جاء رفض البرلمان البريطاني لقرار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بالتدخل العسكري في سوريا صفعة في جبين واشنطن وخاصة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو ما يؤكد علي أن قرار الحرب ليس المفضل لدي المسئولين في كل من بريطانيا وأمريكا. حيث رأت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن الولاياتالمتحدة مستعدة للتحرك وحدها بعد رفض مجلس العموم لتوجيه ضربات عسكرية ضد سوريا ورفعه لشعار لا للحرب مما وضع كاميرون في حالة لا يحسد عليها من الخيبة والمهانة. ومن جانبه تساءل المحلل السياسي جوزيف باليرمو إذا كان البريطانيون يستطيعون إيقاف حكومتهم من شن الحرب في سوريا فلماذا لا يستطيع الأمريكيون؟ حيث هاجم البرلمان البريطاني رئيس الوزراء السابق توني بلير وغيره من نجوم حرب العراق, موضحا أن أوباما يفتح صندوق باندورا الذي لن يأتي منه إلا مزيد من الخراب والدمار, مشيرا إلي أن أوباما يورط امريكا في حرب تشبه حرب فيتنيام متناسيا ما تكبدته من خسائر بشرية ومادية والممارسات البشعة واللا إنسانية التي عامل بها الجيش الأمريكي المواطنين الفيتناميين والذي راح ضحيتها حوالي58 ألف جندي أمريكي وحوالي مليون ومائة ألف قتيل ومع ذلك فهو لم يتعلم التجارب الأمريكية الفاشلة في فيتنام, وأفغانستان, أو العراق وخاصة بعد أن أصدر حوالي162 علي الأقل من أعضاء مجلس النواب بينهم64 من الديمقراطيين و98 من الجمهوريين بيانا يدعو لإجراء مناقشة في الكونجرس للتصويت قبل التدخل العسكري في سوريا. في حين رأت مجلة بوليسي ميك الأمريكية أن التحرك العسكري الغربي في سوريا يثير مخاوف كبيرة من زيادة أسعار البترول حيث من المتوقع أن تظل أسعار البترول الخام مرتفعة وستتزايد العقود الآجلة للغاز وذلك بسبب تدخل أرض العم سام هذا التدخل الذي أدي إلي انخفاض إنتاج العراق من البترول بنسبة10% منذ شهر مايو الماضي وانخفض إنتاج البترول في ليبيا الي خمس ما كان عليه قبل التدخل العسكري بها والإطاحة بالقذافي في عام2011 بالإضافة إلي ان امدادات البترول سوف تتعطل وستكون الاضطرابات في مصر من بين أكبر المخاوف, لأنه يحتمل أن تتوقف أو تنخفض بشدة شحنات البترول المارة عبر قناة السويس والتي يمر من خلالها حوالي10% من البترول في العالم العربي وقد يدفع تدخل الولاياتالمتحدةإيران إلي استخدام موقعها الاستراتيجي وتعطيل شحنات النفط عبر مضيق هرمز والتي يمر من خلاله حوالي20% من جميع شحنات البترول. ومن جانبها رأت صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية أن هناك الكثير من اللاعبين في الصراع السوري حيث يهدف التدخل العسكري الأمريكي في سوريا إلي إضعاف إيران فهي معركة بين السعودية و إيران, وإيرانوالولاياتالمتحدة, وتركيا و إيران, وروسيا و الولاياتالمتحدة حيث تخوض المملكة العربية السعودية وإيران صراع أيديولوجي عمره يصل إلي قرون والدافع وراء الدعم السعودي للمعارضة السورية ينبع من الرغبة الشديدة لكسر التحالف بين سوريا وإيران المنافس الرئيسي للمملكة العربية السعودية للهيمنة علي الخليج العربي والشرق الأوسط وبينما تفتقر السعودية إلي القدرة العسكرية للتدخل مباشرة فقد تم استخدام ثروتها البترولية لتسليح المعارضة السورية لضمان استبدال نظام الأسد بحكومة سنية. بالإضافة إلي تركيا فهي لاعب رئيسي في ذلك الصراع خاصة وأن أنقرة كانت ضالعة دائما في مواجهة مع النظام السوري وأيضا في الصراع مع النظام الشيعي في العراق علي الأراضي الكردية بالإضافة إلي انها استأنفت حالة التنافس الجيوسياسي التاريخي بينها وبين إيران. وتتطلع روسيا إلي مستنقع أخر تهبط فيه الولاياتالمتحدة لتأكيد وجودها ونفوذها في الشرق الأوسط فموسكو لديها أيضا مصالح استراتيجية و مالية طويلة الأمد في سوريا, حيث تستضيف قاعدة بحرية روسية في البحر الأبيض المتوسط وعقود مبيعات الأسلحة الروسية إلي سوريا تصل إلي5 مليارات دولار بعد أن خسر الكرملين عقودا تبلغ قيمتها نحو4 مليارات دولار لتوريد الأسلحة عندما سقط النظام الليبي وهي تريد تجنب تكرار ذلك في سوريا. وفي حين تتحالف كل من فرنسا وبريطانيا مع أمريكا نجد أن المانيا تتبع سياسة حذرة حيث أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لن تخاطر باتخاذ أي إجراء قبيل أسابيع قليلة من الانتخابات العامة المقررعقدها في ألمانيا الشهر المقبل رابط دائم :