خيبر مدينة كبيرة, وواحة عظيمة ذات حصون ومزارع علي بعد ستة أميال شمال شرقي المدينةالمنورة. وخيبر باللغة العربية تعني( الحصن أو القلعة), وكان سكانها يهود. وقد كانت خيبر وكرا للدس والتآمر وبوتقة للتحرشات, وإثارة الحروب ضد المسلمين, فقد حزبوا الأحزاب ضد المسلمين, وأثاروا بني قريظة علي الغدر والخيانة ثم أخذو بالاتصال بالمنافقين, وبغطفان, وأعراب البادية, وكانوا يهيئون أنفسهم للقتال مما جعل المسلمين بأعمالهم في محن متواصلة, حتي أنهم وضعوا خطة لاغتيال رسول الله صلي الله عليه وسلم, فاضطر المسلمون إلي إرسال بعوث متوالية, وإلي الفتك برأس هؤلاء المتآمرين مثل: إسلام بن الحقيق, وأسيد بن رزام, وكعب بن الأشرف وغيرهم.. فلما صفا الجوبين قريش والمسلمين بعد( صلح الحديبية) توجه رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي خيبر وعددهم ألفا وأربعمائة من أصحابه الذين شهدوا واقعة( الحديبية) وذلك ليحول بين قبائل غطفان الذين صمموا علي الانضمام إلي يهود خيبر. واستطاع رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يلقي الرعب في قلوب غطفان فتفرقوا عن يهود خيبر ورجعوا إلي ديارهم, فانتهز الرسول صلي الله عليه وسلم الفرصة, واتجه إلي آخر معاقل اليهود في خيبر ليقضي علي خطرهم وأعطي الراية البيضاء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. وخرج مع رسول الله صلي الله عليه وسلم عشرون امرأة مجاهدة منهم أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها. كان ليهود خيبر حصونا منيعة وسلاحا وعتادا حتي قال الواقدي في( المغازي)( وكان يهود خيبر لا يظنون أن رسول الله صلي الله عليه وسلم يغزوهم لمنعتهم حصونهم وسلاحهم وعددهم, كانوا يخرجون كل عشرة آلاف مقاتل صفوفا ثم يقولون محمد يغزونا؟ هيهات! هيهات! وكان من كان بالمدينة يقولون حين تجهز النبي صلي الله عليه وسلم إلي خيبر: ما أمنع والله خيبر منكم! لو رأيتم خيبرا وحصونها ورجالها لرجعتم قبل أن تصلوا إليهم, حصون شامخات في دري الجبال, والماء فيها واثن( أي دائم لا ينقطع) إن بخيبر لألف دارع, ما كانت أسد وغطفان تمتنعان عن العرب قاطبة إلا بهم, أفأنتم تطيقون خيبر؟ فجعلوا يوحون بذلك إلي أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم, فيقول أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم: قد وعدها الله نبيه أن يغنمه إياها فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم إليهم, فعمي الله عليهم بمخرجه إلا الظن حتي نزل رسول الله صلي الله عليه وسلم بساحتهم ليلا). وقد ظل اليهود يحاربون المسلمين واستماتوا في الدفاع عن حصونهم, واستمر القتال سبعة أيام يقاتلون ثم يغلقوا عليهم الحصون, ثم استسلمت الحصون الواحد تلو الآخر حتي تم فتح خيبر كلها ثم طلبوا الصلح وهو أن يخرجو من خيبر وأرضها بذراريهم ويتركون له المال, والأرض وغيرها من ممتلكاتهم فاستولي الرسول صلي الله عليه وسلم علي المال والمتاع والسلاح واستشهد عشرون مسلما, وقتل أكثر من تسعين من اليهود. وكانت الغنائم عظيمة. وقد كان الله تعالي قد وعد رسوله صلي الله عليه وسلم بفتح خيبر قال تعالي( وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما) الفتح/20. رابط دائم :