يعرض غدا الجمعة الفيلم المصري التسجيلي عن يهود مصر(96 دقيقة), للمخرج أمير رمسيس, في إطار قسم نظرة علي سينما العالم التسجيلية بالدورة السابعة والثلاثين من مهرجان أفلام العالم بمونتريال, والتي تختتم فجر الثلاثاء المقبل بتوقيت القاهرة. يقام العرض بالقاعة رقم14 بسينما الحي اللاتيني في مونتريال في العاشرة صباحا, كما يعرض الفيلم الأحد والاثنين المقبلين في الرابعة وأربعين دقيقة عصرا والعاشرة صباحا علي الترتيب بقاعات نفس السينما. يلقي الفيلم نظرة علي المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين, حين كان ذلك المجتمع بوتقة لصهر مختلف الجنسيات والأديان- بما فيها اليهودية, ويبحث في ظروف وأسباب خروج يهود مصر من وطنهم في بدايات النصف الثاني من القرن.. كما يقدم الفيلم بانوراما للحركة السياسية اليسارية- الشيوعية تحديدا- في ذلك الوقت, من خلال شهادات مصادره, ومعظمهم من اليهود اليساريين المناهضين للفكر الصهيوني وللكيان الإسرائيلي, والذين انضم كثير منهم للتنظيمات الشيوعية الشهيرة التي تكونت في مصر في تلك الفترة, ومنها حدتو.. ونعرف أن أحدا من يهود مصر لم يهاجر إلي إسرائيل لدي إجباره علي مغادرة مصر في الفترة من نكبة فلسطين عام1948 إلي العدوان الثلاثي علي مصر عام1956, ليس فقط لموقفهم السياسي المناهض لإسرائيل, ولكن أيضا لأن الكيان العبري كان لدي نشأته شديد الفقر والتخلف, في حين كان معظمهم من أصحاب المال والأعمال والحياة الرغدة في مصر.. وتقول إحدي الشخصيات إن الوطن الإسرائيلي تم إنشاؤه لليهود المقهورين والمقموعين حول العالم, وإن ذلك لم يكن ينطبق عليهم علي الإطلاق. وبدلا من الكيان الصهيوني, كانت هجرة يهود مصر إلي أوروبا, حيث واصلوا النضال وكونوا تنظيمات شيوعية أخري منها مجموعة روما, وأقام عدد كبير منهم في باريس تحديدا, حيث التقي بهم فريق عمل الفيلم.. وكانت هجرة معظمهم إجبارية, فيما يشبه النفي, ويعبر أحدهم- روبير جرونسبان- عن ذلك قائلا ببلاغة وبلهجة مصرية لم تنل منها السنون: أنا مصري يهودي ولست يهوديا مصريا.. عندما قال لي أحد المسئولين إنني سأسافر إلي إسرائيل, قلت له: إسرائيل دي بلدك انت مش بلدي أنا.. ورفضت السفر, فحكموا علي بالسجن, وعندما خرجت وضعوني قسرا علي مركب متجه لأوروبا. وفي شقه السياسي, يستعرض الفيلم مسيرات عدد من المناضلين الشيوعيين من يهود مصر, ومنهم يوسف درويش(1910-2006), الذي تتحدث عنه ابنته نولة, رئيسة جمعية المرأة الجديدة, وشحاتة هارون المحامي, والشخصية المثيرة للجدل هنري كورييل(1914-1978), الذي كان أحد مؤسسي الحزب الشيوعي المصري, وأسهم في دعم عدة حركات تحررية ومنها الحركة الجزائرية إلي أن تم اغتياله في باريس في4 مايو4 مايو.1978 أما شحاتة هارون المحامي(1920-2001), فهو يهودي مصري يساري معارض لإسرائيل.. ولد لأبوين مصريين يهوديين. رفض الهجرة إلي إسرائيل بعد صدور قرار جامعة الدول بترحيل اليهود العرب إليها وتمسك بالجنسية المصرية.. أصيب في نهاية حياته ب الزهايمر, وعندما توفي, رفضت عائلته أن يصلي عليه حاخام من إسرائيل, واستأجرت حاخاما من فرنسا. قدم صناع الفيلم تحقيقا سينمائيا جيدا, والأهم أنه ممتع رغم طول مدته نسبيا, ويتمتع علي المستوي الموضوعي بوضوح الأفكار وترتيبها ووجود رؤية محددة يتم التخديم عليها عبر سيناريو مكتوب ومنفذ بدقة.. وعلي المستوي التقني, يتمتع ببناء متماسك ساعد عليه مونتاج محكم قام به المخرج بالاشتراك مع هيثم الخميسي, المنتج الفني للفيلم.