بينما الجميع يقوم بتحضير مائدة الإفطار. البعض يضع الأطعمة، والبعض يسكب المشروبات، وأخرى تضحك وهى تلقى بأكياس البطاطس على الآخرين وهم يصرخون بضحكات متوالية. كان واقفاً يتصنع الضحك وسط سيدات العائلة. بينما كانت هي تجلس على الأرض، تعزف بقيثارتها وحولها أطفال الأسرتين ينصتون لألحانها الهادئة العذبة. وعندما حان الوقت والتف الجميع حول المائدة. جلس هو في المقعد المجاور لمقعدها حتى لا يوجه نظره إليها. فهمس والدها في أذن زوجته متسائلاً: أما زلتِ لا تعلمين سبب هذا الوضع؟ فأجابته الوالدة: بلى.. كلاهما يرفض تدخل أحد في خصوصيتهما. فرد بضيق: ولكنهما على هذا الحال منذ أكثر من شهر، ألم تطلب منك الانفصال عنه؟ فردت الزوجة بهمس: كلا. وأثناء تناول الجميع الطعام قرر الأب القيام بخطته.. فأخذ يتحدث بصوت عال مسموع موجهاً كلامه للجميع والجميع يشترك في الحديث إلا كليهما. ثم نطق بصوت عال مستفسراً عن مكان الاحتفال بالزفاف؟ فإذ بالجميع يجيب، فغير السؤال إلى تساؤله عن موعده؟ فلاحظ الأب أن كلا الاثنين لا يهتمان.. وعندما كاد صبره ينفد، نظرت الأم لابنتها مرددة اسمها حتى لا تعطيها أي فرصة للهرب سائلةً إياها عن الموعد المحدد. فأجابت بلا مبالاة: فليُسأل الرجل.. فهو المسئول عن تلك الأشياء. فنظر الجميع تجاهه بينما كان يقوم هو بسحب قطعة من اللحم ليضعها في طبقه وكأن الحديث غير خاص به فاضطر للتمتمة: الرجل.. وما الرجل إلا أداة لجمع المال ودفعه. فقامت من مكانها حتى تسحب قطعة من الفاكهة وهى تقول: إذن فما فائدة وجود رجل في حياة أي امرأة؟! لعل الأفضل لها أن تتزوج بدفتر شيكات؟ وعند ذلك علم الجميع أن هناك معركة ستنشب، فتوقفوا عن الابتسامة ونظروا تجاهه في انتظار رده. فوجدوه يستكمل طعامه وهو ينطق بلا مبالاة: بالفعل كلامك صحيح فدفتر الشيكات تجدينه في أي وقت في متناول يديك. أما الرجل فقد يخرج من حياتك في ثانية واحدة. وهنا فوجئ الجميع بوابل من السباب من الفتاة مما اضطر الشاب إلى أن يقذفها هو الآخر بالإهانات. فهمهمت الأم: فكرة جيدة يا زوجي.. والآن هل لنا أن نخرج الحضور حتى لا نكون موضع حديث الأسبوع؟ فابتسم هامساً: هيا بنا. وعندما خرج الجميع وبقى الاثنان وحدهما، صرخت بضيق: والآن.. هل استرحت عندما أصبحنا مثار سخرية الجميع؟ فأجابها: السخرية ليست في رؤية الآخرين لنا نتشاجر إنما في عدم مقدرتنا على مواجهة مشاكلنا وعدم ثقتنا في أنفسنا. فردت بضيق: أنا أثق في نفسي جيداً وليس معنى ضيقي من حديثك مع الفتيات أنني لا أثق بك، بل إنني إنني.. فابتسم ممسكاً يديها: تغارين؟ تغارين؟ أتعتقدين أنك الوحيدة التي تغار هنا؟ أتعتقدين أنني لا أغار من كل من هم حولك؟ أتعتقدين أنني لا أغار من هؤلاء الصبية والفتيات الذين يزحفون وراءك أينما كنت؟ أتعتقدين أنني لا أغار من تلك القيثارة التي تحتضنينها وأنتِ تمسكين بأوتارها برقة وحب وعذوبة؟ بلى يا عزيزتي.. إنني أغار حتى من نسمة الهواء التي تجعل شعرك يتطاير مرحاً بحضورك. فوضعت يديها على عينيها محاولة إخفاء دموعها بينما هو يمسك بيديها ليقبلها بحب وحنان.