أطلق اسم النكسة علي هزيمة يونيو67, لأنها كانت نكسة بالفعل ولم تكن حربا حقيقية, فالجيش المصري لم يحارب, حيث ضربت الطائرات التي هي الغطاء الجوي للمحاربين وهي علي الأرض. وبالأدق ضربت الممرات التي تنطلق عليها الطائرات فلم تغادر أماكنها.. وفقدت مصر الجزء الأكبر من جيشها في صحراء سيناء, واعترف عبدالناصر بذلك وتحمل المسئولية, وأعلن التنحي عن الحكم وعن أي منصب سياسي, ولكن الشعب.. الشعب الذي أحبه وأدرك ما حدث, رفض أن يتنحي الرجل عن شعبه وعن جيشه.. وقدر عبد الناصر للمصريين ولمصر ما حبوه به من حب, فقرر من اليوم التالي إعادة بناء الجيش واستعان في التجنيد بالكثير من ذوي المؤهلات الدراسية والقادرين علي تشغيل الأسلحة الجديدة التي تحتاج إلي مهارة, ثم بدأ حرب الاستنزاف بعد أن تمكنت البحرية المصرية العظيمة من إغراق كبري مدمرات العدو وهي إيلات, أغرقتها بعد النكسة بأيام قلائل وأغرقتها بصاروخ أرض أرض, مما يعد حادثا يحدث لأول مرة وتدرسه الدول ضمن دراساتها عن فنون الحرب الحديثة, وهذا ما حدث أيضا مع عبور أكتوبر73, حيث أعلن القادة العسكريون في إسرائيل, بل وفي العالم كله, أن خط بارليف مستحيل العبور, وأنه خط منيع لا يمكن تدميره إلا بقنبله نووية, ومصر لا تملكها.. ونسوا أن القنبلة النووية الحقيقية التي تملكها مصر هي الروح المصرية التي لا تظهر كقوة قاهرة إلا أمام التحديات الكبيرة, حيث يصبح المصريون جميعا يدا واحدا, ويصبح الكل في واحد, وهذا ما حدث مع أول صيحة بكلمة السر من قائد العبور. ** * لأنور السادات أخطاؤه لاشك, كما أن لكل زعيم كبير يريد أن يقفز ببلده للأمام أمثال تلك الأخطاء, وهي في العادة غير مقصودة, ولعل من الأخطاء الكبري للسادات ذلك الانفتاح العشوائي الذي حدث وأوصل البلد إلي لا رأسمالية ولا اشتراكية, وإنما انتهازية.. لكن ذلك لا يلغي أن يعطي الرجل حقه, فلعله أول زعيم منتصر في أمريكا التي تقف معها ووراءها. لقد أعادت مصر الحياة إلي أنور السادات وإلي كل قادة حرب أكتوبر واحدا واحدا, مما طواهم النسيان, إما تجاهلا أو عمدا أو نسيانا عاديا.. عاد الجمسي والشاذلي وأحمد إسماعيل ومحمد فوزي ومحمد علي فهمي وزملاؤهم العظام الذين سطروا ببطولاتهم ملحمة العبور.. وطبعا يأتي في المقدمة ذلك الشهيد العظيم الذي استشهد في الخطوط الأمامية مع جنوده: عبد المنعم رياض. ** * إن مصر تتجدد دائما.. كما أن مصر ولادة دائما.. وأنا من المؤمنين أن في هذا البلد سر إلهي يجعلها دائما محروسة.. حفظ الله مصر الصامدة.. الصابرة.. المتجددة.. التي لا تنسي. بهيج إسماعيل رابط دائم :