عذرا لانقطاعنا الاسبوع الماضي عن مواصلة رحلتنا مع الطرب والمطربين علي الشاشة الفضية, وها نحن نعود لها من جديد وفيها نواصل مسيرة الفنان المبدع الراحل محمد فوزي1918 1966 في السينما الغنائية والاستعراضية, والتي بدأناها قبل اسبوعين, ولأنها غزيرة نسبيا(36 فيلما) مقارنة بنظرائه المطربين الآخرين بيد أنه كان القاسم المشترك في شرائط سينما حقبتي الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ومن ثم فالمفترض أن ننهيها الجمعة القادم, وفي الجزء الثاني اليوم, ننتاول مجموعة الأعمال التي قام فوزي ببطولتها عام1950 والتي بلغ عددها خمسة أفلام. في بنت باريز والذي عرض في مستهل عام1950, وأخرجه حلمي رفلة عن قصة لابو السعود الابياري(1910 1969) والذي قام أيضا بكتابة السيناريو والحوار لها نري عادل( محمد فوزي) يتفق مع صاحب مسرحه للاستعانة بالراقصة الفرنسية سوزي وبعد ان يعلن عن قدومها يفاجا صاحب المسرح( عبد السلام النابلسي1899 1968( بانها مريضة فيستبدل بها العاملة نعنانة( ليلي فوزي1923 2005) التي تشبهها, ويقع عادل في حب سوزي ولا يدري أنها الفتاة البسيطة نعنانة, وبعد سلسلة من المفارقات الكوميدية والتي حفلت بدورها باغاني فوزي الجميلة. يعرف عادل الحقيقة ويتزوج نعنانة. ومع حلمي رفلة الذي تولي إخراج معظم أفلام فوزي يعرض في نفس السنة غرام راقصة عن قصة وحوار يوسف جوهر(1912 1996) ووضع رفلة لها السيناريو وفيه يربط الحب بين فوزي المطرب المبتدئ ومطربة ناشئة في إحدي الفرق الاستعراضية( نور الهدي1924 2004) و يتعاهدان علي الزواج, في نفس الوقت تعمل بالفرقة راقصة مشهورة( تحية كاريوكا1915 1999) والتي ستعجب بالمطرب الشاب وتحاول التقرب منه إلا أنه يصدها لحبه للمطربة الناشئة, تحقد عليه لرفضه حبها مفضلا عليها بنت فقيرة مثل تعمل خادمة لديها, وتعمل علي الإيقاع بينهما, وتنجح في خلق سوء تفاهم هائل بينهما, إذ توهم المطربة أن من تحبه هو في الحقيقة زوجها وبطبيعة الحال تنصرف عنه بعد أن صدمت فيه, بالتوازي يقع الفتي المخدوع صريع المرض الذي يجعله يبتعد عن الناس, وهنا يعتقد الجمهور أنه مات, وبعد فترة يشفي من مرضه, ويبدأ في البحث عن حبيبته المطربة الناشئة, والذي كان فراقها عنه نتيجة لمكيدة دبرتها الراقصة المشهورة, وأخيرا يجدها ويبدآن رحلة الحياة ويتزوجان. وبالطبع كان وجود كل من حسن فايق(1898 1982) محمود شكوكو(1912 1985) عبد السلام النابلسي(1904 1968) أثره البالغ علي الشريط السينمائي الذي ابتعد بفضلهما من جو الكأبة والمؤامرات إلي الكوميديا والفكاهة سمة اعمال فوزي إجمالا, وجاء غناء الأخير بمثابة بلسما راقيا أضفي بدوره نوع من الشجن علي مشاهد الفيلم. في آه من الرجالة لحلمي رفلة أيضا والذي شارك مع محمد فوزي عدد من النجمات والنجوم أمثال مديحة يسري وإسماعيل ياسين(1912 1972) وعلي الكسار(1887 1957) ووداد حمدي(1924 1994) وشرفنطح(1886 1966) عليه فوزي, وزينات صدقي(1913 1978), سميحة توفيق(1928) رأينا وفقا لتلخيص الناقد محمود قاسم' ميمي وفيفي وسوسو, ثلاث فتيات رشيقات, تعرضن لتجربة الحب, لكنهن خرجن بفشل ذريع لكل منهن, ترجمن هذا الفشل بأن ينقمن من الرجال, إذ يشعرن بكراهية للرجل الذي كان السبب في فشل تجربة الحب مع كل منهن, يقابلن ثلاثة رجال ويبدأن في التعرف عليهم, تقع الثلاثة ميمي وفيفي وسوسو في حب رجل واحد من الثلاثة( محمد فوزي), وتعتقد كل واحدة أنه يحبها هي وأنه سوف يعرض عليها الزواج, إلا أن الرجل كان يرتبط بعلاقة حب مع أخري( مديحة يسري) ويعلق أنه سوف يتم زواجه منها في القريب, تذهب كل من ميمي وفيفي وسوسو لمقابلته فيجدونه يزف لحبيبته, وتقع كل منهن في ورطة حيث أن كل منهن صحبت أسرتها معها, ويحدث سوء فهم للموقف ولكن ينتهي بأن تتزوج الفتيات الثلاث بثلاثة رجال تقدمن لهن من قبل, حكاية تبدو ساذجة, لكن طريقة معالجتها واداء الممثلين وخفة ظلهم جميعا وعلي راسهم محمد فوزي بأغانيه, جعل من الحكاية وكأنها حقيقة وأنها حدثت بالفعل. غير أن الطفرة الفكاهية في مجموعة تلك الافلام تمثلت في عملين هما الانسة ماما إخراج حلمي رفلة عن قصة لابو السعود الابياري, والزوجة السابعة إخراج إبراهيم عمارة(1910 1972) قصة وسيناريو وحوار أبو السعود الابياري أيضا. في الأول نحن أمام فتاة( صباح) تهوي الغناء, وفي نفس الوقت تهيم حبا ب( محمد فوزي) المطرب المشهور, ويبدأ الأخير في إعداد أوبريت غنائي أشترط أن تكون بطلته مطربة جديدة, ويعلن مدير المسرح وهو ايضا والد البطل سليمان نجيب(1892 1955) عن مسابقة لاختيار الفتاة التي ستقوم ببطولة الاوبريت, تتقدم الفتاة لعلها تفوز في المسابقة ويتحقق حلمها لكنها تفشل في الاشتراك بالمسابقة وتصاب بإحباط إلا أنها تعاود المحاولة من جديد, وتبدأ في التودد لوالد المطرب الذي يعجب بها, ولكنه في نفس الوقت يحس بمشاعرها نحو ابنه, ومن أجل إثارة غيرة المطرب, تتفق مع والده أن يدعي أنه تم الاتفاق بينهما علي الزواج, يفاجأ المطرب بهذا الخبر. وبالتوازي يبدأ الرجل العجوز في تدليل المطربة الجديدة ويدعو ابنه إلي احترامها علي أنها أمه, وكلما تحس المطربة بالحب نحو المطرب تبدأ في إثارة غيرته, وأخيرا لا يجد المطرب مفرا من الاعتراف بحبه لها, وتتوالي المواقف الفكاهية والذي يزيد من زخمها الراحل إسماعيل ياسين وفيها أيضا نستمتتع باغاني طريفة ذات كلمات مبتكرة منها أغنية ماما.. انكغي, وتلك التي غنتها صباح بمفردها مع الخدم النوبيين بالعمارة التي يعيش فيها المطرب كذلك استعراض صندق الدنيا والذي كان بسيطا في مفرداته عميق في دلالته الفنية والتي ارتبطت بنسيج العمل دون الشعور بالاقحام أو التطفل. أما الطفرة الثانية فكانت الزوجة السابعة والتي أدت دورها ماري كويني(1916 2003) بالاشتراك مع شادية ونور الدمرداش(1925 1994) وسليمان نجيب و اسماعيل ياسين, وفيه بلغ فوزي صاحب كل دقة في قلبي, قمة التوهج حضورا وظرفا فمن خلال المشاهد وجدنا شاب ثري يتزوج ويطلق بحثا عن إنجاب طفل ذكر يرثه بعد مماته إلي أن يقع في حب سميحة, غير أن الأخيرة و عقب عقد قرانها تعلم خبر زيجاته وهنا تقرر تلقينه درسا لا ينساه, وطوال الفيلم تتعدد الحيل والوسائل من قبل البطلة التي ارادت أن تدافع عن كيانها ووجودها كامرأة لا تباع, أو تشتري, أو أن تسمح لنفسها أن تهان لأنها لا تنجب ذكورا من هنا جاءت المشاهد وقد صيغت بطريقة كوميدية راقية, والدليل علي ذلك أن هذا الشريط مازال يلقي اعجاب من يشاهده, رغم مرور ستون عاما علي إنتاجه وبالمناسبة القصة نفسها سيعاد تقديمها في شريط آخر لن يقل جمالا ورقيا أنه أنه الزوجة رقم13 والحديث بقية...