القبعة التي أقصدها هنا ليست هي القبعة التي دار الجدل حولها في مصر خلال الربع الثاني من القرن الماضي, والتي كانت ترتبط بمعان ثقافية, فقد كانت مصر علي وشك الانتقال من عصر إلي آخر, وكان العصر الأول هو الحقبة التركية التي استمرت قرونا سابقة وكان رمزها هو الطربوش, أما العصر الذي كانت النخبة المصرية تفكر فيه في ذلك الوقت فإنه أوروبا بكل ما تعلق بها من تقدم في مجالات العلم والثقافة, وفي النهاية قررت غالبية المصريين أن تخلع الطربوش, دون أن ترتدي القبعة, ما عدا المناطق الريفية, فقد كان الفلاحون في الدلتا قد صمموا طاقية خاصة مصرية, ولم يهتموا بجدل المدينة, وكان أبناء صعيد مصر قد صمموا عمامة شهيرة, وكان كل المصريين خارج المدن يرتدون الجلابيات, وانتهي الأمر بالمدن إلي الرأس المكشوف. الآن.. لا يوجد سبب ثقافي لإثارة الموضوع, لكن يوجد سبب مناخي, ففي تلك الحقب كان مناخ مصر يسير وفقا لتلك العبارة التي كانت تشبه الحكم الذائعة, وهي حار جاف صيفا.. دافئ ممطر شتاء, ولا يعنينا الشتاء هنا في شيء, فلم يعد لدينا شتاء بالمعني المفهوم, ولم يعد هناك مطر, إلا أن الصيف في مصر تحول إلي مشكلة حقيقية, فقد تأخر قليلا هذا العام, بدرجة بدا معها أن الربيع قد عاد مرة إلي خريطة مناخ مصر, بعد أن كان قد اختفي لعدة سنوات, لكن بعد ذلك شنت موجات الحر المتتالية هجوما حادا علي الجميع, مع رطوبة عالية تسببت في مشكلة تتعلق بالكهرباء ليلا, والمرور صباحا, وبدا أن علينا أن نفكر في غطاء الرأس. إن عددا كبيرا من المواطنين يتحركون في الشوارع, أو يعملون في الشوارع, وكان من الممكن ببساطة رؤية العرق أو الاكفهرار, بينما يحاول البعض أن يحمي رأسه بجريدة من الجرائد, أو بمنديل أو حتي باليد الخالية, وبالطبع فإن ارتداء الطاقية أو العمامة ليس مناسبا لطبيعة الملابس المعتادة في المدينة, أما إذا قرر أحدهم أن يرتدي قبعة, فإنه أصلا لن يجد أماكن كثيرة لبيعها, وسوف يتوقع أن يناديه البعض بالخواجة, بحيث يمكنه أن يقرر احتمال الحرارة كحل أسلم من أن يتعرض لتلك التهمة علنا, لكن في نهاية الأمر فإننا يجب أن نجد حلا لحماية رءوسنا من الحر خلال السنوات المقبلة, وأنا لست مصرا علي الإطلاق علي فكرة القبعة, علي ألا نعود إلي لبس الطرابيش. [email protected]