لعبت البرامج السياسية الساخرة دورا حاسما في تشكيل المشهد السياسي في أمريكا وتشكيل الرأي العام أيضا, فخلف النكات والضحكات سخرية لاذعة تقلل من شعبية من تتناولهم من السياسيين وترجح كفة آخرين. كتاب( السياسة نكتة.. كيف تعيد البرامج الساخرة صياغة الحياة السياسية) يأتي في مقدمة الكتب الأكثر مبيعا في واشنطن وهو للمؤلفين روبرت ليشتر وجودي بومفارتز وجوناثان موريس, ويعرض تاريخ النكتة السياسية بشكل عام ولكن الجزء الاكبر منه يتناول تأثير البرامج الساخرة ومقدميها علي الحياة السياسية الامريكية منذ الستينيات وحتي يومنا هذا مثل جوني كارسون وجون ستيوارت. يتناول الكتاب اهدافا مثل هذه البرامج التي تنتقد أعضاء الكونجرس الامريكي ومرشحي الرئاسة والرؤساء الامريكيين ونوابهم.. حيث يشير الي انها تتناول الفسق السياسي والخداع المالي والفضائح العاطفية وإساءة استخدام السلطة والعنف والحروب باسلوب كوميدي, الي جانب تناول علاقة المحارم بين السلطة ووسائل الاعلام الرئيسية مما يؤثر بشكل كبير علي البرامج الساخرة في واشنطن. وخلص الكتاب الي انه منذ عام1992 استهدفت البرامج الساخرة الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين. لم يسلم الرئيس الامريكي باراك أوباما من الانتقادات اللاذعة ولكن جون ماكين وجورج بوش وسارة بالين كان لهم الحظ الاوفر من السخرية, حيث اجتذبت بالين العديد من النكات خلال اربعة أشهر أكثر مما حدث لأوباما خلال عام كامل. ويتساءل المؤلفون هل للبرامج الساخرة قوة التأثير علي الرأي العام بالنسبة للسياسيين والسياسات؟ وتأتي الإجابة: بالطبع يبحث المواطنون عن المعلومات في مثل هذه البرامج علاوة علي التأثير في نظرة المشاهدين للسياسيين والسياسات المختلفة. رقم قياسي اعتمد المؤلفون علي بيانات جمعها مركز الإعلام والقضايا العامة في واشنطن.. وضرب الرئيس الامريكي بيل كلينتون رقما قياسيا في النكات التي استهدفته من خلال برنامج( عرض الليلة) لجوني كارسون بسبب أطول خطاب ادلي به امام المؤتمر الوطني الديمقراطي عام1988 والذي استغرق33 دقيقة, وقال الساخر كارسون وقتها مازحا ان الجراحة العامة وافقت علي استخدام كلينتون للمساعدة علي النوم بدلا من التخدير, وكان الحزب الجمهوري يستخدم برنامج كارسون كمقياس للسباقات السياسية في ذلك الوقت. وفي1998 كان بيل كلينتون قد حصل علي32% من جميع النكات التي تناولت السياسيين وهو أعلي معدل علي مدي العقدين الماضيين, حيث تضمنت معظمها عشيقته مونيكا لوينسكي. وقال مقدم البرامج الساخرة جاي لينو إن قانون الضرائب الامريكي يعد الان أطول4 مرات من أعمال وليام شكسبير مجتمعة وأضاف قائلا: اذا عادت جولييت إلي قيد الحياة مرة أخري ورأت آداء السياسيين لقررت ان تقتل نفسها مرة أخري. هيلاري كلينتون أيضا كانت مادة خصبة للسخرية نظرا لسعيها للترشح للرئاسة بعد انتهاء ولاية اوباما خاصة انها كانت وراء ازمة اغتيال السفير الامريكي في ليبيا, حيث قال جون ستيوارت في برنامج( ذا ديلي شو) أعتقد انني اتحدث باسم الجميع عندما أقوللا أحد يهتم بمعرفة ما اذا كنت تسعي للترشح لرئاسة أمريكا. ويحلل الكتاب100 ألف نكتة أطلقت علي السياسيين خلال العشرين عاما الماضية, ففي كل الانتخابات الرئاسية منذ عام1992 كان المرشحون الجمهوريون الاوفر حظا من النكات السياسية. انتقاد أوباما كشف الكتاب عن ان البرامج الساخرة تساهلت مع أوباما منذ حملته الانتخابية للرئاسة عام2008 فكان موضوع6% فقط من جملة الانتقادات. وأشهر تعليق ساخر علي أوباما جاء من خلال الناقد اللاذع الشهير جون ستيوارت في يوليو2008 حينما قال إن زيارة اوباما لاسرائيل ستشمل التوقف في بيت لحم لزيارة مسقط رأسه, وذلك في سخرية لاذعة مما وصلت اليه العلاقات الامريكية الاسرائيلية من قوة. كما اعتبرت البرامج الساخرة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن الاقل ذكاء بين الرؤساء الامريكيين نظرا للحروب التي شنها علي العراق وأفغانستان. ويقول المؤلفون إنه أحيانا تكون هذه البرامج غير عادلة في نقد السياسيين حيث وصف برنامج( ساترداي نايت لايف) الرئيس الامريكي الاسبق جيرالد فورد بأنه أخرق في الوقت الذي تظهر فيه الابحاث انه أفضل رئيس خدم واشنطن. وكان هذا البرنامج الذي أطلق عام1975 يركز علي ثروات السياسيين الامريكيين من أين جاءت وفيم يتم إنفاقها؟!