منطقة ابيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب في السودان اصبحت تشكل القنبلة الموقوتة في طريق السلام في السودان في الحالتين اذا كانت نتيجة الاستفتاء لصالح الوحدة او الانفصال وهذه المنطقة غير انها غنية بالنفط تقوم علي بحيرة من البترول انها منطقة مهمة ونادرة للتعايش بين العرب الشماليين ممثلين في المسيرية ودينكا نقوك من الجنوب ولكن تداعيات الخلاف في السودان بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة في شمال السودان واستمرار الحرب الي فترات طويلة جعل المسيرية ودينكا نقوك هما طرفا النزاع كل منهما مدعوم بحكومته المسيرية مدعومة من حكومة الشمال ودينكا نقوك من الحركة الشعبية التي تحكم الجنوب.. ومع إصرار الجنوبيين ودينكا نقوك بأنهم السكان الاصليون للمنطقة ويحق لهم وحدهم الاقتراع في استفتاء ابيي يرد المسيرية بانهم التقوا في هذه المنطقة مع دينكا نقوك في نهاية القرن السادس عشر الميلادي وهم اصحاب نفس الحق وهم عرب رحل يقضون حوالي9 اشهر من السنة في منطقة ابيي التي تتبع حاليا لاقليم جنوب كردفان في الشمال. وقد تناول الدكتور ابو القاسم قور العضو المؤسس لشبكة درء الكوارث والسيطرة علي النزاعات بمعهد راهر للتنمية بجامعة بوخوم بالمانيا قضية ابيي عبر دراسة عن المشكلة تحت عنوان مستقبل السلم والنزاع ودراسة الابعاد الاجتماعية والاستراتيجية وشخص الصراع بانه اتخذ ثلاثة تحولات جوهرية قادت المنطقة للتدويل. وقال د. قور الصراع الاول هو صراع تقليدي تمثل في المشاحنات القبلية القاعدية والتي في الغالب السبب فيها يرجع الي التنافس علي مصادر الطبيعة ويعتبر صراعا تقليديا, اما الصراع الثاني فهو الصراع السياسي وهو في شكل حوار بين الفئات المختلفة ثم وضع الحلول السياسية والخلاف حول تبعية ابيي الي شمال السودان او جنوب السودان والذي جعل المنطقة كلها مقرا للتوتر السياسي وبؤرة من بؤر الصراع اما الصراع الاخطر فهو الصراع الدولي الايديولوجي حيث بدأ يأخذ هذا الصراع حيزا كبيرا دوليا وذلك بان اصبح الحديث عن ابيي مقرونا باسترقاق العرب للدينكا او اختطاف العرب لاولاد ونساءالدينكا كما يطرح عبر الانترنت ثم يتطور الصراع في البحث عما مايسمي لجنة الحد من اختطاف النساء والاطفالCEWAC هي لجنة تم تكوينها بوزارة العدل السودانية بعد ان نجحت الدبلوماسية في اقناع الجهات العالمية بان ماتم ليس استرقاقا بل هو اختطاف وتم من خلال هذه اللجنة اعادة العديد من المختطفين بواسطة اللجنة الدولية لرعاية الطفولة والرابطة الدولية للتضامن المسيحي ومن هنا تطورت قضية الصراع بين قبيلة المسيرية وقبيلة دينكا نقوك إلي قضية دولية. وتناول الدكتور ابوالقاسم قور اثر اتفاقية السلام الشامل علي منطقة ابيي حيث أوضح بأن منطقة أبيي دخلت في نزاعات متعددة بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل2005 مما لفت نظر المراقبين محليا ودوليا الي منطقة ابيي بوصفها بؤرة صراع اساسية تلقي بظلالها السالبة علي اتفاقية السلام الشامل واشار إلي أن مؤتمر قوك الذي اقامته الدينكانقوك ابان مفاوضات نيفاشا في عام2004. كان بداية مبكرة لعدم حسن النوايا من طرف الدينكا نقوك علي اقل تقدير خاصة أن المؤتمر لم يكن صناعة نقوكية خالصة بل ان جهات دولية كنسية كانت وراء المؤتمر الذي لم يحالفه الحظ ولم يفعلوا غير انهم اعلنوا ان دينكانقوك مجموعة افريقية واصلها من بحر الغزال وهذا تحصيل حاصل. وقال د. قور ان الدينكانقوك تعرضوا في الفترة من1982 وحتي عام2004 إلي دفع عالمي وتدويل لم تشهده المنطقةمن قبل لدرجة صارت المنطقة نقطة ارتكاز لسلام السودان علي حسب بعض المؤسسات والمنظمات الدولية. والذين صوروا المنطقة بأنها منطقة ابادة جماعية وكانت المعلومات التي تلقوها ذات طابع تحريضي ودجماجوجي فقدت بفعلها جميع تلك المؤسسات والمنظمات العالمية المعلومات الحقيقية ولذلك لم تفلح في التعامل مع المنطقة بطريقة علمية من حيث المنهج حيث انها لم تضع اي حساب لمجموعات العجايرة من المسيرية وتم الحكم عليهم بمعلومات مغلوطة. وقال أبو القاسم قور انهم بهذا السلوك بذروا بذرة الخلاف وبعدها بدأ الخلاف علي المباديء يطفو علي السطح وانعكس ذلك في الكراهية وعدم التوافق بين الممثلين لعرب المسيرية والدينكانقوك في مفاوضات نيفاشا ثم انعكس ذلك بصورة أشد حدة في شكل استقطاب بين شمال وجنوب بين طرفي المفاوضات حول أبيي ففشل الوصول إلي اتفاق حول صيغة المفاوضات حول ابيي مما دفع بالطرف الثالث وهو الطرف الامريكي بوضع مبادرته علي الطاولة فقبلها الطرفان وهما في حالة يمكن تسميتها ارهاق التفاوض وبعد توقيع الاتفاقية تكشفت لدي الطرفين بذور الخلاف داخل بروتوكول ابيي. وقال د. قور ان العديد من نقاط الضعف في البروتوكول ضاعفت من احاسيس الفرقة بدلا من العمل علي تقريب الشقة وهذا يؤكد أن البروتوكول. جاء كوثيقة توفيقية من قبل المبعوث الامريكي الخاص السيناتور جون دان فورث إلي طرفي الاتفاقية واكثر النقاط الخلافية التي اثارها المقترح هو تعريف منطقة ابيي الذي لم يعط اعتبارا للبعد الاجتماعي للفئتين فجاء التعريف كالاتي 1 أبيي هو جسر بين الشمال والجنوب يربط بين شعب السودان وفي الحقيقة لم تكن ابيي جسرا يربط شعب السودان بل التعريف المناسب هو ابيي منطقة تجمع بين قبائل الدينكا والمسيرية وهي أحدي مناطق النماس والتداخل القبلي. 2 تعريف المنطقة علي انها منطقة شيخات دينكانقوك التسع التي حولت إلي كردفان عام1905 هذه الفقرة اثارت شعور عرب المسيرية فادخلت المنطقة في توتر فانقلب المسيرية علي وفد الحكومة بعد ان شعروا بان الاتفاقية اجحفت في حقهم وبها مظلمة في لفئتهم لان التعريف لم يفرق بين ابيي وشيخات الدينكا التسع ابيي التي يعيش فيها بقية الدينكا والمسيرية وقال الباحث قور ان التعريف كان يمكن أن يكون نعني بمنطقة ابيي منطقة شيخات الدينكا التسع وقبيلة اولاد كامل في المرحال الاوسط ما يسمي بمحافظة ابيي التي تضم المرحال الغربي الذي يجمع بين قبيلة المغيارين والدينكا ملوال والمرحال شرقي الذي يجمع بين قبيلة اولاد عمران مع قبيلة النوير وقال الدينكانقوك فئة صغيرة جدا بالمقارنة مع بقية قبائل الدينكا التي تعيش في منطقة ابيي. 3 تحتفظ المسيرية وغيرها من البدو الرحل بحقوقهم التقليدية برعي ماشيتهم والتحرك عبر منطقة ابيي. ويري أبوالقاسم قور إن أول نقاط الضعف في هذه الفقرة القول وغيرها من البدو الرحل اذ لا يوجد غير المسيرية عرب بدو في تلك المنطقة اما النقطة الثانية ضعفها في حقوقهم التقليدية وهذا حديث مهم فالناس اينما يذهبوا يحملون معهم تقاليدهم فهذا قول فيه حصيل انتروبولوجي وثقافي كما أهمل هذا التعريف المجموعات المستقرة كما أهمل عامل الاستقرار كهدف تنموي يقود إلي حسم النزاع. واشار قور إلي أن هناك احتمالات لزيادة الصراع بازدياد الاضطراب الامني الذي قد يقود إلي مواجهة بين المسيرية والدينكا فتسعي القوات الدولية التي تم نشرها في منطقة ابيي بغية احتواء النزاع والسيطرة عليه وهذا ربما يقود إلي وقوع المنطقة كلها تمت الحماية الدولية.