شهدت الندوة التقيمية التى عقدت امس بالمجلس الأعلى للثقافة ضمن فعاليات المهرجان القومى للمسرح الكثير من الانتقادات لحال الحركة المسرحية فى مصر فى الآونة الاخيرة وغياب الورشة التدريبية لصناع المسرح فى العناصر الفنية خاصة فيما يتعلق بالتأليف والإخراج. وقالت المخرجة عبير على إن الحركة المسرحية فى مصر تدور فى اطار عدد محدود من النصوص المسرحية التى يعيد تقديمها طوال الوقت متساءلة هل الأزمة فى نقص النصوص المسرحية الجيدة أم ان المخرجين لا يبذلون جهدا كافيا فى البحث عن نص جيد. وتساءلت ايضا عن غياب حرفية الممثل وحرفية المبدعين فى صناعة المسرح والجمود الذى يخيم على العديد من العروض المسرحية التى تخلو من المتعة بحجة انها اعمال مهمة وجادة ومشاكل الممثل على المسرح سواء من حيث مخارج الألفاظ والايماءات والحركة وغيرها، مؤكدة اننا نعانى من مشكلة حقيقية فى حرفية المسرح، وان مسئولية الدولة تطوير العملية الإبداعية وتطوير المبدعين من خلال برامج تدريب محددة ولا نكتفى فقط بتقديم عروض مسرحية وإقامة مهرجانات. وأضافت ان الأزمة تتفاقم بمرور الوقت بدليل انه حتى فى حالة التفكير فى اقامة ورش تدريبية متخصصة احيانا لا نجد مدربين للقيام بهذه المهمة، مشيرة إلى أن هناك ايضا مشكلات على مستوى التقنيات حيث مازالت المسارح تبنى من الرخام بينما تفشل المؤسسات فى اقامة خشبة مسرح جيدة، ويتم شراء اجهزة حديثة باهظة الثمن بينما لا يوجد شخص يستطيع تشغيلها والاعتناء بها، وبعض العمال يلجأون للبحث بأنفسهم والمجهود الذاتى فى تشغيل هذه الأجهزة لأنهم لم يتم تدريبهم بشكل جيد وتأهيلهم لذلك ، متساءلة كيف نقدم فنا جيدا ولا يوجد تقنيون. واشارت الى انه كل المؤسسات فى العالم لا يحصل العاملين فيها على ترقيات وظيفية الا بعد الحصول على فترة تدريب، بينما يرى المبدعون فى مصر ان التعليم إهانة بالنسبة لهم، فيما عدا بعض المبدعين الذى يسعون للاختلاف وتقديم فن مميز لكنها عبارة عن محاولات فردية فى جزر منعزلة، مضيفة ان هناك ازمة اخرى على مستوى الحركة النقدية التى من المفترض ان توازى حركة المسرح حيث لايوجد ما نطلق عليه حركة نقدية حقيقية فيما عدا كتابات عدد قليل جداً من النقاد ربما لا يتعدى اليد الواحدة. وأكدت د.نهاد صليحة أن نفس النصوص المسرحية يعاد تدويرها وتقدم أكثر من مرة، مشيرة الى ان اغلب المخرجين لا يقرأون نصوص مسرحية متعددة قبل اختيار النص فيما عدا عدد قليل جداً جداً من المخرجين المجتهدين، مؤكدة ان المسرح جهد شاق لا يجب ان يستخف به صناعه بهذا الشكل و لابد من تدريب المؤلفين وكل من يعمل فى هذا المجال. وأضافت انه فى اى دولة محترمة لا ينشر النص المسرحى الا بعد تقديمه على خشبة المسرح اولا لان النص لا يكتمل الا بعد جلسات بين المؤلف والمخرج لتكتمل اللعبة «مسرحية»، والمؤلف الموهوب يجب ان يعمل بهذه الطريقة لان هناك فارقا كبيرا بين النص المسرحى والعمل الادبي، مضيفة ان هناك ازمة اخرى تتعلق بتقييد طاقة الابداع والتى ترتبط بثقافة المجتمع فالتفكير فى مجتمعنا مشكلة لاتوجد لدينا ثقافة الجدل والاختلاف فى المجتمع والبعض يخاف من التفكير لانه من الممكن ان يجعله يشذ عن القاعدة والسائد ويضعه فى ازمة ولكن المثقف الحقيقى لابد ان يشذ عن الصوت الواحد. وقالت: «نحن بحاجة لثورة فى التفكير تنتشلنا من هذه الدائرة التى يحاول المصريون فيها اعادة استنساخ فترات سابقة وترفض التجديد والثورة على الماضي»، مشيرة إلى ان عرض المحاكمة للمخرج طارق الدويرى عبر عن ذلك ببراعة من خلال جملة على لسان البطلة تقول فيها «كنت بخاف افكر» وتساءل الناقد مجدى الحمزاوى كيف يمكن ان نتطور والمؤلف لديه رقيب داخلى أقسى من الرقيب نفسه ويبحث عن الإسقاطات هربا من المواجهة، مضيفا اننا بحاجة لكتاب جدد لديهم الشجاعة، لان الواقع واللحظة الراهنة تجاوزت النصوص العربية لذلك لجأ المسرحيون لنصوص الأجنبية المترجمة التى تبحث عن القيمة الانسانية وتتجاوز الزمن. وعلقت د.مايسة زكى على عروض مابعد الثورة التى ترى فى اغلبها الكثير من المداهنة والنفاق والتى يخرج منها المتلقى بنتيجة عكسية لان منظورها الفنى منفر لدرجة تجعل المتفرج يقف مع الفكرة المناقضة للعرض على سبيل المثال عرض «المخطط» الذى يحاول إقناع المتفرج ان هناك مخططا ومؤامرة ضد مصر لكن أسلوبه الفنى منفر لدرجه تجعلنا نخرج من العرض ونحن نوافق على المخطط ، مضيفة ان هذه الاعمال ضاقت على اللحظة الراهنة والهم السياسى الذى نعيشه. بينما تناولت الناقدة د.وفاء كمالو فى كلمتها مجموعة من العروض المشاركة فى المهرجان مثل «ماكبث» و»الليلة ماكبث» و»طقوس الموت والحياة» و»بيت النور».