قد يكون من الصعب علي أي سياسي أو باحث أن يجيب علي العديد من التساؤلات التي يطرحها الناس أو التي تدور في رأسه وقد لايجد إجابة عليها.. وقد يحاول في الكثير من الأحيان أن يلتف علي ذلك الواقع المؤلم بل الأكثر من مؤلم.. ولم لا إذ صارت أمة بكاملها وشعب علي المحك لا يعرف ماذا يأتيه الغد؟.. بل لا يعرف ماذا تخبئ له الأيام؟.. شعب أراد أن يصنع مستقبلا أفضل له ولأبنائه وأن يخرج من ظلمات القهر نحو المزيد من الديموقراطية وحرية الممارسة السياسية وأن يكون حرا يقول ما يريد دون أن يخشي علي نفسه من أن يلقي في غياهب السجن.. وقد استطاع أن يصنع المعجزة ووقف العالم كله شاهدا علي قدرته علي كسر جدار الصمت ورأوا أن ذلك الشعب وراءه بالفعل حضارة عريقة لم يستطيع الزمن أن يكسرها أو ينال منها وهكذا حال الشعب من حال حضارته.. وجاء30 يونيو تأكيدا دافعا علي هذه الحقيقة وعلي ذلك المطلب الشعبي في دولة ديموقراطية مدنية يتمتع فيها الجميع بحرية الرأي والعقيدة والحق في حياة كريمة بلا خوف وفي أجواء للإبداع والابتكار وأياد غير مقيدة وعقول متحررة يمكن أن تقفز في معارج التنمية وأن تباهي الأمم وتستعيد كرامتها.. وذلك هو ملخص ثورتي يناير ويونيو معا ثورة واحدة وليس ثورتين رغم ما قد يقع فيه البعض من لغط.. وقد كانت ثورة يناير هي الأم وثورة يونيو هي المد الثوري كانت هي الموجة الثانية من الزلزال وقد كانت الموجة الثانية أقوي من الأولي لعدة أسباب أولها أن الشعب قد ثار وكان مازال في مرحلة الثورية بل أنه كان ينتظر في شرفة الانتظار ما ستسفر عنه نتائج الثورة الأولي وهل سيفي من أتي بهم وأعطاهم الفرصة بما وعدوه ؟وهل هم بالفعل لديهم القدرة علي قيادة مصر بحيادية كدولة عصرية مدنية وليست كهنوتية أو دولة ثيوقراطية يمكن أن تمهد لحرب أهلية طائفية؟ وهل الإخوان قد تغيروا بالفعل عن أفكارهم ولاسيما أن البدائل أمامهم كانت محدودة؟ ولكن عندما لم تأت الرياح بما لا تشتهي السفن ووجدوا أن مصر الدولة والوطن قد صارت في مهب الريح وأنها لا تعني بالنسبة لهم سوي إحدي دويلات الخلافة المزعومة وأنها خطوة في مخطط وحلم قديم.. وبعدما رأوا أنها قد اصبحت معروضة في مزاد للبيع خرج الشعب مرة أخري ولكن علي نحو أكثر قوة طالبا الخلاص ولجأ إلي المنقذ الذي يعرف أنه لن يخذله وأن عقيدته الأصيلة هي الحفاظ علي الوطن والشعب والزود عنهما ضد أي من تسول له نفسه بالتلاعب بهما.. وسقط الإخوان ولكنهم لم يعترفوا بذلك الواقع وراحوا ينشرون الفوضي وسالت الدماء هنا وهناك وسقط الكثير من الضحايا الأبرياء.. عاثوا في الأرض الفساد قتلوا من قتلوا وراحوا يحرقون الكنائس كي ما يشعلوها حربا أهلية ذات خلفية طائفية بغيضة أعتقدوا أنها يمكن أن تكون الطريق إلي إحداث الفوضي وكنوع من إرهاق قوي الأمن وتشتيت الانتباه.. وراحوا يملأون العالم صراخا بأنهم الحفظاء والأمناء علي ذلك الوطن وعلي الإسلام وكأن كل المصريين ليسوا بمسلمين أو أنهم لا يعرفون الإسلام وأن حربهم هذه من أجل الإسلام يدعون ذلك زورا وبهتانا وهم في قرارة نفوسهم يعرفون الحق ولكنهم عنه معرضون.. فهل أمر الإسلام بقتل الأطفال الأبرياء في تلك الحادثة التي اهتزت منها قلوب المصريين جميعا باعتداء علي عرس بإحدي الكنائس وقتل من قتل واصيب من أصيب من المسلمين والمسيحيين.. فطلقات الغدر لا تميز بين الأخوة لا تميز بين المصريين حتي وإن كانوا يريدون عكس ذلك وبشدة.. وذلك لكي تقع الفتنة وتفتح أفواهها لتنهش في الجسد الواحد.. ذلك ما يريدونه المزيد من الفوضي وإشعال الفتن كان ذلك هو رهانهم منذ زمن بعيد ومازال علي الرغم من نوبات الفشل التي منوا بها.. لماذا نفعل ذلك بمصر وبأنفسنا هل ذلك من أجل الحكم والسلطان من أجل شهوة السلطة والتملك وهل ذلك به من الإسلام شيء لماذا تقحمون الإسلام في مثل هذه الأمور الدنيوية وهذه النزوات والولع بالحكم ؟.. هل ما تفعلونه يرضي الله أو الإسلام والمسلمين هل بقتل الأطفال الأبرياء والنساء وجلب الأحزان وتعكير صفو الحياة يكون الدفاع عن الإسلام؟ هل ما تفعلونه ينال رضي الله عنكم من قال لكم هذا؟ وكيف وصل بكم الأمر إلي ذلك الحال من الضلال؟.. الإسلام دين حنيف ودين سلام قرآنه يخبر العالم كله بذلك وهو معلن للكافة قولا وعملا علي مر الزمان بل هو أخبرنا وحذرنا من أمثالهم في اول سوره أخبرنا علي نحو دقيق بحقيقة ما يمكن أن يقع أو يحدث من قبل أناس في قلوبهم مرض ذلك ما تخبرنا به سورة البقرة ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخدعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون( سورة البقرة7-8).. نعم إنهم يعلنون للناس أنهم علي دين الله وأنهم مؤمنون ولكنهم يخدعون الله هكذا يظنون ولكنهم في حقيقة الأمر لايخدعون إلا أنفسهم والمصيبة والطامة الكبري هي أنهم لا يشعرون بذلك لأن الله من أجل فعلهم ذلك قد ختم علي قلوبهم وأبصارهم.. تلك هي حقيقة ما يحدث حولنا الآن من هذه الأفعال المارقة والآثمة من أناس يدعون أنهم علي الإيمان الصحيح وأنهم هم الساهررون علي حفظ دين الله وحمايته ذلك ما يعتقدونه لذلك فهم يريدون أن يحكموا بما أنزل الله ولكنهم عندما أتت لهم الفرصة قد حكموا حسب أهوائهم واعتقدوا أن ذلك هو ما يريده الله قتلوا وخربوا وحرقوا وكفروا من كفروا واستعلوا علي بقية المسلمين ورأوا بأنهم الذين علي الحق وغيرهم علي الضلال.. عاثوا في الأرض الفساد وهم يظنون أنهم يفعلون الصواب لصالح البلاد والعباد لقد وصفتهم كلمات القرآن حق الوصف وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون( سورة البقرة10) وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا أنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون( سورة البقرة12) الكلمات واضحة أيما وضوح تجيب لنا عن هذه التساؤلات الحائرة وتفسر لنا حقيقة ما حدث وما يحدث حولنا.. وترشدنا وتبصرنا بأننا أمام فصيل من المدعين بأنهم علي الحق وعلي الهدي وتوضح لنا لماذا يكفرون المجتمع ومن هم علي الإسلام ذلك لأنهم لا يشعرون ولا يعلمون حقيقة أمرهم فلا عجب ما يأتينا منهم ولا عجب من ذلك الرياء ومسحة النفاق التي صادفناها وللأسف قد انطلت علي الكثيرين من البسطاء وغير المتعمقين في أمور الدين والذين تخدعهم المظاهر الكاذبة وأقصد بها مظاهر التقوي والتقرب من الله التي تتبدي علي الكثير منهم والتي تستند إلي كلمات الله سبحانه وتعالي ولكنهم للأسف يحرفون الكلم عن موضعه ولا يفسرون كلمات الحق تعالي بالاستقامة والوسطية التي اتسم بها الإسلام ولكن كان التشدد والغلظة دون وعي هما دأبهم.. لذلك وجب علي الإعلام ورجال الدين الحنيف وكل من ائتمنهم الله علي الدين وتوصيل الرسالة أن يقفوا لهم بالمرصاد وأن ينتشلوا البسطاء من هذه الضلالات والبدع التي سمعنا وقرأنا عنها وأن يصححوا مفهوم الجهاد الذي أمر به الإسلام وما هي شروطه وملابساته وضد من يكون ذلك الجهاد وأنه ليس في قتل شركاء الوطن والأخوة وحرق وتدمير دور العبادة وأن ذلك أمر لم يعرفه أو يقر به الإسلام حتي مع الأعداء أنفسهم ولم تكن هذه من خلق رسول الإسلام بل قد كان سلوكه وتعامله مع الأعداء خير مثال ولم ترق إليه الأمم التي تدعي التمدن والحداثة وأنها هي من وضعت مواثيق حقوق الإنسان.. فعلي الناس أن يدركوا حتي البسطاء من غير المسلمين أن ذلك ليس من الإسلام في شيء والإسلام منه براء فهو لا يأمر بقتل أهل الكتاب أو أي نفس قد حرم الله قتلها ولم يأمر بحرق دور العبادة علينا أن نوعي شعب مصر من علي منابر الكنائس والمساجد بأن هؤلاء فصيل قد بغوا وخرجوا عن صحيح الإسلام السمح الذي عاشوا معه وفي ظله ما يقرب من دهر ونصف الدهر وألا تجعلنا قسوة هذه الأحداث أن نقع في ذلك الشرك والفخ والهوة السحيقة وأن هؤلاء هم الذي وصفهم القرآن رغم ما يدعون بقوله وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلي شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدي فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين( سورة البقرة13-15) تلك الكلمات كلمات الحق هي التي تنبئنا بما يحدث كي ما نتمسك ببعضنا كشركاء وأخوة في الوطن مهما أتي علينا ولكي ما نئد الفتنة في مهدها. دكتوراه في العلوم السياسية رابط دائم :