مطران مطاي يهنئ رئيس مدينة سمالوط بعيد الأضحى    «الصحة»: 8 آلاف و481 من المهن الطبية استوفوا شروط الدراسات العليا للعام الدراسي 2023-2024    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إنتاج وتكنولوجيا القطن بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية    "حماية الأراضي" تتابع أعمال الحفاظ على الرقعة الزراعية وإزالة التعديات    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى 2024    عودة الاقتصاد المصرى إلى مسار أكثر استقرارا فى عدد اليوم السابع غدا    وزير الخارجية الإسرائيلي يتوعد حزب الله بالدمار الشامل    خبير علاقات دولية: الناتو وروسيا يعودان لتبادل الاتهامات والتهديدات بلغة السلاح النووي    زلزال فى إيران يودى بحياة 4 أشخاص ويتسبب فى إصابة 120 آخرين    شاهد أول هدف في تاريخ منتخب جورجيا ببطولة اليورو    يورو 2024.. التعادل 1-1 في شوط أول مثير بين تركيا وجورجيا    حريق يلتهم مزرعة دواجن في الواحات البحرية    وفاة الحالة الحادية عشرة من حجاج الفيوم أثناء أداء فريضة الحج    تعرف على سبب إلغاء حفل شيرين عبدالوهاب في الإمارات    سامح حسين عن مسرحية عامل قلق : أعلى إيرادات إفتتاحية فى تاريخ مسرح الدولة    العشرات يتظاهرون أمام الكنيست الإسرائيلي للمطالبة بانتخابات جديدة في البلاد    «دعم اجتماعي ومبادرات خيرية» كيف غيّرت قصة بائع غزل البنات من حياته؟    إسماعيل فرغلي يكشف عن تفاصيل إصابته بالسرطان    توجيه من عميد طب القاهرة لمديري مستشفيات قصر العيني خلال العيد    وكيل صحة الشرقية يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أبو حماد المركزي    في ثالث أيام العيد.. حملة مكبرة على حمامات السباحة في دمياط    تامر عبدالمنعم يقدم روائع الثمانينات والتسعينات في نوستالجيا 90/80 على مسرح السامر    خروجة عيد الأضحى.. المتحف المصري بالقاهرة يواصل استقبال زواره    «البيئة» توضح تفاصيل العثور على حوت نافق بالساحل الشمالي    جدول مباريات ريال مدريد بالكامل فى الدورى الإسبانى 2024-2025    "تخاذل من التحكيم".. نبيل الحلفاوي يعلق على أزمة ركلة جزاء الزمالك أمام المصري    مصرع 13 شخصا بسبب الفيضانات فى السلفادور وجواتيمالا    شرطة الاحتلال تفض مظاهرة معارضة للحكومة بعد إغلاق أحد شوارع القدس الغربية    «الصحة» تقدم نصائح لتجنب زيادة الوزن في عطلة عيد الأضحى    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    كيف تتجنب سحب البطاقة الائتمانية في ماكينة الصراف الآلي؟    مجدي يعقوب يشيد بمشروع التأمين الصحي الشامل ويوجه رسالة للرئيس السيسي    محافظ الجيزة يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بعرب أبو ساعد بمركز الصف    بعد انتشار ظاهرة قطع الأشجار.. تحرك برلماني عاجل لوقف وحظر تصدير الفحم    ميدو: طالبت بانضمام نجم المصري ل الزمالك و«اتريقوا عليا»    تفاصيل جديدة في واقعة وفاة الطيار المصري حسن عدس خلال رحلة للسعودية    تنسيق الأزهر 2025.. ما هي الكليات التي يتطلب الالتحاق بها عقد اختبارات قدرات؟    شد الحبل وكراسى موسيقية وبالونات.. مراكز شباب الأقصر تبهج الأطفال فى العيد.. صور    الجثمان مفقود.. غرق شاب في مياه البحر بالكيلو 21 بالإسكندرية    ميدو بعد أحداث الزمالك والمصري: الحكام بينفذوا أجندة.. والإرهاب هو اللي بيمشي    خبير سياحي: الدولة وفرت الخدمات بالمحميات الطبيعية استعدادا لاستقبال الزوار    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    احذر الحبس 10 سنوات.. عقوبة تزوير المستندات للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    طريقة تحضير كبسة اللحم بالأرز البسمتي    دعاء ثالث أيام عيد الأضحى.. اللهم إني أسألك إيمانا دائما وعلما نافعا    الحرس القديم سلاح البرتغال في يورو 2024    طرق حجز تذاكر قطارات السكة الحديد.. وأنت في بيتك احجز تذكرتك    "سويلم" يوجه باتخاذ الإجراءات اللازمة للاطمئنان على حالة الري خلال عيد الأضحى    انقطاع الكهرباء عن قرى جنوبية في لبنان جراء قصف إسرائيلي    هل يجوز للزوجة المشاركة في ثمن الأضحية؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    عبد الله غلوش: «إفيهات» الزعيم عادل إمام لا تفقد جاذبيتها رغم مرور الزمن    مدرب بلجيكا: لم نقصر ضد سلوفاكيا ولو سجلنا لاختلف الحديث تماما    تعرف على حكام مباراة الاتحاد والأهلي    العثور على جثة شخص بجوار حوض صرف صحى فى قنا    مصرع شخص وإصابة 5 فى حادث تصادم بالدقهلية    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والوحدة الوطنية‏..‏ فائدة التاريخ لاستخلاص العبر

إذا ما أراد المرء استخلاص العبر‏,‏ من خلال الردود التي صدرت عن نبلاء الضمير أخيرا‏,‏ وحول قضية العلاقات بين مسيحيي مصر ومسلميها فإن أول ما يلفت نظره أن المسيحيين ليسوا هم الأنبا بيشوي كما أن المسلمين ليسوا هم.
المفكر الإسلامي محمد سليم العوا‏..‏ وما فائدة التاريخ‏,‏
إذا لم نستخلص منه العبر؟‏!‏ من المؤسف أننا مضطرون إلي قول ما هو معرورف في تاريخنا وديننا‏,‏ ولكن ماذا نفعل والبعض يريد أن يهدم وحدة هذا الوطن فقديما قالوا‏:‏الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ونحن نتساءل‏:‏ من أوجدها اصلا‏,‏ ومن المستفيد من كل ذلك؟‏..‏ السؤال مهم‏,‏ ولكن الأهم الآن هو أن نعود إلي التاريخ‏,‏ حتي يعرف الناس أن تاريخنا العربي والإسلامي ملئ بالتسامح العظيم بين المسلمين والمسيحيين‏,‏ وأن ما يحدث الآن استثناء خارج عن نطاق التاريخ‏.‏
هناك رأي بات يعتقد في صحته الكثيرون من مفكري وباحثي وكتاب الغرب‏,‏ أن التاريخ الإسلامي لم يعرف الطائفية الدينية‏,‏ بل عرف الوحدة الوطنية التي تعدت إطار التسامح والإخاء‏,‏ إلي دائرة المشاركة في صنع المستقبل والمصير‏,‏ فلم يحدث مثلا‏,‏ أن فرض العرب المسلمون دينهم علي البلاد التي فتحوها‏,‏ بل لم يفرضوا حتي لغتهم العربية فالمصريون لم يستخدموا اللغة العربية الا في اوائل القرن الرابع الهجري‏,‏ وبقيت في كل البلاد المفتوحة غير مصر جماعات لم تغير ديانتها لأكثر من‏14‏ قرنا‏,‏ وبقيت متمتعة بحرية ممارسة شعائرها في الغالب وأهل الذمة في اللغة تعني أهل العهد والأمان والضمان وكانت لأهل الذمة حقوق وواجبات‏,‏ أما حقوقهم فهي الدفاع عنهم وحمايتهم ولهم الأمان علي نفوسهم وأموالهم‏,‏ وكانوا لا يدفعون سوي الجزية‏,‏ بينما معفون من الصدقات‏,‏ وكانت الجزية تساوي ما يدفعه المسلم من زكاة‏,‏ وتم اعفاء الأطفال والنساء والمساكين وذوي العاهات والرهبان أما ما عرف في بعض مراحل التاريخ الإسلامي من وجود ما يمكن أن نسميه الاضطهاد لأهل الذمة مع قلته وخفة تبعاته‏,‏ فقد كان مرجعه إلي اسباب سياسية أو دوافع شخصية ولا يتحمل الدين بالطبع وزرها علي الإطلاق‏.‏
ولابد ان يذكر في هذا السياق العهد الذي عقده الفاروق عمر بن الخطاب مع مسيحيي القدس كنموذج لموقف المسلمين من المسيحيين‏,‏ ولا تعنينا التفاصيل كثيرا وحسبنا رأي العلامة‏(‏ إميل درمنغم‏):‏ أن التاريخ لم يرو أن المسلمين قتلوا شعبا وما دخول الناس افواجا في الإسلام إلا عن رغبة فيه‏,‏ وهنا نذكر ان عمر لما دخل القدس فاتحا‏,‏ أمر بألا يمس النصاري بسوء وبأن تترك لهم كنائسهم‏,‏ وشمل البطريرك بكل رعاية ورفض الصلاة في الكنسية‏,‏ خوفا من أن يتخذ المسلمون ذلك ذريعة لتحويلها إلي المسجد‏.‏
هكذا كان الفاروق‏,‏ وهكذا كان المسلمون من بعده‏,‏ فمثلا عندما تغلب التتار علي المسلمين في الشام‏,‏ طلب ابن تيمية من قطلوشاه إطلاق سراح الأسري‏,‏ فأطلق سراح المسلمين فقط فقال له ابن تيمية‏:‏ لابد من افتكاك جميع من معك من النصاري واليهود‏,‏ الذين هم أهل ذمتنا‏,‏ ولا تدع أسيرا من أهل الملة ولا من أهل الذمة فأطلقهم‏..‏ وهذه الأمثلة قليل من كثير في التاريخ العربي الإسلامي‏,‏ حتي إن هناك علماء من الغرب‏,‏ اعترفوا بل وبهرهم هذا التسامح‏,‏ ومنهم فيلسوف الحضارات العلامة‏(‏ جوستاف لوبون‏)‏ في كتابه حضارة العرب الذي قال‏:‏ إن التاريخ لم يعرف أمة أرحم ولا أعدل وأكرم من العرب وأيضا قال العالم الفرنسي‏(‏ جوتيه‏)‏ في كتابه أخلاق المسلمين وعاداتهم :‏ لقد ثبت ان الفاتحين من العرب‏,‏ كانوا علي غاية من فضيلة التسامح لم تكن متوقعة ممن يحملون دينا جديدا وما فكر العربي قط وهو في اشد حالات تحمسه لدينه الجديد‏,‏ أن يطفئ بالدماء دينا منافسا لدينه‏.‏
وقد قال العالم الألماني الشهير‏(‏ آدم ميتنر‏)‏ في كتابه الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري تفاصيل أكثر دلالة علي هذا التسامح العظيم ومنها‏:‏ إن من اعظم بواعث الاستغراب‏,‏ كثرة عدد المسيحيين من رجال الأمر في الدول الإسلامية‏,‏ وقد شوهد المسلم في بلاده يحكم عليه النصاري‏,‏ وحدث في القرن الثالث الهجري أن كان النصاري وزراء حرب مرتين‏,‏ وكان علي القواد المسلمين حماة الدين أن يقبلوا أيدي الوزير وينفذوا أمره‏,‏ والدواوين كانت مليئة بالكتاب من النصاري‏.‏
وطوال التاريخ الإسلامي‏,‏ لم تتوقف فصول التسامح العظيم‏,‏ ومنها تولي الكثير من النصاري تعليم أولاد الخلفاء والأمراء وقيادة جيوش المسلمين في بغداد والأندلس‏,‏ وتولي منهم في عهد أكثر من خليفة‏,‏ مناصب منها الوزير والكاتب والطبيب الأول في الدولة وفي هذا الاتجاه قال سير توماس أرنولد في كتابه الدعوة إلي الإسلام :‏ إن وجود العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة‏,‏ لهو خير شاهد علي ذلك التسامح‏..‏ ثم يقول في موضع آخر‏:‏ ولما كان المسيحيون يعيشون في مجتمعهم آمنين علي حياتهم وممتلكاتهم‏,‏ ناعمين بمثل هذا التسامح الذي منحهم حرية التفكير الديني فإنهم تمتعوا خاصة في المدن بحالة من الرفاهية والرخاء‏,‏ ويورد المؤلف دلائل كثيرة‏:‏ منها أن معاوية ابن ابي سفيان قد توسع في توظيف المسيحيين‏,‏ وحذا حذوه آخرون من البيت المالك الأموي وفي عهد الخليفة العباسي‏(‏ المعتصم‏)‏ اخوان مسيحيان أحدهما اسمه‏(‏ سلمويه‏)‏ كان يشغل منصب قريب الشبه من منصب الوزير في العهد الحديث‏,‏ علي حين كان أخوه‏(‏ ابراهيم‏)‏ يحفظ خاتم الخليفة وخزانة بيوت الأموال في البلاط‏..‏ ويحدثنا نفس المؤلف أنه في عهد الخليفة‏(‏ المعضد‏)‏ كان عمر بن يوسف والي الانبار بالعراق مسيحيا‏,‏ كما عهد الموفق وكان صاحب سلطان مطلق في عهد أخيه الخليفة‏(‏ المعتمد‏)‏ أمر تنظيم الجيش إلي مسيحي‏,‏ واتخذ ابنه‏(‏ المعضد‏)‏ كاتبا نصرانيا وهو ملك بن الوليد وفي أواخر أيام المعتمد تولي نصراني آخر ديوان الجيش الذي حكم العراق وجنوب فارس‏.‏
وفي عهد صلاح الدين الأيوبي وأثناء حصار ميناء‏(‏ عكا‏)‏ عام‏1190‏ م‏,‏ تم تكليف المسيحي‏(‏ عيسي العوام‏)‏
لتوصيل ثلاثة اكياس بها الف الف دينار إلي حامية عكا‏,‏ فربطها علي وسطه وسبح بها‏,‏ ثم انقطعت اخباره فقلق عليه صلاح الدين إلي أن وجدوه غريقا وعلي وسطه اكياس الأموال فقال صلاح الدين‏:‏ ما رؤي من أدي الأمانة في حال حياته وقد أداها بعد وفاته إلا هذا الرجل يقصد عيسي العوام‏.‏ ومن السهل أن نطيل الاستشهادات من هذا النوع لكن ما ذكرناه يكفي للدلالة علي عظمة التسامح الإسلامي الذي كان مثار اعجاب وابهار علماء الغرب‏,‏ فما احوجنا الآن مسلمين ومسيحيين إلي التمثل بهدي هذا التاريخ باعتباره البوصلة الوحيدة القادرة علي اعادتنا نحو غد يمثلنا باعتباره صانع الوعي بالذات ومنبع الفيض للمستقبل‏..‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.