لا ينكر أحد أن حكومة الدكتور حازم الببلاوي حاولت بفكر وخبرة رئيسها ومشاركيه أن تحوي تركيبة من الوزراء تحقق اعتبارات ربما تتطلبها المرحلة الانتقالية فهي من الكفاءات وهي حكومة وطنية من التكنوقراط وهي أيضا تلبي نوعا من الوفاق علي محاصصة حزبية, كما تبدو وكأنها تعرضت للضغوط والمساومات والمواءمات حتي في لحظاتها الحاسمة. هذه الحكومة التي تتحمل علي عاتقها مهمة الإنقاذ ورسم خطوط المرحلة الانتقالية التي تمهد لمصر الجديدة كان ينبغي أن تسير في طريق بلا مطبات اختيارية, فرئيس الحكومة القوي لا يقبل المواءمات الغريبة والمريبة والغامضة التي دفعت بأسماء اختارها والتقاها وتركها تطلق التصريحات ثم فوجئت بأنها خارج التشكيلة الوزارية, ولا القبول باستحضار مشاهد التاريخ الوزاري واستدعاء الكثير من الأسماء من خزينة التشكيلات السابقة بفشلها قبل نجاحها ورفض الناس لها قبل الترحيب برؤيتها. لذلك لا أستغرب ثورة وزارة الآثار علي وزير عمل في حكومتين سابقتين ويردد العاملون بالوزارة أنه ارتكب مخالفات تجاه الوزارة وقطاعاتها ولا بدء اعتصام المثقفين رفضا لاستبدال الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم بالدكتور صابر عرب بضغوط غامضة قيل انها جاءت من حزب النور, ولا أن تضم الوزارة أعدادا كبيرة من بقايا وزارات قنديل وسابقه الجنزوري ممن ليس لهم انتماءات سياسية, ولا أن تجد أسماء في غير ما يمكن أن تعطي فيه وكأن المنصب جاء للترضية وهو ما ينطبق علي اختيار الدكتور زياد بهاء الدين وزيرا للتعاون الدولي وغيره من الأسماء والنماذج التي تحتاج إلي التوقف ويجاورها العديد من علامات الاستفهام التي ربما لا تكون هناك إجابات واضحة عليها, اللهم إلا القبول الشخصي والرضا السلطاني لمعالي رئيس الحكومة الانتقالية ومشاركيه وحملة أسهم الحكومة الجديدة. المثير للدهشة بصورة كبيرة ليس في تلك الخلطة العجيبة ولا الأذواق الغريبة ولكن في تناسي رئيس الوزراء منصبين وزاريين في حكومته التي تجاوز عدد أعضائها كل الحدود والتوقعات وكأنها ليست حكومة انتقالية تقتضي الدمج والضم وتقليص الأعداد حسبما قالوا, فلا وزير للعدل ولا وزارة للنقل, وكأنهما سقطا من حسابات رئيس الحكومة رغم اتفاقه علي اسم لتولي المنصب إلا أنه ذهب مع الريح قبيل ثوان من قسم اليمين القانونية أمام الرئيس المؤقت, وابتعدت حقيبة العدل عن المستشار أمين المهدي الذي أدي القسم وزيرا للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية, وتعثر وزير النقل أمام البوابات الغامضة. وعموما, لا يمكن الحكم علي الوزارة الجديدة قبل أن تعمل ولا من خلال تصريحات المستشار الإعلامي للرئيس; لأن النجاح أو الفشل لن يكون إلا بالتعامل مع الوقع وتنفيذ المهام العاجلة للإنقاذ وهو ما ننتظره جميعا رغم الخلطة الوزارية الغريبة. [email protected]