كنت أتوقع أن تكون الحكومة الحالية المعروفة بكثافة عددها وتعدد خبراتها وتصريحاتها علي قدر الظروف التي تمر بها البلاد وأن تترك المصريين وقد تحولوا إلي النشاط السياسي المكثف. وأصبح كل واحد منهم خبيرا أمنيا واستراتيجيا وتتفرغ لدورها ولكنها خذلتني وخذلتهم وتحولت هي أيضا إلي النشاط السياسي وكأننا بلا حكومة مهمتها الأولي اقتصادية ولا وزراء يدركون ما ينبغي أن تقوم به وزاراتهم. أقول ذلك وقد لاحظت مع الكثيرين أن حكومتنا المصونة لا بتهش ولا بتنش- كما يقولون وتبدو وكأنها تعمل بلا رأس وتحولت اجتماعاتها إلي مجرد مناسبات لطرح أفكار ومشروعات وخطط تضل طريقها إلي النور, ولا تصل إلي المواطن في شتي التخصصات, ودخل الوزراء الذين ظلت أسماؤهم لفترة طويلة نموذجا للعطاء المحتمل في بيات وزاري لا ينتهي وعقمت عقولهم من تقديم أي بادرة للعطاء وكأنهم جاءوا للمشاهدة فقط. صحيح أن البعض يمكن أن يقول إن صخب الشارع ومظاهراته وجمعه ومليوناته واعتصاماته وما يشهده الشارع من تطورات قد حال دون أن تقوم الحكومة بأي دور ملموس, وأن هذه الاعتراضات هي التي عطلت ماكينة الأداء الحكومي, وأنا لا أختلف مع ذلك ولكنني أذكر هؤلاء الوزراء ورئيس حكومتهم بأن ذلك ما كانت حكومة هشام قنديل تعلنه وكان الوزراء الحاليون ورئيسهم يسخرون ساعتها مما يقال ويرددون بأن الحكومة الجادة يمكن أن تعمل تحت أي ظروف. ولو كنت مكان الدكتور حازم الببلاوي وأعضاء حكومته لحاولت بأقل الميزانيات القيام بأي إنجاز ولو علي مستوي النظافة أو رصف الشوارع أو تيسير خدمات المواطنين أو الاهتمام بصحة المواطنين أو تحريك المياه الراكدة في شتي قطاعات الدولة علي الأقل ليشعر المواطن بأن هنالك ما تقوم به الحكومة حتي ولو كان قليلا, ولكن يبدو أن تلك الحكومة سعدت بتلك الظروف حتي تداري فشلها الذريع في القيام بأي إنجاز من أجل المواطن المصري باستثناء وزارة الخارجية. المثير للدهشة أن بعض الوزارات تجتر فشل الوزارات السابقة خاصة وزاررتا الزراعة والصحة اللتان تعيشان في جلباب الروتين والبيروقراطية القاتلة ويكفي مثلا أن نشير إلي أن الدكتورة مها الرباط أرادت أن تكسر حاجز صمتها وعجزها عن القيام بدور وزيرة الصحة فقامت بحل لجنة إعداد مشروع قانون التأمين الصحي الشامل لا لشيء إلا أن تكون رئيسة للجنة بل وطلبت من اللجنة الجديدة أن تعيد القانون من حيث بدأ دون مراعاة لما تحقق علي الأرض من مناقشات ومشاورات وصياغات وتجربة بالسويس وغيرها وكأنها لا تعرف شيئا عما سبق ولا تريد أن تعرف أو تتعلم أو تسمع للعاملين بالوزارة. وليت الدكتور الببلاوي يقتنع ذات صباح أنه رئيس لوزراء مصر وأن يقوم بما ينبغي أن يفعله رئيس لحكومة كنا نتخيل أنه سيحقق الكثير حينما يتولي المنصب وقد تولاه ولكن دون إنجازات. [email protected] رابط دائم :