لو صدق ما يقال عن بعض الشخصيات والهيئات والأحداث في مصر لتأكد للجميع أننا نلاعب خصما لا نعرفه وأن كل أهدافنا في مرمانا, وسواء كنا غالبين أو مغلوبين لن نعرف الانتصار لأننا نعيش ضحايا الهزيمة. أقول ذلك وأنا أتابع ما يقال دون تأكيد طرف ولا نفي الآخر, ومما يقال إن البرادعي عميل أمريكي لصالح الإخوان بل إن البعض يؤكد أنه يلتقي قيادات التنظيم الدولي بجنيف, وأنه ضمن لجنة حقوقية شكلها التنظيم للتواصل مع المنظمات الدولية وتسليمها تقارير موثقة عما يقولون إنه انتهاكات للنظام الحاكم بمصر وأن البرادعي سوف يرتب لقاء لما يسمي بالوفد الشعبي للمنتمين للإخوان بالمفوض السامي لحقوق الإنسان للنظر في محاكمة قيادات النظام الحالي بمصر والإفراج عن محمد مرسي والذين معه من السجناء المتهمين في قضايا متعددة أقلها التخابر والتحريض علي العنف والقتل وغيرها. وما يقال عن البرادعي يطال شخصيات عديدة في مصر بعضها في الحكومة كالدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء والدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي, وبعض ساكني القصر الجمهوري كالدكتور مصطفي حجازي مستشار الرئيس المؤقت والإعلامي أحمد المسلماني وغيرهما, وكتيبة كبيرة ممن يتمتعون بحصانة النشطاء السياسيين والحقوقيين ممن طالته اتهامات بالتمويل الأجنبي والتدريب لقلب نظم الحكم في صربيا وأداء أدوار محبوكة من التمثيل السياسي علي مسارح الثورات العربية, والبعض الآخر تجعله الأقاويل يتمتع بصفة الجاسوس وغيرها من الصفات. والذي يجعلك تضيق بما يقال أن مثل تلك الاتهامات من طرف تخرج مثلها عن الطرف الآخر ولو توقفت أمام ما يقال لوجدت الوضع كما هو مع تغيير في الأشخاص فقط; فالإخوان يقولون إن الفريق أول عبد الفتاح السيسي قام بما يسمونه بانقلاب عسكري علي الشرعية بدعم من أمريكا وأن قادة الجيش ينفذون الأوامر الأمريكية ضد الإخوان دون اكتراث بما يتم اتخاذه من إجراءات ضد مصر والجيش معا من الجانب الأمريكي وآخرها تعليق المعونة العسكرية وما يرتبط بها من صيانة وقطع غيار للعديد من الأسلحة لدي الجيش المصري بل يردد الإخوان أن هناك طابورا خامسا يلعب ضدهم وضد الوطن ويتحرك بالريموت كنترول من الإمارات والسعودية وغيرها وهو ما يقال عن الإخوان ذاتهم بأنهم يتحركون بنفس الريموت للتنظيم الدولي المدعوم من قطر ماليا وإعلاميا ومن تركيا تكتيكيا ومن الشرعية غطاء. خلاصة القول الذي تفرزه الأزمة المصرية, ورفض غالبية الشعب للإخوان, وتحرك الجيش لدعم تلك الإرادة, واستمرار التظاهر والرفض الإخواني لإبعادهم شعبيا عن السلطة بعد أن جربوا سوء استغلالها, يؤكد لأقل المتابعين مهارة لما يحدث أن الحسابات السياسية لدي الجميع ليست متوازنة إن لم أقل ليست صحيحة. ولا يزال الإخوان يصرون علي اتهام النظام الحاكم الآن بالعمالة لصالح الأمريكان والصهاينة, وتنفيذ أجندات مشبوهة ضد الوطن, رغم أن الشواهد تشير إلي أنهم أول من ابتدعوها وهندسوها ونفذوها بمبدأ: بيدي لا بيد عمرو, ولأنهم يتحملون المسئولية الكبري لبعض ملامح فشل الحلم المصري فإن شعورهم بهذه الخيبة وهذا العار يجعلهم يستمرون في البكاء أمام حائط وهمي من اتهام الغير وتشويه صورته. وما يحدث من جانب الإخوان تكرر من عبدة الفساد في نظام المعزول الأسبق حسني مبارك الذين تخيلوا أن نجاح ثورة30 يونيو هي بداية الطريق لعودة نظامهم القديم بما عرف عنه من فساد سياسي وإفساد في كل المجالات, وبدأ بعضهم يتخلي عن تلونه المؤقت الذي قضي به مرحلة الإخوان متمتعا ببقايا من فتات الصفقات السرية المشبوهة والاتصالات القذرة والتحركات المسمومة, غير أن البعض الآخر كان يحاول غسل ذمته السياسية والعودة إلي ملاعب السياسة ب نيو لوك ثوري يعيد به أمجاد التوريث والفساد السياسي والاستبداد والقمع وعصر الرشاوي وعدم تكافؤ الفرص وبيع الوطن دون ثمن. وظني أن المسافة الواقعة بين الثورتين في25 يناير و30 يونيو تقدم بوضوح تفسيرات منطقية لما يحدث علي الساحة من اتهامات وأحداث غامضة وبطولات لا يمكن الجزم بأنها حقيقية أم زائفة, فقد كان هناك متضررون من ثورة يناير,ومنتفعون من سرقتها والسطو علي مكتسباتها تمكنوا بمساعدة أصدقائهم في تحويل الثورة إلي مؤامرة ضد الثوار الحقيقيين والوطن وفتحوا النوافذ أمام أحلام المتربصين بمصر وأبنائها, وخلفت ثورة يونيو متضررين ومنتفعين أيضا بين أحداثها وتطوراتها وما تبعها من تظاهرات مأجورة واعتصامات مدفوعة الثمن مسبقا. وحتما ستظل الهوة والفجوة بين الطرفين حائلا أمام الثوار الحقيقيين في مصر وما يريدونه لمصر المحروسة من مكاسب لا ما يحلمون به من مناصب ومكاسب وكراسي أكسبتها إرادة الشعب طبقة من التيفال لن يلتصق بها رئيس ولا ديكتاتور مدي الحياة. وبحسبة بسيطة, نجد أن عدم قدرتنا علي رصد تلك الفجوة ووضع تحصينات تحمينا من السقوط في هوتها تسبب في سرقة ما يقرب من3 سنوات من عمر المصريين قضاها الشعب في التعليم السياسي الإلزامي الذي اقتصر علي تجارب فاشلة في صياغة الدستور والحرية والديمقراطية ومعارك من الدونية السياسية والانحطاط الاحتجاجي مع مقررات غير إلزامية لم تحقق للمصريين شيئا مما حلموا ويحلمون به, اللهم إلا الإنجاز الدائم- ليس لكل ثورة ولكن لكل حكومة- وهو تعديل نظام الثانوية العامة لمزيد من نسف التعليم, وابتكار آليات جديدة لتضخيم الديون علي المواطن المصري, واختراع أسماء جديدة للحصول علي المعونة والمساعدات بدلا من الانتاج بفضل فنون الفوضي والانفلات واستمرار الفساد ونضال المؤامرات وجهاد الأكاذيب والشائعات علي مصر والمصريين. لهذا, سوف نستمر في لعبنا بروح رياضية أو دونها لأن أهدافنا بأقدامنا في مرمانا ترجح فقط كفة الخصم الذي لن يرحمنا. رابط دائم :