في الخرطوم الان لا صوت يعلو فوق صوت الاستفتاء.. في المجالس الخاصة والمنتديات وغيرها من المواقع, والاجهزة الاعلامية تتحرك ليلا ونهارا من اجل الحصول علي معلومة او سبق صحفي في ظل الغموض الذي يصاحب الاستعدادات التي تمضي خطوة الي الامام وتعود خطوتين الي الوراء, وفي هذه المساحة استطلعنا نخبة من القيادات الاعلامية السودانية حول توقعاتهم لهذه القضية.. وماذا بعد؟. مصطفي ابوالعزائم رئيس تحرير صحيفة اخر لحظة السودانية قال انه فقد أي أمل في وحدة جاذبة او طوعية وقال انا زرت اديس ابابا مؤخرا والتقيت عددا من القيادات الجنوبية المؤثرة علي مختلف مستوياتها وادركت من خلال حواري معهم أن الحركة الشعبية تسعي لفصل الجنوب مشيرا الي انه اذا انفصل الجنوب لن يكون هناك خطر علي الشمال كما يتوقع البعض بل ان الدولة الناشئة هي الخاسرة ولذلك نحن لانقبل بان يتعرض الجنوب للضعف او معاناة شعبه ولذلك ظللنا ندعم مشروع الوحدة بقوة شديدة, وحول مستقبل السودان في ظل هذه الظروف قال ابو العزائم: هناك دعوات قوية لاقامة علاقات اقوي واكبر مع مصر ومطروح حاليا العديد من الخيارات لشكل هذه العلاقة التي من المفترض ان تتبلور خلال الفترة المقبلة وقال ان هذه الدعوات بدأت تجد اجواء ايجابية وحماسا كبيرا من جانب الشعب السوداني. وقال صلاح دهب مدير الادارة الرياضية لصحيفة اخبار اليوم السودانية انا اتمني من كل قلبي ان يحفظ الله وحدة السودان ومازلت متمسكا بالامل وقال هذه ليست امنيتي انا فقط بل هي امنية كل الشعب السوداني لان الوحدة تعني الاستقرار والتنمية, ولكن اذا صوت لغير الوحدة فلا خيار لنا غير ان نرضي بالامر الواقع لاننا بقدر ما قدمنا من جهد من اجل الحفاظ علي وطن واحد كبير ولم يعملوا هم ذلك فاختاروا الانفصال, فليكن وسنقول فليصبح الجنوب للجنوبيين والشمال للشماليين لان الحركة الشعبية هي القابضة علي امر الجنوبيين ولكن نحن في النهاية نتمني ان يجنب الله سبحانه وتعالي السودانيين شر الفتن والتمزق وان يفاجأ الجنوبيون العالم باختيار الوحدة طوعا من اجل سودان قوي. وقال هيثم كابو رئيس تحرير صحيفة فنون السودانية اذا نظرنا للواقع بحسابات الزمن والمنطق والعقلانية وبقراءة المشهد السياسي الآن فان الانفصال هو الارجح وهذا الامر وضح بجلاء شديد في موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان القابضة علي مصير اهل الجنوب وهي في نفس الوقت جسم عسكري لايمكن الاستهانة به في ظل سيطرته علي الجنوب وتأثيره المباشر علي الناخب الجنوبي بالطرق المشروعة وغير المشروعة ولذلك لايمكن ان تحدث وحدة بالسودان مالم تكن هناك صفقة الثواني الاخيرة بين المؤتمر الوطني او الحركة الشعبية لتحرير السودان علي غرار اتفاقية( نيفاشا) وهي اتفاقية مبنية علي مكاسب حزبية وتقسيم السلطة والثروة والسيطرة بين حزبين وعلي البقية من القوي السياسية وقوي المجتمع المدني ان تبقي متفرجة دون ان يكون لها اي حق في القرارات المصيرية والاستراتيجية وهذه الصفقة ستزيد من حصة الحركة الشعبية لان حملات المساومة التفاوضية والابتزاز السياسي بدأت من الحركة الشعبية منذ وقت بعيد وما يدور عن ابيي خير شاهد علي ذلك, وقد يري بعض العقلاء انه لاغضاضة في ان تبرم صفقة تحت الطاولة بين الحزبين الجنوبيين طالما ان النتيجة ستكون الوحدة خاصة ان المؤتمر الوطني قابض علي الشمال والحركة الشعبية قابضة علي الجنوب ولكن الحديث عن وحدة تتم عبر صناديق الاقتراع والرهان علي الناخب الجنوبي امر يمثل تغريدا خارج سرب الأحداث ويعتبر في نفس الوقت حديثا عاطفيا لزجا لاوجود له في أرض الواقع تماما وينبغي أن نعرف مكان العلة حتي نجد العلاج ولايعقل أن تبني أحلامك علي دواء وأنت تجهل الداء. وقال ضياءالدين بلال رئيس تحرير صحيفة السودان أعتقد أن الانفصال أصبح واقعا منذ5 سنوات ومنذ توقيع اتفاقية السلام والاستفتاء هو الاعلان الرسمي للانفصال, ومن الواضح أن التيار الانفصالي في الجنوب أصبح هو الغالب والأصوات الوحدوية خجولة وهامسة لا يستطيع أحدهم أن يجهر برأيه, ولذلك كان من الوهلة الأولي أن يتم الاتفاق بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والعمل علي التأسيس علي هذه الحقيقة, ويتم الترتيب علي علاقة جيدة بعيدة عن الأزمات والتوترات, وإذا انفتح تعامل اقتصادي واسع وأزيلت الحواجز أمام الثقافة والفنون والعلاقات الاجتماعية يمكن ذلك أن يشكل قاعدة للوحدة المستقبلية, وحول مستقبل السودان بعد الاستفتاء ومن هو الكاسب ومن هو الخاسر؟ قال ضياء في حالة الانفصال يصبح الوطن الكبير هو الخاسر, ولكن بالنسبة للشمال والجنوب كدولتين النتائج النهائية هي التي يمكن أن تحدد المكاسب والخسائر لكل جانب ونحن نتمني أن تصل إلي صيغة تضمن الوحدة التي تقي شعبنا ويلات الحروب والأزمات. ومن جانبه أكد الاعلامي الكبير محجوب عروة أن الانفصال كارثة حقيقية علي المنطقة بأكملها خاصة أن العالم الآن يتجه نحو التكتلات والتوحد, ولكن للأسف اكتشفت أن الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الزواج بينهما مثل الزواج بالاكراه من خلال اتفاقية السلام, خاصة أن اتفاقية نيفاشا كانت قسمة حزبية وسرعان ما انتهي الاتفاق وظهر ذلك في شيطان التفاصيل, ولذلك عندما وضحت أجندة الطرفين لكل منهما هدف مغاير, فالحركة الشعبية كانت تضمر الانفصال, مما يؤكد أن رحيل قرنق المفاجئ كان بفعل فاعل لاضعاف فرص الوحدة ويجد الانفصاليون الفرصة لقيادة الحركة وحتي سلفاكير خلال الفترة الانتقالية رغم انه النائب الأول لرئيس الجمهورية كان اهتمامه بالجنوب فقط ولم يعر منصب النائب الأول الاهتمام اللائق به, والمؤتمر الوطني كان كل همه السيطرة علي البلاد كلها, ولذلك حرص علي تهميش كل القوي السياسية الأخري, ولم يعمل لجعل الوحدة جاذبة لأن هناك عناصر بداخله تعتقد أن الانفصال أفيد للمؤتمر الوطني, ولذلك كان يمثل ترسين متعارضين بين الوحدويين الانفصاليين, ولذلك ظل الشريكان يعملان من أجل انفصال جاذب, وهذا ما أدي خلال الفترة الانتقالية إلي حدوث أزمة ثقة بين الطرفين المؤتمرالوطني والحركة الشعبية. وقال عروة أنا أعتقد أن الأوان قد آن للاتجاه شمالا نحو التكامل مع مصر لايجاد تكامل اقتصادي والاستفادة من الموارد والمنافع التي تتمتع بها البلدان, خاصة أن هناك بعدا استراتيجيا مشتركا, لأنه إذا نظرنا إلي تعدادنا إذا اتحدنا سيكون110 ملايين نسمة, وهذا سيشكل واقعا جيدا, وهذا التوقيت مناسب الآن ومن الممكن أن ننطلق من نظام كونفيدرالي لدولتين أو من خلال اندماج علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي, وهناك تجارب عديدة ناجحة, وحاليا نجد أن الحركة السياسية تربطها جميعا علاقات طيبة بمصر, والذين كانوا يرفضون الوحدة مع مصر علمتهم التجارب ضرورة الاتحاد مع مصر وأنا قريب من هذا الرأي, وأؤكد أن التقارب مع مصر هو الأهم. وقال عثمان فضل الله مدير أول تحرير صحيفة السوداني إن الأمل لم ينقطع بعد في مسألة وحدة طوعية أو انفصال ولكن أري بالضرورة أن ننتظر حتي نهاية الجولة ولو حدث انفصال سيكون مبنيا علي عاطفة وليس إلي العقل, وبالتالي مهما كانت النتائج سيظل الجنوب والشمال متحدين من خلال روابط اجتماعية واقتصادية, فضلا عن الروابط المشتركة الأخري, وأنا أسمع عن رؤية البعض التي تدعو للتوجه شمالا وأنا أعتبر هذا التوجه رد فعل لفعل حدث, وهذا الفهم مبني علي قضية الهوية وهي القضية التي مازالت تشكل صراعا دائما ومازالت, وهناك من يؤمنون بالعروبة اعتقادا منهم بأنهم تخلصوا من الجزء الافريقي ويمكن أن تسهل المهمة للتوجه شمالا بالاتحاد مع مصر أو إيجاد أي نوع من العلاقة, وهذا ليس اعتراضا علي الفكرة التي ينظر لها كل بمفهوه خاصة انه من حيث المبدأ أن العالم يسير نحو التكتلات الكبيرة, لكنها تحتاج لأن تكون مبنية علي المصالح الحقيقية ومؤسسة علي أسس واضحة, و أن تبعد عنها الظلال السياسية وتقوم علي المصالح الاقتصادية ثم العلاقة المرجوة أصلا تاريخيا وجغراقيا, ولكن إذا أردنا لهذا المشروع أن يحقق أهدافه بين مصر والسودان يجب أن تتاح فرصة كبيرة لمنظمات المجتمع المدني للعمل مع الجهات الرسمية لانجاز المشروع حتي لانصطدم بمعوقات التجارب السابقة في مسألة التكامل مع مصر وألايكون مشروع هذا التكامل او الاتحاد قائما علي العاطفة بل يقوم بشكل ممنهج وحرص الجانبين علي المصالح المشتركة ولكن هذا لايعني ان نترك الجنوب وحيدا لانهم سيكونون جيراننا ولدينا مصالح استراتيجية معهم وحتي لا تبقي ايضا منطقة توتر. اما الاعلامي الكبير والسياسي صديق الهندي فقال: يبدو ان السيناريو يسير في اتجاه الانفصال حسب مجريات الاحداث الا اذا حدثت مفاجأة وهذا احتمال ضعيف وقال الهندي الان مطروح مشروع يقوم علي علاقة اقوي مع مصر وهذا المشروع اصبح في مصر امرا مهما جدا وانا من انصار هذا الرأي استنادا الي العلاقات الازلية بين الشعبين الشقيقين لكن الامر يحتاج الي علاقة تكون مبنية علي المصالح الاستراتيجية والاقتصادية والتنموية بالاضافة الي العلاقات الثقافية والوجدانية والعرقية ولا ننكر انه كانت هناك مضاربة في الاتجاه نحو مصر في وقت سابق عكس اليوم والان اصبحت علاقات مصر قائمة علي الاهتمام بكل السودانيين ولذلك في حالة الانفصال يصبح من المطلوبات الاستراتيجية العاجلة التكامل مع مصر وهذا يتناسب وطبيعة الواقع وسيمثل البلدان سوقا كبيرة جدا خاصة ان مصر والسودان في الاصل كان بلدين لن ينفصلا ابدا مهما كانت الظروف ولابد من خطوة جادة في اتجاه خلق كيان كبير ومؤثر في المنطقة. وقال نائب الامين العام لاتحاد المهن الموسيقية السوداني المطرب سيف الجامعة ان الانفصال ليس فيه خير للشمال ولا للجنوب فكلاهما خاسر في هذه الحالة وانا اتصور ان القيادة السياسية في الشمال والجنوب يمتلكون اكثر من80% من مفاتيح الحل و20% في ايدي الشعب واذا سألنا سؤالا بسيطا للجنوبيين عن ماذا سيختارون في الاستفتاء سيردون بانهم يختارون الوحدة, وما يؤكد ذلك ان الحرب اشتدت علي مدي عشرين عاما لم ينزح الجنوبيون جنوبا بل نزحوا شمالا ولذلك الاستفتاء علي تقرير المصير هو استفتاء سياسي وليس استفتاء علي مستوي الوجدان والثقافة والتاريخ, حول الاتجاه الي مصر قال انا اعتقد ان مصر بثقافتها التاريخية والحضارية قادرة للعب دور كبير رغم الجهود التي قامت بها من اجل وحدة السودان فهي تتمتع بإرث من المحبة متجزر وعميق في الجنوب والشمال دون النظر للمصالح الانية او الفهم السطحي لمفهوم الامن القومي او العمق الاستراتيجي فعلي مصر ان تخاطب الوجدان الجنوبي تاريخيا خاصة ان الجنوبيين لديهم نزعة الهجرة من الجنوب الي الشمال ومصر هي هدف اساسي لهذه الهجرة وفي مصر اكبر جالية للجنوبيين في الوطن العربي وعبر التاريخ ظل المجتمع المصري مرحبا ولايزال بالاخوة من جنوبالوادي وكثير من الجنوبيين تعلموا في مصر ويمكن لمصر ان تلعب عبرهم علي هذا الوتر ولكن للاسف ايضا هناك بعض القيادات من الطرفين في الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني اغراهم الانفصال ولكن لن يمضي وقت طويل حتي يتبين لهما لاخير في الانفصال وانا اعتقد ان الاحساس بالندم في حالة الانفصال سيكون كبيرا وسيكون هذا الندم الشرارة الاولي التي ستعيد السودان كوطن واحد وانا انادي الجميع في الشمال والجنوب ان يفوتوا الفرصة علي دعاة الانفصال خاصة الذين هم الذين من خارج الوطن.