مما لا شك فيه أن فكر الرئيس يشغل تفكيري، وتفكير المهمومين بالشأن العام وتفكير مؤسسات الدولة في الإصلاح الاقتصادي، من منطلق أجندته الوطنية المصرية التي تكتب باللغة العربية، وامتلاكه لسياسة النفس الطويل، التي جعلته يتحاور مع رجال الأعمال والصناعة المصريين في منتدي الأخبار الذي عقد برئاسة الكاتب الصحفي ياسر رزق لمناقشة: "دور رجال الأعمال في تحقيق التنمية الاقتصادية" وقد كان الرئيس "واضحا" "وحاسما" "وجريئا" "وأمينا" في عرض رؤيته المستقبلية للاصلاح الاقتصادي من منظور قيمي وليس من منظور سياسي وذلك علي النحو التالي: أولا - دعوته إلي وجود رؤية اقتصادية أسوة بكثير من الدول التي نهضت اقتصاديا، وأعطي مثالاً بروسيا التي عاد اقتصادها في التسعينيات، وعادت قوتها ونفوذها بعد فترة طويلة، وكذلك الصين التي أصبحت أكبر القوي الرأسمالية بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، تليها الهند وفق رؤية اقتصادية مستقبلية. ثانيا: طمأنته لرجال الأعمال والمستثمرين بأنه لن يستطيع أخذ شيء بسيف الحياء، ولن يظلم أحداً، ولن يضغط علي أحد مقتبسا من الفقه الاسلامي قاعدة ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام، والسؤال الذي يطرح نفسه: وماذا ستفعل يا ريس مع من كونوا ثروات وحصلوا علي أراضي الدولة بأسعار رخيصة؟ ماذا سيكون الموقف مع من فتحوا مصانع، وأخذوا قروضاً من البنوك المصرية الحكومية في حالة تجاهل مصر التي قدمت خيرها لهم؟ ثالثا: دعوته لرجال الأعمال للتوحد والتكاتف من أجل القيام بدورهم الجوهري الوطني في إعداد مشروعات كبيرة بالمليار جنيه، أسوة بالشركات الدولية والعالمية، وذلك خلال عامين أو ثلاثة، لكي يكون هناك كيان ضخم ينعكس علي الاقتصاد المصري، متعهدا بتوفير مناخ حقيقي للاستثمار، دون ابتزاز أو تهديد، وإزالة كل المعوقات التي تحول دون ممارسة مشروعاتهم. رابعا: طالب رجال الأعمال المستثمرين الكبار باستدعاء ضميرهم الوطني، والتحرك السريع لتنشيط الاقتصاد مخاطبا كل منهم: "لا تترك بلدك تضيع وأنت قاعد بتتفرج" مصر أعطت لنا جميعا الكثير، لا تكسر بخاطرها، وانظر الي مصلحة مصر لا المصلحة الشخصية، وفي هذا السياق أعطي الرئيس مثالا للمؤسسة العسكرية التي تمثل أقوي مؤسسة في الشرق الأوسط وموقفه كقائد لها قبل ثورة 30 يونيه، حين طلب منه أن يأخذ اللي عايزه من فلوس للجيش، ويضع وزراء مقابل ترك البلد ولم يبال بمصلحة الجيش، أو قائد الجيش آنذاك ولكن فضل مصلحة الشعب علي المصالح الشخصية. خامسا: تحذيره للمستثمرين من حجم الدين، موضحا أن "اللي أخدناه 200 مليار جنيه، وعجز الموازنة مازال فوق ال200 مليار جنيه وعبدالناصر ترك مصر مديونة ب1.2 مليار جنيه، والسادات تركها مديونة ب 21 مليار جنيه، ومبارك تركها مديونة ب1.2 تريليون جنيه، واليوم حجم الدين وصل إلي 1.9 تريليون جنيه منبها إلي أنه خلال ثلاث أو أربع سنوات سيصل حجم الدين إلي 4 تريليونات جنيه متحديا عدم تركه لمصر مديونة. سادسا: رسالته إلي كل مصري مقتدر بان ما حدش هاياخد حاجة معاه، وأنا لن يكفيني الا 100 مليار جنيه علشان مصر تقف علي رجليها، وقد أقسم الرئيس أنه لو يمتلك 100 مليار لسوف يعطيهما لمصر من غير تفكير، من أجل عدم إهانة مصر. وفي هذا السياق خاطب الرئيس من يستثمرون أموالهم في الخارج: "مصر أولي بكم وبأموالكم وهي تناديكم". سابعا: تحذيره من تكرار ما حدث في 18 و19 في يناير 1977 بعد صدور القرارات الاقتصادية آنذاك، ولكن الشعب في عهد السيسي تحمل من أجل مصر، مقدرا "ما حدث خلال الأنظمة السابقة، متحملا" تناول الدواء المر كخطوة للشفاء، "مدركا" أن الرئيس تبرع بنصف ثروته مما ورثه عن والده ونصف راتبه في سابقة لم تحدث في تاريخ رؤساء مصر. ثامنا: دعا المصريين إلي مواجهة الجشع واستغلال التجار من خلال سلاح المقاطعة، موضحا أن الإجراءات والقرارات الاقتصادية تتخذ لأول مرة منذ نصف قرن، من أجل بناء دولة قوية والتوقيت كان تحديا لقرارات رفع الدعم، لأن التأجيل معناه ازدياد الديون، وفي هذا السياق تساءل الرئيس عن دور الأحزاب والقوي السياسية في توعية المواطنين بقضية الدعم وشرح الضرورات في مواجهة التحديات؟ وما لفت نظري في هذا اللقاء الاقتصادي، رؤية ومبادرات بعض رجال الأعمال المشهود لهم بالضمير الوطني، والمساندين لمصر في أزمتها الاقتصادية، التي ركزت علي أن كل رجل أعمال يتولي منطقة عشوائية من خلال اعادة ترتيبها وتسكينها واعادة ترميم مدارسها ومستشفياتها، اضافة الي اقتراح أحد رجال الصناعة، بأن كل رجل أعمال يخصص 30 مليون جنيه في تشغيل عشرة آلاف شاب وفتاة خلال الفترة القادمة. ما يبقي بعد ذلك ومن خلال قراءة الرؤية الاقتصادية في فكر الرئيس: 1 - إعلان برنامج اقتصادي من خلال الضريبة التصاعدية لتصل إلي 30% مثل فرنسا وأمريكا وأوروبا، وتفعيل القرار الجمهوري المتعلق بفرض ضريبة ال5% علي الذي يزيد دخله علي مليون جنيه شهريا، وفرض ضريبة 2% علي كل فرد دخله أكثر من مليون جنيه سنويا، وفرض ضريبة 3% علي كل فرد دخله أكثر من 5 ملايين جنيه سنويا، وفرض 5% علي كل من يمتلك 20 مليون جنيه سنويا، مثل الخبرة الفرنسية التي تحصل علي أكثر من مليون يورو ولم يمس 90% من الشعب الفرنسي. 2 - تحصيل المتأخرات الضريبية التي تقدر ب 60 مليار جنيه وتفعيل قانون مكافحة التهرب الضريبي وحظر استيراد أي سلع لها بديل في مصر، وترشيد الإنفاق الحكومي، ووضع سقف للمكافآت التي يتقضاها كبار قيادات الدولة، وزيادة الرسوم الجمركية أسوة بالخبرة الايطالية. 3 - فرض ضريبة علي القصور والمنتجعات السياحية والفيللات في بورتوهات مارينا والعين السخنة وشرم الشيخ وغيرها، وحل مشكلة السجائر التي تستنزف من 25 - 30 مليار جنيه وفرض ضريبة عالية علي السجائر لتوفير 160 مليون جنيه من خلال تفعيل القرار الجمهوري. 4 - سرعة التخلص من البيروقراطية والقوانين العقيمة وإعادة النظر في أسعار الأرض في المناطق الصناعية من خلال إستراتيجية في الأسعار، وفي هذا السياق لابد من حل مشكلة ال250 الف فدان من الأراضي الزراعية والتعدي علي أكثر من 60 ألف منشأة وفق القانون 5 - تحويل التبرعات التي تحولت إلي صندوق تحيا مصر إلي مشروعات، بحيث لا تضاف إلي موازنة الدولة، بل يعاد تدويرها لنضمن زيادة رأس مال الصندوق، وكيفية زيادة حجم الصادرات وجذب الاستثمارات المحلية. والعالمية، وعودة مشروع بناء مشروع ال1000 مدرسة خلال الخمس السنوات القادمة بواقع 200 مدرسة كل عام. 6 - أن تدرس الحكومة كيفية إعادة توزيع نظام الصناديق الخاصة باستثناء الجامعات ووأعفائها نظرا لأنها تصرف علي نفسها من هذه الصناديق في شراء البوابات الالكترونية وغيرها من أجل تحقيق أمن الجامعات، بالإضافة إلي صرف حوافز أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة شهريا، مع اختصار عدد المستشارين في كل قطاعات ومؤسسات الدولة توفيرا للإنفاق ومن يرغب يمكن أن يعمل بأجر رمزي، مع تحديد سقف المكافآت مهما تعددت الأرباح للمؤسسات الصناعية والتجارية الكبري. 7 - أن يتكرم باقي السادة والسيدات رجال أعمال مصر ممن حضروا المنتدي واستمعوا إلي السيد الرئيس ابلإسراع بالتبرع للصندوق أسوة بالرئيس، وفي هذا السياق أذكر مليونيرات ومليارديرات مصر بالملياردير "بيل جيتس" وما تبرع به لخدمة شعبه، إحتفظ بالقليل لنفسه. وختاما: علي السيدات والسادة الإعلاميين الذين تبلغ رواتبهم بالآلاف أو الملايين شهريا، وعلي كبار الموظفين ومديري الشركات والهيئات والمؤسسات، وما أكثرهم - التبرع لصندوق تحيا مصر انطلاقا من قيام الرئيس بتدشين لصندوق وتبرعه ب500 الف جنيه لفرع البنك الأهلي، ناهيك عن تبرع القوات المسلحة بتحويل مليار جنيه لدعم الاقتصاد المصري، في مبادرة مصرية وطنية لم تحدث في تاريخ النهوض بالاقتصاد المصري.