«أول فرع بجنوب شرق آسيا».. بدء الدراسة رسميًا بجامعة الإسكندرية في ماليزيا (صور)    البورصة المصرية تغلق الجلسة عند مستوى 36100 نقطة    وزير التعليم يوقع مذكرة تفاهم مع شركة يابانية لتعزيز تعليم الموسيقى بالمدارس    اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيره اليوناني    صلاح محسن يقود تشكيل المصري ضد بيراميدز في الدوري المصري    حملة مشتركة للكشف تعاطي المواد المخدرة والمخالفات المرورية بشارع الجيش بالمنصورة    بالصور والفيديو سابقة تحدث لأول مرة لفيلم مصري.. برج المملكة يحمل أفيش فيلم درويش لعمرو يوسف    الثلاثاء المقبل.. طرح أول أغنية من ألبوم ويجز الجديد    بعد طرح بوستر فيلم "جوازة في جنازة "تعرف على مواعيد عرضه بمصر والعالم العربي    فابريزيو رومانو يكشف موقف مانشستر سيتي من رحيل نجم الفريق    بعد اعتذار الجونة.. إعادة قرعة الدوري المصري للكرة النسائية (مستند)    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    موجة حارة.. حالة الطقس غدًا الأربعاء 20 أغسطس في المنيا ومحافظات الصعيد    بعد سرقة دراجته النارية.. إصابة شاب بطلق ناري على يد مجهولين بقنا    كان بيعدي السكة.. وفاة شخص دهسا تحت عجلات القطار في أسيوط    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو يكذب ويضع شروطًا غير قابلة للتنفيذ لإفشال الصفقة    رئيس هيئة الرقابة على الصادرات: تقليص زمن الإفراج الجمركي إلى يومين بنهاية 2025    عمرو يوسف يحتفل بالعرض الخاص لفيلم "درويش" في السعودية    حقيقة إحالة بدرية طلبة للمحاكمة الاقتصادية.. محاميها يكشف التفاصيل    تكليفات بتوفير أصناف العلاج المختلفة بصيدلية مركز طب أسرة صحة أول بأسوان    لأول مرة «بإهناسيا التخصصى».. استئصال ورم كبير متضخم بالغدة الدرقية لمسنة تعاني صعوبة التنفس    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    وزير الخارجية: الكرة الآن أصبحت في ملعب إسرائيل لوقف إطلاق النار    محمد مطيع رئيسًا للاتحاد الإفريقي للسومو ونائبًا للدولي    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    ميلان يخسر خدمات رافاييل لياو في الجولة الأولى للدوري الإيطالي    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    «التعليم العالي»: إعلان القائمة المبدئية للمرشحين لمنصب رؤساء 5 جامعات أهلية    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    تدريب المعلمين على تطبيقات الآلة الحاسبة.. بروتوكول جديد بين "التعليم" و"كاسيو"    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    من هم أبعد الناس عن ربنا؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    "فاليو" تنجح في إتمام الإصدار السابع عشر لسندات توريق بقيمة 460.7 مليون جنيه    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    «الوعي»: التحرك المصري القطري يُعيد توجيه مسار الأحداث في غزة ويعرقل أهداف الاحتلال    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    استعدادًا للعام الجديد.. 7 توجيهات عاجلة لقيادات التربية والتعليم بالدقهلية    تقديم الخدمات الطبية المجانية ل263 مريضاً بمحافظة كفر الشيخ    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    «الري»: منظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ لتسهيل الخدمات للمستثمرين والمواطنين    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شارع السبتية... »جلطة مرورية« في قلب القاهرة
السبتية مهملة ... ولا خطة لتطويرها
نشر في آخر ساعة يوم 09 - 04 - 2012


الزحام يسيطر على شارع السبتية
يشكل شارع السبتية حالة خاصة في قلب القاهرة، باعتباره محورا مروريا غاية في الأهمية يصل بين كورنيش النيل وميدان رمسيس إلا أن الشارع المفترض فيه أن يرفع العبء عن شارع 26 يوليو وأن يعمل علي سيولة مرورية لكل من يختاره للوصول إلي قلب القاهرة، تحول إلي كابوس قد يستغرق الخروج منه ساعات نتيجة للإشغالات وغلبة النشاط الصناعي والتجاري عليه فمن المعروف أن الشارع أكبر أسواق الخردة وتجارة الحديد والمسامير في مصر.
والسبتية التي كانت في الأصل مجرد شارع حين نشأ ثم تكون علي مدار قرنين من الزمان يعتبر الجزء الشمالي من حي بولاق العريق والذي بدوره له تاريخ طويل يستند علي جغرافية متميزة تؤهله للتطلع إلي مستقبل أكثر إشراقا ليتعدي واقعه بمشاكله. وهو ما جعل "آخر ساعة" تفتح ملف مشاكل السبتية لنبحث عن أصل الداء ليتطابق التاريخ العريق مع المستقبل المشرق.
مشكلة السبتية الحقيقية في أنها محور مروري غاية في الأهمية وفي نفس الوقت منطقة صناعية-تجارية تجعل كل من يتصدي لحل مشاكلها يقف أمام اختيارات صعبة بين التضحية بطبيعة المنطقة الصناعية من أجل سلامة المحور المروري أو ترك الزحام والاختناق المروري كما هو محافظة علي طبيعة المنطقة الصناعية، والملاحظ أن المنطقة تعتبر منخفضة الكثافة السكانية مقارنة بغيرها من المناطق الشعبية القريبة منها والمحيطة بها، نتيجة لغلبة النشاط الصناعي واستخدام التجار الشقق السكنية كمخازن لبضاعتهم. الفوضي المرورية التي تضرب في المكان خلال السنوات الماضية، وإلي الآن جعلت من شارع السبتية، نموذجا مثاليا للانتهاكات والتجاوزات والعشوائيات فالمحلات التجارية، والورش الصناعية لم تكتف فقط بامتلاك رصيف المشاة، بل قامت بالزحف حتي امتلكت عرض الطريق.. ومع غياب تام لرجال المرور باتت سيارات الميكروباص تفعل ما يحلو لها، وحكمت حركة السير في الشارع طبقا لرغبات السائقين.. ناهيك عن الأوناش التي تسد وتغلق الحركة تماما حتي أمام المشاة.. لتكتمل لوحة فوضاوية لمنطقة شارع السبتية الذي لايتعدي طوله 400 متر تقريبا تشهد هذه الأمتار القليلة جميع أشكال التعديات المرورية من سير عكس الطريق إلي التعدي علي حرمة الشارع. فلماذا لا تفكر الحكومة في نقل أسواق السبتية إلي مكان آخر وتبدأ في تطوير المنطقة وخلق محور مروري حقيقي بعد توسعة الشارع خصوصا أن الحكومة لها تجربة مشابهة في نقل سوق الخضار بروض الفرج القريب من السبتية- إلي منطقة العبور وقد يكون هذا هو الحل الوحيد لجميع مشاكل السبتية أم أن كبار تجار السبتية لهم رأي آخر في هذه المسألة؟!.

شيخوخة مبكرة
أما مشاكل السبتية والتي ترتبط بتنوع نشاطها الصناعي وتداخله مع المحور المروري الهام فيري المحامي الشاب علاء عبد الخالق عضو مجلس محلي المحافظة عن دائرة بولاق أبو العلا أن حي بولاق بأكمله يعيش مشاكل عديدة ومزمنة جعلته يعاني الشيخوخة المبكرة علي الرغم من صغر مساحته إلا أن مشاكله كبيرة جدا كما أن رؤساء الأحياء المتعاقبين عليه فشلوا في إيجاد الحلول الجادة لمشاكله التي صارت جزءا أساسيا من تركيبته وأصبح التعامل معها ضربا من ضروب المستحيلات.
ويضرب عبدالخالق المثال بالسبتية الذي يعاني من فوضي شديدة فالمخالفات عيني عينك والإشغالات والتعديات تتم في عز النهار ولا أحد يتكلم أو يتحرك. واتحدي والكلام علي لسان عبدالخالق- أن تجد عسكري مرور واحد في شارع السبتية بأكمله وهو الأمر الذي تسبب في أن تصبح بولاق أكبر أحياء مصر من حيث حجم الإشغالات.
ويري عبد الخالق أن أكبر مشكلة تواجه السبتية وبولاق عموما هي عدم وجود رئاسة الحي داخل حي بولاق إذ إن مقر الحي لايزال في شارع قصر العيني ما يسبب معاناة لأهالي الحي مشيرا إلي أن القرار الصادر في سنة 2003 لإقامة مقر حي بولاق علي أرض شارع الملح والصودا برملة بولاق لم ينفذ لضعف الإمكانيات والميزانيات التي عجزت المحافظة عن توفيرها، لذلك فان أهالي بولاق الآن يطالبون ببناء مقر الحي بجهودهم الذاتية.
ترميم المنازل
من جانبه أكد خالد البرداويلي عضو حزب الوفد وأحد أبناء المنطقة، أن منطقة السبتية من المناطق القديمة العشوائية التي تضم منازل آيلة للسقوط وصدر بشأنها قرارات إزالة، وقد تم ترميم أكثر من 2000 مبني بالجهود الذاتية وبالتنسيق مع المحافظة. أما عن مشكلة المرور والإشغالات فأعتقد أن المشكلة تكمن في السلوك والحل أن يتم توعية تجار وأهالي السبتية بضرورة احترام حرمة الشارع وعدم التعدي عليها.
وعن وجود مشروع لتطوير السبتية أكد البرداويلي أننا نسمع حديثا يدور حول تطوير حي بولاق كله وتحويله إلي منطقة استثمارية مع تهجير الأهالي لمناطق أخري بديلة إلا أن هذا لايتعدي مجرد الأقاويل خصوصا مع عدم صدور أي قرارات من المحافظة أو الحي بشأن تطوير حي بولاق كله.
وأشار البرداويلي إلي أن الأفضل أن تقوم المحافظة بتطوير منطقة بولاق واستيعاب جميع الأنشطة الموجودة سواء في السبتية أو سوق العصر أو شارع شنن بشكل حضاري عصري بديلا عن فكرة النقل بعيدا عن الحي وإقامة مساكن بديلة للمنازل المهددة بالسقوط كتجديد وإحلال للمباني.
ويقول الحاج حسن أحد أصحاب ورش الحديد ومن سكان الحي أيضا أن المشكلة الأساسية للشارع هي وجود أوناش تسد الطريق عند قيامها بتحميل السيارات ذات المقطورة أو تفريغها بالبضاعة داخل المحال التجارية ويضيف أن جميع أصحاب المحلات لديهم مخازن كبيرة جدا خارج شارع السبتية في مناطق مجاورة ومناطق أخري. ورغم ذلك لاتنقل بضائعهم إليها في هذه الأماكن.
ويضيف الحاج حسن أن "هناك تراخيص لبعض المحلات الصغيرة التي لا تتعدي مساحتها ستة أمتار.. تحتل هي وغيرها الرصيف لحسابها الخاص وتأخذ معها عرض الشارع تبيع وتشتري.. كما تشاء ولا أحد يحاسبها".
فوق القانون
يقول إسماعيل محمد صاحب ورشة بالسبتية يوجد ميزان بسكول لدي جميع تجار الشارع والميزان عبارة عن أرضية حديد تصعد عليها السيارة المراد معرفة وزنها وهي فارغة أولا ثم يقطع بعد ذلك الطريق، ويخرج لكي يحمل الحديد المراد شراؤه ثم يذهب مرة أخري ليقطع الطريق لوزن السيارة وهي محملة لمعرفة وزن الحديد وهذا كله أمام أعين الناس. ولا أحد يتكلم لأن تجار الحديد وضعوا أنفسهم فوق القانون.
وطالب أحمد سيد -أحد سكان السبتية- بضرورة نقل جميع الورش والمصانع خارج شارع السبتية لأنها سبب كل مشاكل الشارع ابتداء من المرور والتلوث الناجم عن الورش وانتهاء بالتسبب في الحرائق التي كان آخرها الحريق الهائل بمخزن للعوازل الكهربائية والفوم العام الماضي والذي التهم عمارة سكنية بالكامل بسبب المخزن الموجود بالعمارة.
ونفت د. سهير حواس أستاذ العمارة بجامعة القاهرة ونائب رئيس جهاز التنسيق الحضاري وجود أي مشروع لتنسيق السبتية حضاريا ولا علم لدينا عن أي مشاريع لتطوير السبتية. وقالت ل"آخر ساعة" إن القانون حدد اختصاصات جهاز التنسيق الحضاري طبقا للقانون رقم 119 لسنة 2008 والذي يجبر جميع المحافظات والأحياء علي إرسال خطط تطوير المناطق ذات الطابع المميز للجهاز لوضع توصياته علي هذه المشاريع ووضع المعايير الجمالية الواجب اتباعها في عملية تنسيق وتطوير الأحياء.

موقف الحي
من جانبه أكد رئيس حي بولاق اللواء علي صدقي، أنه ورث تركة صعبة لكنه لم يفقد الأمل في إصلاح وتطوير الحي، والمشكلة الرئيسية هي أن الحي كله حي صناعي وتجاري ما يجعل مشاكله تستعصي علي الحل، أما عن مشكلة شارع السبتية فهي مشكلة مرورية تسأل عنها شرطة المرور والتي تغيب تماما عن الشارع. أما بخصوص وجود مشروع لتطوير ونقل ورش السبتية فقد نفي رئيس الحي تماما فكرة وجود أي مشروعات لتطوير حي بولاق أو أحد شوارعه، مؤكدا سعي الحي لتنفيذ جميع قرارات الإزالة الخاصة بالمنازل المهددة بالانهيار.
أما عن طموحاته لحي بولاق والسبتية فيري صدقي أن أهم مشكلة تواجهه هي وجود مقر الحي بعيدا عن حي بولاق ذاته ما يسبب لي ولأهالي الحي الكثير من المشاكل، وهي مشكلة نعمل علي حلها مع المحافظة بتوفير موارد مالية لإنشاء المقر داخل بولاق أبو العلا.
تاريخ
تشكل السبتية الجزء الشمالي من حي بولاق، عندما كان الأخير ميناء القاهرة النيلي والذي يربطها بتجارة البحر المتوسط، فكانت بولاق ومعها السبتية مركزا للنشاط التجاري طوال العصر المملوكي المتأخر واستمر هذا النشاط وزاد في العصر العثماني لدرجة أن الوكالات المنشأة في حي بولاق فاقت مثيلاتها داخل أسوار القاهرة القديمة. ووقف فتوات بولاق والسبتية علي رأس ثوار القاهرة ضد الاحتلال الفرنسي وهي المواجهة التي أصابت نابليون بالجنون نتيجة لأعمال أهالي بولاق البطولية فأمر بدك بولاق والسبتية بالمدافع، فصارت خرابا بعد أن كانت عمارا ولم ينقذها إلا مجيء محمد علي واستلامه زمام الحكم في مصر.
دخلت السبتية التاريخ من بابه الواسع مع خطة محمد علي باشا الطموحة للنهوض بمصر، وكانت رؤيته قائمة علي تحويل مصر إلي دولة صناعية فوقع اختياره علي منطقة السبتية والتي جعل بها معامل ومصانع لإنتاج الأسلحة والمدافع والبارود ومسبكا للمعادن في عام 1820م لتلبية احتياجات الجيش المصري حينذاك. وايضا مصانع للسكر والورق والغزل والنسيج في عام 1818م لتلبية احتياجات النهضة المصرية واحتياجات المطبعة البولاقية القريبة من السبتية.
وعن أصل التسمية يرجع أهالي السبتية اسم الشارع إلي سوق قديم كان يقام أيام السبت استمر لأكثر من أربعين سنة وهو ما أعطي الشارع اسمه المميز.
وكانت السبتية في مطلع القرن العشرين عبارة عن "ربع للأرز" (وكالة مخصصة لبيع منتج واحد مقسمة لدورين الدور الأرضي لمحلات البيع الدور العلوي للتخزين وعقد الصفقات) دون أن يكون بها أي محل للحديد ثم بدأ تدريجياً التحول لتجارة الحديد وصناعته حتي أصبحت السبتية من أشهر المناطق بالجمهورية لتجارة حديد الخردة . وفي عام 1957 شب حريق هائل بوكالة " الأرز والغلال " بالسبتية قررت بعدها وزارة الأوقاف بناء محلات ومساكن شعبية ثم تأجيرها إلي أن تحولت تدريجياً إلي منطقة لتجارة " الحديد "بدلاً من الغلال . فتحولت المحلات جميعها من تجارة الغلال إلي تجارة وصناعة المواسير وخامات الحديد وذلك في ال 50 عاماً الأخيرة. ويوضح هذا كيف انتقلت السبتية من حي الغلال إلي حي مستلزمات الحديد والخردة وتمتد تجارة السبتية من رمسيس إلي كورنيش النيل وتنتشر بها محلات وصناعة الحديد والخردة من صاج وعواميد وغير ذلك واستفاد التجار من أهم ما يميز المنطقة هو قربها من وسط البلد في الترويج لبضائعهم.
ومن أشهر القصص التي ارتبطت بالسبتية علاقتها بانقطاع الكهرباء المستمرة في القاهرة في الخمسينيات والتي لم يجد مسئولو الكهرباء أي حجة لتبرير هذا الانقطاع إلا باتهام الفئران بقرض أسلاك الكهرباء في المحول الرئيسي بمنطقة السبتية، ليتحول هذا التعبير مع الوقت إلي دلالة لفظية تعبر عن الإهمال وعدم تحمل المسئولية وإيجاد متهم جاهز كفأر السبتية لتحميله تهمة وتبعات أخطاء وخطايا الحكومة، وأصبح فأر السبتية مع الوقت نكتة شعبية بين أفراد المجتمع للسخرية من إهمال بعض أفراد الحكومة.

سوق المحطة
وعند نهاية تجوالك بشارع السبتية قرب ميدان رمسيس تجد سوق محطة مصر القديم المنشأ في سنة 1910 أي نحتفل هذا العام بمرور مائة عام عليه ومن المفترض ضمه للآثار لكن حالة المبني تنعي نفسها وسط الإهمال الحكومي والتعدي من قبل أصحاب المحلات وتجاهل هيئة الآثار له. والسوق القديم في حالة يرثي لها فبعد أن كان مقرا للبضائع القادمة من أقاليم مصر المختلفة أصبح مهجورا من الداخل بعد أن احتل بائعو المأكولات الشعبية مدخل السوق المبني علي الطراز الإسلامي خصوصا طراز الوكالات المملوكية الذي يتكون من أربع جهات تتوسطها ساحة تستخدم في تنزيل البضائع ويقسم السوق إلي جزءين السفلي لتخزين البضائع وعرضها والأعلي مقر التجار وعقد الصفقات التجارية. ولا نتجه بالمطالبة إلا للمجلس الأعلي للآثار في أن يعيد إلي هذا السوق رونقه من جديد بأن يسجله كأثر ويعيد استخدامه في النشاط الثقافي كبيت السحيمي وهو نوع من النشاط الثقافي المحرومة منه منطقة السبتية.

عصر... الفتوات
لايمكن إتمام زيارة السبتية إلا بعد زيارة فتوات السبتية وبولاق أشهر فتوات المحروسة القاهرة، وبعد تفتيش وبحث اكتشفنا انقراض الفتوات بعد وفاة آخر فتوات السبتية وبولاق عم حسن لمبي والذي حكي قصته لآخر ساعة ابنه مصطفي لمبي.
يروي مصطفي لمبي قصة أبيه حسن لمبي وعمه حميدة لمبي وتلميذ أبيه إبراهيم كروم أحد أشهر فتوات السبتية وبولاق كلها. وعلي عكس الفكرة السائدة عن الفتوات، من أنهم بلطجية أو لصوص يرفض مصطفي اللمبي الفكرة مؤكدا أن الفتوة كان لابد من أن يتحلي بالشهامة والرجولة ونصرة الضعيف وعدم استخدام القوة بلا داع وهي صفات امتاز بها معظم فتوات القاهرة.
ويؤكد مصطفي لمبي أن عمه حميدة لمبي توفي في الأربعينيات قتيلا بسبب قصة طريفة يرويها مصطفي قائلا:" كان من عادة عمي حميدة ألا تمر زفة فرح أمام الميدان إلا وتضرب سبع سلامات تحية لفتوة السبتية وبولاق، وفي إحدي المرات عبرت زفة الميدان ولم تضرب السبع سلامات المعتادة فما كان من صبيان عمي حميدة -أثناء غيابه- إلا الهجوم علي الزفة فمات ثلاثة من أهل الفرح، فانتظر أهالي القتلي عمي حميدة أثناء خروجه من القسم بعد التحقيق معه وأخذوه علي خوانة وشقوا بطنه بسكين ليرقد بعدها في المستشفي لمدة سبعة أيام يلقي بعدها ربه وهو في ال36 من عمره، وفي جنازته اجتمع جميع فتوات مصر والقاهرة لوداعه وارتدوا السواد لمدة سبعة أيام حزنا عليه في سابقة لم تتكرر، ومازال قبره موجودا ومعروفا في مقابر باب النصر".
أما عن الحاج إبراهيم كروم فهو أحد أشهر فتوات بولاق وامتدت علاقته وتشعبت، ومن أهم مواقف كروم اللافتة الشهيرة التي علقها بمناسبة مرور الزعيم جمال عبد الناصر بحي بولاق وكانت تقول:"إبراهيم كروم فتوة بولاق، يحيي جمال عبدالناصر فتوة مصر". إلا أنه عاد واشترك في مظاهرات سنة 1954 بعد انتمائه للإخوان المسلمين وحكم عليه بالسجن.
اللمبي...واللنبي
أما عن الوالد-حسن لمبي- فيقول مصطفي لمبي: " أصل تسمية أبي باللمبي ترجع إلي أيام الاحتلال الإنجليزي عندما كان في إحدي خناقاته في شارع كلوت بك وبعد أن هزم فتوة المنطقة هناك جاء البوليس الذي انهال بالضرب علي أبي إلا أنه لم يبد تأثره بأي من هذه الضربات وتحملها في شجاعة، فما كان من القائد الإنجليزي إلا أن أعجب بشجاعته وأطلق عليه لقب اللنبي القائد الانجليزي الشهير تشبيها له في شجاعته وجرأته ومن هنا التصق اللقب بأبي وعمي والذي حرف إلي اللمبي علي لسان الناس".
ويؤكد مصطفي اللمبي أن أباه كان يؤمن بأن القوة ليست الأسلوب الأفضل للفتونة وإنما احترام الآخرين ونصرة الضعيف والتعامل برفق مع سكان الحي هي أفضل وسائل حكم الفتوة وأن حسن اللمبي لم يكن يستخدم العين الحمرا إلا مع من يتعدي علي أحد أفراد حي بولاق باعتباره حامي حمي الحي. وظل أبي علي هذا الحال حتي وفاته سنة 1981م لتنتهي بوفاته سيرة فتوات بولاق والسبتية ويكون هو آخر من حصل علي هذا اللقب.
المرأة.. فتوة
ويروي مصطفي لمبي قصة طريفة عن دور المرأة في الأحياء الشعبية حينما يؤكد اشتراك أخواته في معارك أبيه، ويرجع اللمبي الصغير هذه المواقف إلي إنجاب أبيه حسن لمبي خمس فتيات وبقائه وحيدا بعد وفاة عمه حميدة في حين جئت أنا وأخي بعد فترة، فلذلك كانت أخواتي يشاركن في معارك أبي دفاعا عنه.
كما يؤكد مصطفي اللمبي وجود نساء اتجهن إلي الفتونة ولكن علي مستوي الحارات فكان فتوة الحي يعين امرأة قوية الشخصية كفتوة علي الحارة التي تسكن بها لحل مشاكل النساء والعراك بين الأطفال بل وصراعات الرجال داخل الحارة المسئولة عنها.
ويشير مصطفي لمبي إلي عدم اهتمامه بحصوله علي لقب الفتوة بعد وفاة أبيه مؤكدا احترامه لطقوس الفتونة إلا أنه يري أن العصر تغير ولم تعد الفتونة مناسبة لهذا العصر،مفضلا الاكتفاء بعمله في مجال الأخشاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.