توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية    رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال الجيزة 2025 (الموعد والخطوات)    تراجع أسعار الذهب محلياً بالتعاملات الصباحية اليوم السبت 19 يوليو    "الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال 27 من مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة للمواطنين    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    ناشيونال انترست: إيران تعجل تصنيع سلاحها النووي مستغلة جمود المفاوضات    صحيفة بريطانية: ترامب لن ينفذ تهديداته بعقوبات جديدة ضد روسيا لهذا السبب    مسيرة إسرائيلية تقصف منطقة مطل الجبل في بلدة الخيام جنوب لبنان    الزمالك يعرض على زد صفقة تبادلية لضم محمد إسماعيل    بعد كارثة سنترال رمسيس…لماذا لا تتوقف الحرائق فى زمن الانقلاب ؟    أخبار الطقس في الإمارات.. أجواء مستقرة مع فرص لتكون السحب الركامية والأمطار    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    أمين حماة الوطن بالإسكندرية: حملتنا الانتخابية تنحاز للمواطن واحتياجاته    اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية لإنشاء مسار مشترك للبرامج    استمرار هطول أمطار غزيرة في كوريا الجنوبية وسط خسائر بشرية ومادية    الخارجية الفلسطينية تدين مجزرة «المجوعين» وتدعو لوقف هذه الجرائم    وكيل "عربية النواب": مصر والسعودية حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    برنامج تدريبي لتأهيل طلاب الثانوية لاختبار قدرات التربية الموسيقية بجامعة السويس    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    بعد فسخ عقده مع القادسية السعودي.. أوباميانج قريب من العودة لمارسيليا    5.8 مليار دولار.. كيف تسد مصر الفجوة التمويلية خلال العام الحالي؟    وزير الري يتابع إطلاق المرحلة الثانية من مشروع إدارة مياه دلتا النيل    انتشال جثة شاب غرق بشاطئ كناري في الإسكندرية    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    عرض "طفل العسلية" على مستشفى المحلة لإعداد تقرير طبى بما فيه من إصابات    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    رفع نواتج تطهير الترع بقريتي الكوم الأحمر والنواورة بأسيوط    بأطلالة متألقة وحضور جماهيري غير مسبوق .. أنغام تتصدر التريند بعد حفلها بمسرح U أرينا ضمن فعاليات مهرجان العلمين 2025    ختام أسبوع الثقافة الكوري 2025 بالمتحف القومي للحضارة المصرية    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    بينهم "إليسا والحلاني ونانسي".. نجوم الفن بحفل زفاف نجل إيلي صعب (صور)    أحدث ظهور ل ليلى أحمد زاهر.. والجمهور:"احلويتي بعد الجواز"    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    1072 فرصة عمل ب11 تخصصًا.. بيان من العمل بشأن وظائف الإمارات    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    طريقة عمل البليلة.. وجبة مغذية ولذيذة للفطار أو العشاء    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    اتحاد منتجي الدواجن: الاتفاق على توريد 2000 طن لصالح جهاز مستقبل مصر لضبط السوق وتشجيع التصدير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    ثورة يوليو 1952| نقاد الفن.. السينما.. أثرت في وعي المصريين    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوارع العاصمة.. كان ياما كان!
نشر في الأهرام المسائي يوم 22 - 10 - 2013

التغيير سنة الحياة.. قانون قاسي واجب النفاذ يسري علي كل الأشياء الجامد منها والحي, فكل شيء يتغير ما دامت الحياة مستمرة ولكن الأهم من التغيير هو الصورة التي أصبح عليها الشيء بعد التغيير,
وهو ما ينبطق علي معظم شوارعنا التي تتمتع بسمعة وشهرة واسعة لتميزها بتاريخ عريق وآثار ومعالم تتفرد بها عن غيرها‏...‏ كان يسود هنا اللون الأخضر المكان بأكمله تراه أينما التفت لتشعر وكأنك في حديقة عامة‏,‏ أما هنا فتتمتع بالمتحف المفتوح الذي تنتشر آثاره ومقتنياته الثمنية علي الصفين‏,‏ وفي هذه المنطقة لا صوت يعلو فوق صوت الحديد ولا تري غيره ولم لا وأنت في المنطقة الصناعية الأشهر‏..‏ ولكن لا تنتظر أن تجد كل ذلك فالصورة تختلف كليا الآن ومن يدرك حجم الاختلاف من عاصر تلك الفترة الذهبية من تاريخ هذه الشوارع‏,‏ أما الأجيال الحديثة فحظها سيئ لن تري إلا صور الإهمال المختلفة وقد قضت علي أي صورة للجمال داخل أهم شوارع العاصمة ليتبدل الحال وتصبح الأشهر في الفوضي وتردي الحال‏..‏ الأهرام المسائي يرصد هذا الاختلاف ويذكر به لعلنا جميعا ندرك حجم المأساة التي لحقت ليس فقط بأبهي شوارع العاصمة بل بتاريخ ارتبط دوما بهذه الشوارع التي لا يتذكر سيرتها الأولي إلا أصحاب الذاكرة القوية من كبار السن أو من رأوا بعض الصور الفوتوغرافية القديمة لها ولا يصدقون حتي الآن أنها كانت كذلك بالفعل‏..‏
////
لعنة تمثال رمسيس
تصيب الميدان بعد نقله
قرية أم دنين‏..‏ هذا هو أصل ميدان رمسيس والذي أصبح في عهد محمد علي باشا متنزها بأمر منه حتي تم شق الشارع في عهد عباس الأول وقد سمي باسمه آنذاك‏,‏ كما أنشئت محطة مصر بناءا علي اتفاقية وقعها الخديوي عباس مع الحكومة الإنجليزية لإنشاء خط للسكك الحديدية بين القاهرة والإسكندرية‏,‏ ليحل تمثال نهضة مصر ضيفا في وسط الميدان للمثال المصري محمود مختار عام‏1926‏ وسمي الميدان بميدان نهضة مصر وشارع نهضة مصر حتي قيام ثورة يوليو حيث تم نقل تمثال نهضة مصر إلي جوار حديقة الحيوان بالجيزة وتم وضع تمثال رمسيس الثاني بدلا منه واستقر اسم شارع رمسيس وميدان رمسيس حتي الآن‏..‏ هذا هو الماضي البعيد لميدان رمسيس حيث أن للميدان ماضي قريب يرتبط بوجود تمثال رمسيس والصورة الذهنية التي تركها لدينا جميعا حتي جاء عام‏2006‏ وهو العام الذي يفصل بين رمسيس عن حاضره الذي يعيشه حاليا حيث تغيرت معالم الميدان بأكمله بعدما ترك الملك رمسيس الثاني موقعه وسط الميدان تاركا اسمه فقط شاهدا علي كل التحولات التي لقاها الميدان بعد نقله ليظل مشهد الملك الواقف وسط نافورة المياه عالقا في الاذهان‏.‏
ورغم أن إنقاذ الملك كان واجبا في ظل ما كان يتعرض له من تلوث بيئي أفقده بريقه الملكي وجماله الشكلي حيث اختنق من عوادم السيارات التي تحيطه من كل مكان ليس فقط التي حول قدميه ولكن أيضا المارة قريبا من رأسه من خلال السيارات الموجودة فوق الكباري‏.‏ انتقل إلي موقعه الجديد تاركا الميدان للباعة الجائلين الذين احتلوا مكانه وافترشوا الأرصفة وصولا إلي مسجد الفتح ليتحول المكان إلي سوق كبير لا يهدأ ليلا أو نهارا بالإضافة إلي الحركة المرورية التي لا يصيبها السيولة إلا قليلا خاصة في ظل وجود مواقف الميكروباصات‏,‏كما يحتوي الميدان علي محطة مصر التي تعد سببا رئيسيا في زيادة المترددين علي الميدان وزحامه بشكل مستمر نظرا لاستخدام شريحة كبيرة لا يستهان بها المحطة بالإضافة إلي محطة مترو الشهداء التي يلتقي فيها الخط الأول مع الثاني لمترو الأنفاق والتي تقتظ بالزحام طوال ساعات عما مترو الأنفاق نظرا لكونها المحطة الوحيدة الحالية التي تستخدم في التحويل بين الخطوط‏.‏
‏///‏
التحرير لايبقي علي حال‏!‏
هو ميدان الإسماعيلية سابقا نسبة للخديوي إسماعيل الذي أراد أن يحاكي به ميدان شارل ديجول في باريس حيث كان مغرما بالعاصمة الفرنسية وتمني تخطيط القاهرة علي نفس النهج خاصة في الميادين حيث كان يرغب في وجود ميدان يشبه ميدان الشانزلزية تتلاقي عنده عدة شوارع رئيسية مثلما هو الحال في ميدان التحرير‏..‏
تغير اسمه إلي التحرير نسبة إلي التحرر من الاستعمار في ثورة‏1919‏ وأصبح الاسم الرسمي بعد ثورة يوليو‏1952‏ حيث شهد الميدان مواجهات عديدة بدأت بأحداث ثورة‏1919‏ ومناهضة الإنجليز حتي أصبح رمزا للحرية والصمود بعدما شهد أحداث ثورة‏25‏ يناير‏2011‏ عندما ملأ أركانه هتاف الشعب يريد إسقاط النظام وحتي في ثورة‏30‏ يونيو عندما عزل الشعب الإخون‏..‏ اشتهر ميدان التحرير ب الصينية التي تتوسطة حيث كانت تضفي لمسة جمالية علي المنطقة المحيطة بأكملها لوجود بعض الشجيرات والزهور عليها ليبدو الميدان وكأنه حديقة عامة يتمتع بها الناظرين دون العبث بمحتوياتها التي وهبتها الطبيعة إياها‏,‏ كذلك اشتهر بمجمع التحرير هذا المبني الضخم الذي يتم بداخله معظم المصالح والخدمات الحكومية التي يحتاجها المواطنون‏,‏ ولكن تبدل الأمر كثيرا الآن فالصورة لم تعد كذلك بل لم يعد يتذكر أحد هذا الشكل حيث اختفت معالم الجمال من ميدان الثورة ولم يعد للطبيعة مكان فيه وتدخلت الأيدي البشرية فيه لتفسد ماتبقي منه ليتصد ر الباعة الجائلون المشهد ويحتلون محيط الميدان ويتخذ البعض من التحرير ملجأ للإقامة الدائمة سواء علي الأرصفة أو في أحد الخيام التي استوطن فيها بعض الأسر‏,‏ ورغم محاولات الإزالة والتطوير التي تقوم بها المحافظة من آن لآخر لتشجير الميدان والحفاظ علي نظافته وإبعاد الباعة عنه كانت مجرد محاولات باءت بالفشل ليعود الحال كما كان بل للأسوأ في بعض الأحيان‏.‏
حتي محطة مترو السادات والتي تعد من أكبر محطات مترو الأنفاق حيث يجتمع فيها الخط الأول والثاني لمترو الأنفاق تغلق أبوابها في وجه مرتادي الميدان ولا أحد يعلم مصيرها حتي الآن‏..‏وليس فقط محطة المترو التي تؤصد أبوابها بل أن الميدان بأكمله يكون عرضة لذلك حيث يتم إغلاق جميع مداخل الميدان بالحواجز الحديدية أمام السيارات‏,‏الأمر الذي تقوم به القوات المسلحة وقوات الشرطة من آن لآخر بسبب الاعتداءات التي تقوم بها العناصر الإرهابية‏.‏
‏///‏
أيام الذل في شارع المعز
متحف إسلامي مفتوح لا يمكن لمن يمر من خلاله أن يغض الطرف عن أي جزء فيه‏,‏ شعور بالفخر والعزة والمكانة الراقية لتراثنا الإسلامي الذي يأتي إليه السياح من جميع أنحاء العالم ليقضون فيه بضعة ساعات ولا يغادرونه قبل الحصول علي تذكار من هذه البقعة الفريدة‏.‏
إنه شارع المعز لدين الله أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم والذي يقع في منطقة الأزهر ويحتوي علي تحف معمارية ولوحات ونقوش إسلامية علاوة علي الرصف الذي تم بالأحجار القديمة‏,‏ كل هذه المعالم التي انفرد بها المعز الذي وقع ذليلا للعبث الإنساني وذلك منذ الانتهاء من ترميمه وافتتاحه في فبراير‏2008.‏
‏800‏ مليون جنيه لتطوير القاهرة التاريخية كان منهم‏60‏ مليون جنيه لتطوير المعز خاصة وأنه يحوي‏33‏ أثرا بعدما فقد مثلما هو الحال بالنسبة لغالبية الآثار ملامحة المعمارية والأثرية ولكن يبدو أن المعز كان له النصيب الأكبر من الإهمال وكأن عوامل التعرية الطبيعية لا تكفيه حتي تبدأ التشويهات البشرية في القيام بدورها‏,‏ لتبدأ أولي صور الإهمال في مخالفة القاعدة التي تقضي بأن المعز شارع مخصص للمشاة فقط وغير مسموح مطلقا بوجود السيارات فيه ولكن كان ذلك في ماضي المعز الجميل أما الآن فتري في كثير من الأحيان السيارات بداخله فالممنوع أصبح متاحا للجميع‏.‏
حتي صنوف التجارة التي اشتهر بها المعز أصبحت من الماضي بعدما تبدل الحال وفقا لما قاله خادم مسجد علي المطهر الذي كان شاهدا علي ماضي المعز وحاضره مؤكدا أنه يعيش في منطقة الأزهر منذ فترة طويلة عاصر فيها أيام التطوير علي حد قوله حيث كان مأوي لكل السائحين وكذلك المصريين الذين يرغبون في التمتع بالتراث الإسلامي الذي يختلف تماما عن الآثار الأخري‏.‏
قال عن المعز أنه سيظل المتحف الإسلامي الكبير الباقي من آثار القاهرة الفاطمية ولكن لن يحدث ذلك إلا بالقضاء علي صور الإهمال التي شوهت تاريخه وتحاول القضاء علي حاضره‏.‏
ويؤكد أن حركة السياحة تأثرت كثيرا في الفترة الأخيرة بعد العمليات الإرهابية التي شهدتها بعض مناطق العاصمة‏,‏ وقال ما صدقنا الحركة كانت بدأت ترجع تاني لكن السياح بيخافوا بعد كل أزمة بتحصل‏.‏
‏///‏
‏..‏ وحديد السبتية تحول إلي خردة
أكبر مخزن للحديد والصلب يقع هنا في السبتية أشهر الشوارع التجارية والصناعية في العاصمة وهو نقطة الوصل بين كورنيش النيل وميدان رمسيس‏,‏ ولكن بمرور الوقت تحول حديد السبتية إلي خردة وتحول المركز التجاري الصناعي الأشهر إلي أسطورة ضخمة من التجار المحتكرين للخردة وتجارتها وكذلك أرض السبتية‏..‏
فقد أصبحت السبتية أكبر مخزن مفتوح للخردة من الحديد والأخشاب فالورش والمحال تمتلئ عن آخرها بالبضاعة لدرجة يوزع فيها الفائض علي الرصيف ولا عزاء للمارين بشارع السبتية حيث أن حركة مرور السيارات مشلولة تماما وإذا كنت ممن يسير علي الأقدام فعليك أن تكون حذرا للغاية حتي تمر بين الفواصل التي تركها تجار الخردة في الشارع لدرجة قد لا تستطيع معها رؤية حدود الرصيف فلن يكون أمامك فرصة للمرور سوي بهذه الطريقة‏.‏ هذا الشارع الذي كان يلاحقه ماضيه التجاري حتي الآن ولكن بطريقة جعلته ينضم للشوارع الأكثر اختناقا في العاصمة خاصة في أوقات الذروة وحركة البيع والشراء مستمرة ولا يستحي أحد التجار ولا يخشي أحد فالشارع والرصيف جزء لا يتجزأ من مخازنهم‏.‏
ووسط صرخات سكان السبتية الذين لا يستطيعون مواجهة سيطرة هؤلاء التجار خاصة بعد الثورة وحالة الانفلات التي سيطرت عي مختلف الشوارع فلا تنفع المجادلة ولا الشكوي وفقا لرواية بعض الأهالي الذين أكدوا أن السبتية أصبحت ملكية خاصة لهؤلاء التجار الذين فرضوا الوضع علي الجميع بالأمر الواقع رغم مخاطبتهم أكثر من مرة لتوسيع مساحة الشارع حتي لا تتوقف الحركة المرورية مثلما يحدث في أغلب أوقات اليوم ليبقي شارع السبتية الأشهر في الحديد والصلب والفوضي‏.‏ أما عن التجار فلا يمكن الحديث معهم لأنهم يرون أن الوضع طبيعي لأن جزء من تجارتهم تعتمد علي مسألة العرض ولا يمكن وضع الخردة داخل المخازن لدرجة أن بعضهم مقتنع تماما بأن الرصيف الموجود أمام المحل يتبع له‏.‏
‏////‏
‏..‏ وبولاق‏..‏ آيلة للسقوط
شوارع ضيقة ثم حواري أكثر ضيقا وصولا للأزقة‏..‏ هذه هي خريطة بولاق أبو العلا التي تشعر وأنت بداخلها أنك داخل مغارة لا نهاية لها فهناك العديد من المداخل والمخارج‏,‏ فقط تجد نفسك وسط تجمع بشري كبير يعيشون داخل بيوت متراصة تستند إلي بعضها البعض تحت شعار آيلة للسقوط وسط رعب من أن يصيبهم الدور بعد انهيار بعض المنازل وبقاء سكانها في الشارع‏..‏ هذا هو حاضر بولاق التي تحاصرها العشوائيات خاصة وأن بولاق هي المنطقة الأولي من حيث الخسائر بعد زلزال عام‏1992,‏ ولكن ماذا عن ماضي هذه المنطقة هل بدأت بالعشوائيات والفوضي والبيوت المتهالكة؟‏..‏ كانت بولاق منطقة قائمة بذاتها حتي جاء الخديوي اسماعيل وقرر وصلها بالقاهرة وأعاد تمهيد شوارعها حيث شق شارع بولاق من الأزبكية إلي ساحل النيل ليمتد العمران فوق الأرض التي كانت زراعية إلي النيل‏,‏ وقد بدأت شهرة بولاق مع حملة نابليون بونابرت علي مصر عام‏1798‏ لاستخدام موقعها للوصول إلي مناطق الوجه البحري نظرا لموقعها علي النيل‏.‏ نضال وثورة ومقاومة‏..‏ هذه الكلمات الثلاثة تصف حال أهالي بولاق الذين عرفوا آنذاك ب فتوات الثورة الذين كانوا يقامون الاحتلال بالعصي والنبابيت والطبنجات‏,‏ حيث شهدت شوارعها عمليات الكر والفر والمواجهات بين الأهالي وقوات المحتل‏.‏
وقد رأي أهالي بولاق جميع أشكال الإرهاب من المحتل حيث أشعلوا النيران في بيوتهم وجميع المخازن والمحلات التجارية وقتلوا معظم السكان وتم تدمير الحي بالكامل وكانت هذه المرة الأولي التي يعيش فيها أهالي بولاق تجربة الانهيار والحياة تحت الأنقاض‏,‏ بل استولي الفرنسيون علي كنوز بولاق من الأمتعة ومحتويات مخازن الغلال والقطن والأرز والكتان والعطور والأدهان‏..‏ هذه الخيرات التي لا تجد لها أي أثر الآن لتتحول بولاق من منطقة مليئة بالكنوز مطمعا للإحتلال إلي مجموعة من العشش والبيوت المطلة علي النيل والتي كانت في وقت من الأوقات مطمعا لرجال الدولة الطامعين في حياة الغلابة‏..‏ هذا هو المشهد الآن حيث يشتركون في المعاناة نفسها وكذلك المطالب حيث تكررت عبارة الحصول علي مسكن آمن علي ألسنة البعض أما البعض الآخر فكان ممن سقط منزله بالفعل وأصبح مأواه الوحيد الآن هو الشارع مع انتظار تنفيذ وعود المسئولين لعل وعسي أن تصدق‏.‏
‏///‏
‏..‏ وفي العتبة‏..‏ كل شبر بضاعة‏!‏
يرتبط تاريخ ميدان العتبة لدي الكثير منا بفيلم العتبة الخضرا للفنان إسماعيل ياسين عندما كان الميدان واسعا يخلو من التجمعات البشرية وحتي المرورية إلا قليلا‏,‏ لدرجة لا يتمكن معها معظمنا تذكر فترة التحول التي شهدها الميدان فقد كان تحولا تدريجيا لتصبح العتبة مركزا تجاريا كبيرا لا يخلو من الحركة ليلا أو نهارا ولكن يبقي التحول الأكبر والذي يوضح الاختلاف بين ماضي المكان وحاضره أنه أصبح ميدان العتبة بعد حذف كلمة الخضراء‏.‏
وكغيره من الميادين احتله الباعة الجائلون وافترشوا أرصفته ولم يتركوا متنفسا للحركة خاصة وأن حركة البيع والشراء أصبحت متركزة في العتبة نظرا لوجود جميع المستلزمات فيها حيث يوجد شارع الأزهر والموسكي وحمام الثلاثاء والمناصرة وشارع عبد العزيز وسور الأزبكية لتجارة الكتب وهناك أيضا المسرح القومي ومسرح الطفل علاوة علي المواقف العشوائية الموجودة في العتبة‏,‏ كل هذا أدي إلي تحول العتبة إلي منطقة عشوائية الحركة يستغل الباعة فيها كل شبر لوضع بضائعهم بل أن بعضهم يتخذ من سلالم محطة مترو العتبة بل وفي مدخلها مكانا ثابتا لهم‏..‏
والوضع نفسه ينطبق علي باعة العتبة الذين استنكروا رفض المواطنين لوجودهم رغم احتياجهم لهم وشراء معظم مستلزماتهم منهم وقال أحدهم ده أكل عيشنا اللي بنكسب منه بالحلال ليه عايزين تحرمونا منه؟‏!,‏ ويؤكد أن الباعة لم يتسببوا في تغيير معالم العتبة الخضرا بل إنه من الطبيعي أن تتغير أشكال الشوارع ونظامها مع مرور الوقت‏.‏
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.