تمنيت أن يكون هذا عرضا دائما وليس عرضا وقتيا, خاصة وأنه علي الرغم من هدوء عاصفة الحديث عن الاستيلاء علي أراضي الدولة, فإن عمليات الاستيلاء في حد ذاتها لم تتوقف. أحد العيوب الرئيسية التي نعاني منها في مجتمعنا أننا لا نستكمل أبدا ما نبدأ, تبدأ معنا الأمور كالنار الثائرة, تبدو وكأنها لن تهدأ, ثم تخبو وتتحول إلي رماد, وفي أحيان عديدة رماد لا يحمل تحته جمرات, بل تنتهي الأمور تماما. مثل هذه الحالة نعاني منها أيضا في إعلامنا, نبدأ مع قضية ما, يبدو معها الأمر وكأنها قضية ساخنة تحمل داخلها العديد من التفاصيل و التطورات ثم سرعان ما تهدأ خلال يومين أو ثلاثة, وننسي ما فات حتي تنطلق أو تنفجر مرة أخري من جديد, وهذا جزء مما يراهن عليه الآخرون معنا عندما يكون لسان حالهم' دعوهم في انفعالهم فإنه إلي هدوء أكيد'. أحد الموضوعات التي ثارت في الفترة الأخيرة كانت القضايا المثارة حول أراضي الدولة, وبدأت العديد من وسائل الإعلام المختلفة في تناول هذه القضية من زوايا مختلفة, وأيضا قصص متعددة من يرصد هذه المعالجات في الفترة الأخيرة ولا يعلم هذا الجزء من ثقافتنا يعتقد أن الحملة مستمرة, ولن تقف إلا عند الوصول إلي نتيجة, ولكن ما حدث ويحدث وسوف يحدث أن الأمور هدأت وسكنت. عندما قرأت في عدد الأمس من الأهرام المسائي في صفحته الأولي التقرير الخاص بالمخالفات الحادثة في أراضي طريق الصعيد البحر الأحمر والذي كتبه الزميل علي محمود تذكرت كل ما ذكرته في مطلع هذا المقال, وتمنيت أن يكون هذا التقرير واستمرار التعامل مع القضايا التي تهم الوطن بشكل مستمر وبقدر من المتابعة, تمنيت أن يكون هذا عرضا دائما وليس عرضا وقتيا, خاصة وأنه علي الرغم من هدوء عاصفة الحديث عن الاستيلاء علي أراضي الدولة, فإن عمليات الاستيلاء في حد ذاتها لم تتوقف, وبالتالي فما أتمناه استمرار هذه الحملة الإعلامية بشرط أن تكون موثقة ومؤكدة وأن يسود فيها منطق البحث و التقصي و ليس الانطباعات أو تصفية الحسابات أو المعارك نيابة عن الغير. ما ذكره التقرير المنشور بالأمس هو جد مهم وخطير وجزء مما فيه ذكره لي من قبل اللواء عمر الشوادفي رئيس الجهاز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة, فصقور الأراضي تحدد من أين تؤكل كتف أراضي الدولة, ترصد المشروعات المهمة التي تعني زيادة كبيرة في أسعارها وتنطلق لتخلق حولها واقعا وتاريخا مزيفا لتثبت ملكية ليست موجودة, أو تتحايل للتوصل إلي عقود شراء أو تخصيص تستغل فيها ضعاف النفوس في المناطق المرشحة لارتفاع أسعارها, وطرق القاهرةالاسكندرية الصحراوي, أو الاسماعيلية أو السويس والآن الصعيد هي شهود علي ما أقول وتحتاج من الزملاء الصحفيين العمل من أجل كشف ما يحدث هناك بأسلوب موثق وتحريات صحفية أمينة لا تهدف إلا إلي الصالح العام.