اللواء أحمد رأفت الذي لم أعرف اسمه الحقيقي في البداية هو من حمل ملف الجماعات الإسلامية في مصر وتولي مسئوليتها بعد اغتيال المسئول الأول في جهاز أمن الدولة في ذلك الوقت اللواء رءوف خيرت في التسعينيات أول لقاء لي مع اللواء أحمد رأفت كان منذ حوالي سبع سنوات أو أكثر بقليل, التقيته دون أن أعرف من هو, كان لقاء حادا, عاصفا في بعض أجزائه, لكنه انتهي بعد حوالي أربع ساعات إلي بداية لعلاقة متميزة بيني وبين هذا الرجل, بل كان مفتاحا لعلاقة متميزة بيني وبين كل رجاله الذين عملوا معه. اللواء أحمد رأفت الذي لم أعرف اسمه الحقيقي في البداية هو من حمل ملف الجماعات الإسلامية في مصر وتولي مسئوليتها بعد اغتيال المسئول الأول في جهاز أمن الدولة في ذلك الوقت اللواء رءوف خيرت في التسعينيات, وتفاصيل هذا العمل وتلك المسئولية طويلة وكثيرة, لكن العلامة الحقيقية و المضيئة في تاريخ هذا الرجل أنه استطاع و رجاله أن يكتب صفحة مهمة في تاريخ هذا الوطن وأن يكتب صفحة مهمة في تاريخ جهاز الأمن المصري وذلك عندما نجح في صياغة تجربة مهمة مع الجماعات الإسلامية التي كانت في موقع المناهض للمجتمع واستطاع في الوقت الذي يعاني فيه العالم من الإرهاب أن تفتح مصر أبواب المعتقلات ليخرج منها الآلاف من أعضاء الجماعة الإسلامية وذلك بعد أن قامت بالدراسة والمراجعة, المراجعة الفكرية والفقهية ومراجعة النفس, وخرج إلي النور ما أطلقت عليه منذ ذلك الوقت مراجعات الجماعة الإسلامية و التي تلتها بعد ذلك مراجعات تنظيم الجهاد, شهدت مصر هذه التجربة المهمة التي رصدها العديد من دول العالم ووقف أمامها بتقدير واحترام عندما خرج هؤلاء من السجون لينخرطوا في المجتمع بعد أن راجعوا أفكارهم. تبني هذه التجربة, تحمس لها ودفع بها للأمام اللواء أحمد رأفت تحت إدارة وإشراف اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية, كنت شاهدا علي بعض التفاصيل المتعددة في هذه التجربة, بل واستطعت بمعاونة اللواء أحمد رأفت ورجاله اللقاء بكل قيادات وأعضاء الجماعة الإسلامية داخل السجون وعدد من تنظيم الجهاد, وكنت شاهدا علي تلك العلاقة التي لم أر مثلها من قبل بين قيادات وأعضاء الجماعة الإسلامية واللواء أحمد رأفت في علاقة لا أظن أنه يوجد مثلها في هذا القدر من الاحترام و التقدير بل والامتنان من هذه القيادات تجاه( الحاج) كما يناديه هؤلاء القيادات أنفسهم. جلست طويلا إلي هذا الرجل, سمعت منه الكثير من الحكايات التي لا يمكن تخيل حدوثها, كان يرويها ببساطة مفاجئة, فيها الإصرار والذكاء والأخلاق والتواضع, فعل كل ما فعل من أمور علي أنها عادية, واختار بنفسه أن يفعلها. كون فريقا من زملائه وتلامذته, لم أر شكل العلاقة بينهم, لكنهم فعلوا الكثير للوطن, وقدموا الكثير دون أن نسمع عنهم. تعرض اللواء أحمد رأفت منذ عدة سنوات إلي حادث وهو يؤدي واجبه اقترب به كثيرا من الموت, واستمر في العمل والقيادة, وفي دوره الذي لو أتيحت للجميع معرفة ما أتيحت لي معرفته لشعروا مثلي بهذا الشعور الصادم عندما علمت بوفاته بأزمة قلبية وهو علي مكتبه يؤدي ما ارتضي أن يلتزم به من دور تجاه هذا الوطن. في وقت متأخر من ليلة الجمعة الماضي وافته المنية وهو في مكتبه حتي اللحظة الأخيرة يقوم بدوره ويقوم بمسئوليته التي لا أظنه تخاذل أو تكاسل عنها في يوم من الأيام. عرفت هذا الرجل وشرفت بمعرفته, وتعاونه وزملائه معي, وكانت صدمتي كبيرة وحزني عظيما عندما علمت بوفاته, أحيانا لا تتخيل مقدار من حولك حتي تفاجأ بفقدانهم. رحم الله رجلا أحب هذا الوطن بإخلاص نادر وتفان مذهل, رحم الله أحمد رأفت.