عاد أستاذ اللغة الإنجليزية.. الأستاذ( محمد العربي) إلي بلده في ريف إحدي قري محافظة الشرقية, بعد أن قضي أعواما في بلاد الغربة والثلج.... دارسا اللغة الإنجليزية بجامعة( أوكسفورد)... دخل الشارع الذي يوجد في نهايته منزله الريفي.. تردد قليلا هل هذا هو الشارع المنشود أم أنه ضل طريقه؟! يوشك منزله أن يختفي قابعا بين العمارات الشاهقة.. راح ينظر في دهشة إلي اللافتات والإعلانات الكثيرة.. المحلات المتراصة علي جانبي الطريق تحمل أسماء أجنبية غربية.. هذا محل حلاق, تقول لافتته: جولدن فنجرزGoldeenFingers, محل حلاق آخر: رويال باريسRoyalParis وآخر: ترستTrust ورابع: جولدن هير GoldenHair, وهذا مكتب اتصالات تخرج لافتته لسانها باللكنة الإنجليزية: هارتس بلسHeartspLUS وآخر(ForYou) وهذا محل أحذية.. علي لافتته حذاء يخرج لسانه قائلا: سيلفرSliver وذاك محل بيع ملابس, تنطق لافتته بلكنة فرنسية: لامور.. واخر(Falcon) ناهيك عن محلات بقالة صغيرة تحمل لافتاتها عبارة: سوبر ماركتsupermarket وهذا مطعم كشري عليه لافتة: توم آند بصل... اندهش كثيرا سأل نفسه في حزن: هل أنا مازلت في البلد الأجنبي؟!.. ارتعشت أوصاله, وقد كان عائدا يحمل بين حناياه عبق الحنين إلي دفء لغة الضاد.. هل حولها أهلها إلي لغة الضد؟! كيف نترك أسمي لغة في هذا العالم.. لغة القرآن الكريم؟!.. كيف نساعد أعداءنا في مخططهم اللعين, لكي نفقد هويتنا؟!... كادت الدموع تطفر من عينيه.. لو أن محلا في بلاد الثلج وضع لافتة تحمل لغة أجنبية عنه, لأغلقوه علي الفور, ولدفع صاحبه غرامة فورية. عاد بذاكرته إلي الوراء.. رأي صورة بيجين في( كامب ديفيد) يرفض أن يتحدث بالإنجليزية التي يجيدها, وراح يتحدث بلغة هي بين لغات العالم تبعث من القبور... معتزا بها...( اللغة العبرية)..!! ثم علي شريط الذاكرة يري الرئيس الفرنسي, وهو يغير التعبير التالي في طلب إنشاء فندق: هيلتون دي باريس إلي باريس هيلتون.. قائلا في غضب: الأم أولا.. فرنسا أولا..!! دخل الأستاذ( العربي) جميع هذه المحلات سائلا في سخرية عن معاني لافتاتهم.. أطروقوا برءوسهم في جهل وخجل..!! رأي في قرب منزله امرأة تبيع الليمون البنزهير.. سألها: ما سعر الكيلو جرام...؟! أشارت بإصبع واحدة وقالت باسمة: ون باوند.. سألها مستغربا: ولماذا لا تقولين: جنيها واحدا...؟! أجابت مقهقهة: بريستيج... راح يقهقه في سخرية وألم.. ثم سألها بصوت متقطع: سيدتي.. ما معني هذه الكلمة؟! قالت: لا أدري.. أنا سمعتها هكذا.... قال وهو يضحك في مرارة: عجبا.. الخروف الإنجليزي يقول: ماء بينما خراف العرب تقول:water يحيي عبدالستار حسين فاقوس شرقية