كان اليهود ولا زالوا ناقضين للعهد ومخادعين ، وفي مثل هذا اليوم في الرابع والعشرين من شهر رجب الكريم من السنة السابعة هجريا ، رد المسلمون كرامتهم وأثبتوا لليهود أنهم من أكثر الكائنات خوفا وضعفا، وتمكنوا من رد خداعهم بخداع أفضل ، وتلك العادة الدنيئة لدي اليهود لم تكن من شيم المسلمين الكريمة إنما كانوا مضطرين إلى اتخاذ إجراءات ضد اليهود بعد كل معركة يخوضونها مع قريشٍ وحلفائها، بسبب نقض اليهود اتفاقاتِهم وتعهداتهم. الموقع :
"خيبر" التي تبعد 170 كم شمال المدينةالمنورة، والتي أنهت وجود اليهود في هذه الواحة الواسعة الحصينة ذات السهول الخضراء وينابيع الماء الكثيرة.
بدايه الأحداث:
ويوضح د.محمد عمارة الداعية والمفكر الإسلامي مرحلة طرد اليهود من المدينةالمنورة، حيث لجئوا إلى مدينة "خيبر" المدججة بالحصون المنيعة ليلتحقوا باليهود المقيمين فيها.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، في السنة السابعة من الهجرة، ومعه وهم ألف وأربعمائة مقاتل. وفور خروجه، أرسلَ رأس المنافقين عبدُ الله بنُ أُبيٍّ إلى يهودِ خيبرِ مَنْ يخبرهم بنبأ توجه المسلمين إليهم، ويطلب أن يأخذوا حِذْرَهم، وأن لا يخافوا المسلمين فإن عددهم وعتادهم قليل.
فلما علم بذلك أهل خيبر، أرسلوا مبعوثا إلى قبيلة غَطَفان، يطلبون النجدة، لوجود حلف بين غَطَفان وخيبر، وأعلنوا أنهم سيقدمون لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين. فتهيأت غطفان وتوجهت إلى خيبر. فلما كانوا في الطريق، جاء من يخبرهم أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا، ولم يتقدموا لمساعدة يهود خيبر.
المسلمون يخدعون اليهود:
استخدم الجيش الإسلامي خُدعة عسكرية وهو في طريقه إلى خيبر، فبدلا من أن يأتيها من جهة الجنوب، وهي الجهة المنتظرة، توجه شمالا، بحيث يفاجئها من جهة الشمال، وليقطع على اليهود طريقَ الفرار إلى الشام. بات المسلمون الليلةَ الأخيرة على أطرافِ خيبرَ الشمالية، من دون أن يشعر اليهود بوجودهم، فخرجوا صباحا كعادتهم إلى مزارعهم، وإذ بجيش المسلمين يهاجِمُ مدينتهم، فولوْا هاربين إلى حصونهم، واتخذوا أوضاعا قتالية لمنع المسلمين من اقتحامها.
فتح حصون الشطر الأول بخيبر:
كانت خيبر تتكون من شطرين، في أحدهما خمسة حصون، وفي الآخر ثلاثة حصون. بدأ المسلمون قتالَهم في الشطر الأول منها. وقد دامت هذه المعركة أياما طويلة بسبب القدرات التحصينية العالية لدى يهود خيبر، ولوجود كثير من الأسلحة والأغذية المخزنة لديهم.
يهود خيبر كانوا مقتنعين بأنهم في منعة وقوة تحميانهم من هجوم المسلمين، لأن هذه الحصون السبعة لا يوجد لها مثيل في جزيرة العرب.
بدأ المسلمون هجومهم بقيادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه على حصن منيع، يُسمى حصنَ ناعم، وكان خط الدفاع الأول لليهود لمكانه الاستراتيجي. دعاهم إلى الاستسلام، لكنهم رفضوا، وأصروا على المواجهة.
ودار قتال مرير حول الحصن، قتل فيه عدد من اليهود، فانهارت مقاومتُهم، واقتحم المسلمون هذا الحصن. ثم هاجموا بقيادة الحُبَابِ بنِ المنذر الحصن الثاني، وكان يسمى حِصْنَ الصعب، وفرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث، استسلم اليهود فيه، فوجده المسلمون مليئا بالمواد التموينية والأسلحة، بما فيها عدد من المنجنيقات.
النبي "ص" يأمر المسلمين:
هرب اليهود بعد سقوط هذين الحصنين إلى موقع عالٍ يسمى قلعة الزبير، فحاصره المسلمون ثلاثة أيام. ثم جاء من يخبر الرسول أن هناك مَوْرِدا سِرِّياً يزود الحصن بالماء. فطلب الرسول قطعه. ثم خرج اليهود وقاتلوا قتالا شديدا، قُتل فيه نفر من المسلمين، ثم سقطت هذه القلعة. وانتقل القتال إلى قلعة أُبَيّ، إلى أن سقطت، فتسلل اليهود إلى حصن النزار، وهو آخر حصن في الشطر الأول.
تحصن اليهود في حصن النزار الذي يقع على جبل مرتفع، واستخدموا النبال، وحجارة المنجنيقات ضد المسلمين. وعندها أمر النبي صلى الله عليه وسلم باستخدام المنجنيقات التي غنموها من الحصون الأولى، فأوقعت خللا في جدران الحصن، فاقتحمه المسلمون، ودار قتال مرير انهزم فيه اليهود، وفروا تاركين عائلاتهم. وبذلك تم فتحُ الشطرِ الأول من خيبر.
فتح حصون الشطر الثاني بخيبر:
تسلل اليهود إلى الشطر الثاني، ففرض المسلمون عليه حصارا دام 14 يومًا. وقبل أن يأمر الرسول بقصفه بالمنجنيقات، طلب اليهود الصلح والتفاوض. وتم ذلك على شرط أن يخلوا ما بقي من حصونهم ويغادروها من دون سلاح ولا مال. وبذلك سقطت خيبرُ كلُّها. وغنم المسلمون منها مغانم كبيرة. وفي هذه المعارك قُتل 16 رجلاً من المسلمين، مقابل 93 من اليهود.
ولنا وقفة :
كما رأينا كيف أبهر المسلمين العالم بتماسكهم وطاعة ولي أمرهم في الرخاء والشدة وفي أصعب الظروف التي تمر بها أية دولة أو بلد، مما مكنهم من تحقيق البطولات والتوسع والتغلب علي أقصي الصعاب ، نتمني من الله تعالي أن يقتدي المسلمون اليوم بأسلافهم ،وخاصة في هذا الوقت الذي نحن أحوج فيه إلي التماسك والوحدة والدفاع عن كل حصن إسلامي منعه الله عن الكافرين وأفرده فقط لعباده الصالحين.
ومن هنا ، واقتداءا بهذا الحدث الجل، ليس أمامنا كمسلمين إلا أن نتماسك جميعا لنصرة واستعادة الحصن المنيع الذي أسري نبينا صلي الله عليه وسلم إليه، وهذا ليس من المحال إذ رأينا سالفا كيف فتح المسلمون حصون خيبر بكثرتها علي الرغم من أن اليهود لم تتغير سجيتهم إلا أنهم لا يملكون إلا الخوف مختبئين وراء آلاتهم وأسلحتهم ليحتموا من شجاعة المسلمين والرجال البواسل، وهذا يدعونا الي التفاؤل والأمل في أن يخرج من أمة محمد من هم رجال شجعان يضحون بأرواحهم من أجل فتح حصون القدس وتحرير الأقصي.