجوده فى القرنة القديمة ليجاور المقابر الفرعونية وآثار أجداده التى يقلدها كان له اثر فى وجدانه ليقوم بنسخها طبق الأصل وعن مشكلات حرفة الألباستر قال محمد حمزة أمين جمعية تنمية المجتمع لصناعة الألباستر والصناعات اليدوية أنه رغم القيمة الإنسانية للمهنة ومكاسبها الكبيرة، إلا أن الكثير من صناع المهنة حرصوا على عدم إعطاء سر المهنة لأبنائهم خوفاً من الزمن وتقلباته، ومن أكبر عوائق تلك المهنة أن الدولة لا تسوق لمنتجات هؤلاء الفنانين، وقال: عندما سافرت للخارج رأيت كيف تتعامل الدول مع منتجاتها اليدوية وتسوقها داخلياً وخارجياً، فالحكومة لا تفكر فى تنظيم معارض لهولاء العمال بالخارج. ناهيك عن مشكلة استيراد المنتجات الصينية التى تتميز برخص ثمنها وألوانها لكنها غير قوية وقابلة للكسر، لكن الزبون يقبل عليها لرخصها، رغم ما بها من أخطاء، لان الفنان المصرى الذى يقوم بصناعة منظر من جدارية لمقبرة فرعونية تأملها واعتادت عليها عينياه منذ الصغر، غير المنتج الصينى الذى يبتكر رسما مشوه تاريخياً تنجز منها الماكينة آلاف القطع. ورغم ذلك علق زبون فرنسى ذات مرة بأنه كيف اشترى هدية من مصر مكتوب عليها صنع فى الصين، كان من المفترض أن أذهب للصين حتى أشترى هذه الهدية ولا احضر لمصر؟. وأوضخ أن صانع الألباستر الآن لا يجد قوت يومه، فهو يتجول ببضاعته على أصحاب البازارات الذين يستغلوة ويبخسوا ثمن هذا الفن الرائع ليجد ما يشترية لإطعام أسرته، لذا إطالب بصرف إعانة لهؤلاء الفنانين من الدولة، أو تنظيم معارض لهم فى مصر او خارجها، فهولاء الفنانون ساعدوا المرممين الأجانب وأعطوهم سر من الأسرار الفرعونية التى تناقلوها عبر العثور عن خلطة لثبات الألوان فى المقابر القديمة من الطبيعة. وقال أحدهم إن الحكومة لا تحكم السيطرة على مستوردى هذه المشغولات الصينية مما يهدد يضياع مستقبل صناع تلك الحرفة، وأعتقد أن الحكومة تسهم فى اندثار تلك المهنة، بل وتناهض هذه الصناعة بعد أن فتحت باب الاستيراد من إيران وباكستان وأفغانستان والهند والصين، الذين يستخدمون التكنولوجيا والماكينات وينتجون شكلا أرخص وأحسن من اليدوى الذى يحمل قيمة أكبر، وعليها غلق باب الاستيراد من الصين وغيرها والاهتمام بتعظيم الإنتاج المحلي. وبالتقريب يتم استيراد مشغولات وعاديات فرعونية وأنتيكات من الصين زورا فى تاريخنا ووضعوا رأس نفرتيتى على جسد توت عنخ أمون، وقال نرجو من الحكومة تشجيع العمال المهرة ووضع ملصق يفيد بأن العمل صنع بأيدى مصرية، ويصرخ حمزة قائلا: نرجو إنقاذ نحو 50 ألف أسرة بالقرنة ليس لها اى مصدر دخل آخر سوى العمل بالألباستر الذين أصبحوا لا يمتلكون حتى ثمن شراء المادة الخام.ويشير إلى أن الحكومة لا تنظم العلاقة بين الشركات السياحية، ومصانع الشغل اليدوي، لافتا إلى أن الشركة التى تجلب السائحين للبازار تحصل على عمولة% توزع على سائق الشركة ومرشدها، نطالب بالإشراف الحكومى وتطبيق فكر سياحي، جديد ومختلف يواكب التغيير الحادث فى مصر، وقال على الحكومة الاستماع لمشكلات عمال الألباستر من نقص الخامات أو ندرتها أحياناً، والعمل على توحيد الأسعار فى جميع البازارات وإحكام السيطرة على السوق، وإعطاء دورات تدريبية للعاملين بالمهنة، فهؤلاء العمال بفطرتهم يعرفون جنسية السائح دون الحديث إليه ويجيدون التحدث بلغات أجنبية رغم أمية بعضهم، وهم حماة هذا الآثر وأحفاد الفراعنة الذين خلدوا حضارتهم بمعابدهم ومقابرهم.