قال الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية فى كلمته اليوم خلال المؤتمر الإقليمي لحماية وتعزيز حقوق الإنسان فى المنطقة العربية: التحديات والآفاق المستقبلية"، إن المؤتمر هو جزء من سلسلة من الفعاليات التي تعقدها الأمانة العامة بمشاركة جميع الأطراف المعنيين وبالأخص منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان وخبراء حقوق الإنسان والحقوقيين العرب لتحديد أولويات وخطة العمل للخروج مستقبلا باستراتيجية عربية لحقوق الإنسان. وأضاف أن ما تمر به المنطقة العربية من تغييرات وإعادة تعريف للعديد من المفاهيم والأفكار وحماية حقوق الإنسان يمثل المحرك الأساسي لهذا التغيير ويستدعي العمل سوياً نحو جعل هذا التغير تغييراً إيجابياً يصب في مصلحة الفرد بشكل خاص ويصب في مصلحة المنطقة بشكل عام. وأكد انه عندما نتحدث عن حقوق الإنسان يجب علينا أن نؤكد على التزامات وتعهدات الدول لحماية وتعزيز حقوق الإنسان لافتا الى أن هذه المسئولية تقع في المقام الأول على عاتق الدول من خلال مؤسساتها المعنية مشيرا الى ان ثقافة حقوق الإنسان لا تتحقق في أي مجتمع حتى تكفلها وتطبقها الدولة من خلال اتخاذ التدابير الأساسية اللازمة وإنفاذها لضمان حقوق مواطنيها والأفراد الذين يعيشون تحت سلطاتها. وأوضح أن احترام والتزام وتفاعل الدول مع الآليات الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان إن دل على شيء فإنما يدل على احترام الدول لقيمة الإنسان واحترامها لتعهداتها الدولية التي التزمت بها في هذا الشأن لافتا الى أن موضوع التمييز والتحريض على الكراهية الذي يعتبر من أهم الموضوعات التي نعاني منها في المنطقة العربية والتي قد تكون سببا في تنامي مشكلات أخرى نعاني منها اليوم. وأشار الى أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قامت بعقد ندوة حول إحياء اليوم العربي لحقوق الإنسان تحت شعار "نحو وطن عربي خال من التمييز" في 16 مارس من هذا العام وورشة عمل بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تحت شعار "التعايش وقبول الآخر" بمشاركة المجتمع المدني العربي والأوربي والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان العربية وكذلك ممثلين عن الدول الأعضاء والبرلمان العربي وكان ذلك يومي 2-3 ابريل من هذا العام. وقال إن الدين يلعب دوراً محورياً في المنطقة العربية قد يكون هذا الدور في أغلب الأحيان إيجابيا ولكن في أحيان أخرى سلبياً ولذلك يجب أن يكون هناك حد فاصل يحدده القانون بين القيم الدينية السامية والأفكار المتطرفة وبين ظاهرة ازدراء الأديان وحرية التعبير التي يجب حمايتها وضمانها في جميع الظروف مشيرا الى أنه لايزال هناك العديد من الجدل حول العلاقة بين التحريض على الكراهية وإهانة وازدراء معتقدات الآخر وحرية الرأي والتعبير وكيفية الفصل بين التعبير المشروع الذي لا يجوز منعه أو تقييده والتعبير الذي يترتب عليه انتهاك حقوق الآخرين. وقال إنه لا يجب تحت أي ظرف كان أن تصبح مكافحة التحريض على الكراهية ذريعة لتقويض حرية الرأي والتعبير فالاختلاف في الرأي أو حتى النقد لم يكن يوماً تحريضاً على الكراهية أو ينم عن انتماء الفرد لأفكار وسياسات معادية لمصلحة الوطن مشيرا الى أنه على الحكومات أن تعي أن مفاهيم مثل الانتماء والوحدة والأمن القومي لن تتحقق دون ضمانات حقوق الإنسان لجميع المواطنين وأن السلم الاجتماعي لم ولن يتحقق في الأوطان بحلولٍ أمنية تهيمن على قطاعات الدولة فالسلم الاجتماعي يتحقق باستيعاب الدولة لجميع مواطنيها والمقيمين على أرضها دون تمييز وضمان حقوقهم الكاملة وغير المنقوصة وتوفير الأرضية المناسبة لقيامهم بأداء واجباتهم وممارسة حقوقهم التي كفلتها المواثيق الدولية والإقليمية وفى نفس الوقت على جميع مواطني الدول احترام قوانينها والاحترام بعدم اللجوء إلى العنف واللجوء في نهاية المطاف إلى الحكم الرشيد. وقال إنه على الرغم من تتطور المفاهيم الإنسانية اليوم إلا أنه وللأسف لا زالت المرأة العربية تعاني الاضطهاد والانتقاص من قيمتها وحقوقها وحرياتها مقارنةً بوضع المرأة في مناطق أخرى من العالم ولا شك أننا في لحظة حرجة وغير مسبوقة من تاريخنا الحديث تملى علينا جميعا تكثيف الجهود والعمل سوياً لضمان تعزيز ثقافة حقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة والوفاء بالتزاماتنا الإقليمية والدولية منوها إلى أن الجامعة العربية أصدرت في شهر فبراير من هذا العام "إعلان القاهرة للمرأة العربية" كأجندة لتنمية المرأة لما بعد 2015 كما تم اعتماده من قبل هيئة الأممالمتحدة لتمكين المرأة أثناء انعقاد لجنة وضع المرأة بنيويورك في مارس الماضي باعتباره إعلاناً دولياً يحدد الموقف العربي من قضايا تمكين المرأة واستحداث آليات تمكينها بغية القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة. وأوضح أن الأزمات الأخيرة في المنطقة أفضت إلى تحولات سياسية عميقة شهدتها بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة نتجت عنها حركات لجوء ونزوح على المستويين الفردي والجماعي ثبت أننا نعاني من خلل حقيقي في التعامل مع أزمة اللاجئين والنازحين فالظروف التي يعيش فيها اللاجئين والنازحين تعد في حد ذاتها انتهاكا جسيماً لحقوق الإنسان لذا علينا جميعاً العمل على تكاتف جهودنا للبحث عن حلول سريعة لإنهاء المعاناة مشيرا إلى أن الأمانة العامة للجامعة العربية تعمل سويا بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للخروج باتفاقية عربية لتنظيم أوضاع اللاجئين في الدول العربية ونتمنى أن يتم اعتمادها قريبا وان تسرع جميع الدول الأعضاء في التصديق عليها حتى يكون هناك التزام حقيقي عربي للمساهمة في إنهاء أو على الأقل إن لم تتمكن من الانتهاء من تخفيف معاناة اللاجئين. وأكد أن المشهد الآن فى الوطن العربي فى حاجة إلى وقفة ومراجعة فالذين يدافعون عن حقوق الإنسان هم أساس التغيير الاجتماعي وحمايتهم بمثابة حماية حقوق مئات الآلاف إن لم يكن الملايين ممن يدافعون عنهم فهناك ضرورة ملحة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان أفراداً ومنظمات من الانتهاكات ضد حقوقهم الفكرية والبدنية وضمان سلامتهم خلال عملهم في الدفاع عن حقوق الإنسان وذلك وفقا لما جاء في إعلان المدافعين عن حقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1998. وأشاد بمبادرة دولة فلسطين في اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان والتي طرحت مشروع الإعلان العربي للمدافعين عن حقوق الإنسان متمنيا أن تتبناه اللجنة في القريب العاجل مؤكدا انه يجب علينا جميعا أن نقدم كل المطلوب للمدافعين عن حقوق الإنسان ليس فقط كل التحية والتقدير بل نتعهد بحمايتهم ودعمهم مؤكدا على أهمية دور الحكومات في تعزيز حقوق الإنسان من خلال مؤسساتها المعنية وعلى رأسها المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان المنشئة وفقا مبادئ باريس وكذلك من خلال دعمها للمجتمع المدني وإشراكه في عملية اتخاذ القرار وهناك العديد من القرارات العربية سواء على مستوى القمم أو على مستوى وزراء الخارجية التي جاءت لتؤكد وتثمن دور المجتمع المدني في المنطقة وعلى ضرورة إشراكه في الآليات المختلقة لحقوق الإنسان متمنيا أن يسهم المؤتمر فى وضع أطر لاستراتيجية عربية شاملة لحقوق الإنسان.