خلافا للموقف السودانى الرسمى الذى سارع مبكرا للإعلان عن رفضه مرارا وتكرارا لترشيح الدكتور مصطفى الفقى مرشح مصر لمنصب الأمين العام للجامعة العربية بزعم مواقفه المعادية للسودان،أعلنت قيادات وشخصيات سودانية بارزة تأييدها وتقديرها لترشيح الدكتور مصطفى الفقى، الذى قالت عنه إنه الأعمق فهما للقضية السودانية وتعاطيا معها والأكثر جدارة بالمنصب، وأعربت هذه القيادات عن عميق أسفها لموقف حزب المؤتمر الوطنى الحاكم من الفقى لمجرد تعبيره عن موقفه الساخط تجاه السياسات التى أدت لفصل جنوب السودان، وتهدد البلد كلها بالتمزق، وأكدت أن الشعب السودانى وكل القوى السودانية تقف معه، وأن التبريرات لرفضه واهية ومستفزة. وقال مبارك الفاضل المهدى القيادى البارز بحزب الأمة السودانى ومساعد الرئيس سابقا إن الدكتور مصطفى الفقى هو أحد أبرز المثقفين المصريين والعرب المستنيرين وصاحب رأى حر، وما قاله بمسئولية حزب المؤتمر الوطنى الذى يترأسه الرئيس السودانى عمر البشير عن انقسام السودان كان فيه تقييم صحيح وشجاع لماحدث، وقال إن الموقف الذى اتخذه حزب المؤتمر الوطنى السودانى الحاكم الذى يقود جناحا من حركة الإخوان المسلمين من الفقى هو أولا موقف حزبى عقائدى لاصلة له بالسودان والدولة السودانية أو الشعب السودانى، وقال إن النظام فى السودان وجد فى ذلك فرصة لكى يخرج من حرج عدم مساندة المرشح المصرى لأنه لديه ارتباط ومصالح مع دولة قطر التى يلجأ إليها فى كثير من المعونات الاقتصادية والمالية كلما دخل فى أزمة، وقد حصل مؤخرا عدة مرات على معونات منها ،وبالتالى هو لا يستطيع أن يتجاوز المرشح القطرى. وأكد المهدى أن كل أهل السودان فى حزب الأمة والقوى السياسية بصفة عامة تؤيد ترشيح الفقى، وتؤيد مواقفه الجريئة وقدراته، بل وترى فيه شخصية تستطيع أن تساهم فى نقل الجامعة من كيان يتحدث فقط باسم الحكومات إلى جامعة تحاول أن تطور نفسها لتعبر عن الشعوب ولتصلح هذه الحكومات ولتحترم حقوق الشعوب وحقوق الإنسان العربى وتعمل على تطويره، لا أن تتابع فقط دعم الحكومات والحكام. أما الدكتور حسن الترابى زعيم حزب المؤتمر الشعبى السودانى فقد وصف الفقى بأنه مفكر له قيمة وتأثير، وقال المحبوب عبد السلام مساعد الترابى إن الحكومة السودانية ترفض ترشيح الفقى لأنها مرتبطة بالتصويت لصالح المرشح القطرى، وأضاف أنه يعتقد أن الفقى مفكر وأنه حر فى التعبير عن رأيه، لكن النظام السودانى يعتبر الرأى والفكر جريمة ولا يستطيع التعايش مع رأى مخالف، وقال المحبوب عبدالسلام إن الفقى عندما يتولى منصب الأمين العام للجامعة العربية خير من يعرف متطلبات المنصب، ووصف الموقف السودانى الرافض له بأنه غير موفق، لأن الفقى سيعطى الجامعة وزنا لأنه مفكر وسياسى وكاتب ويستطيع أن يتعامل مع متطلبات المرحلة بعقله الكبير ومستواه المشرف، وخير من يخدم القضية السودانية. ومن جانبه أكد على محمود حسنين رئيس الجبهة السودانية العريضة المعارضة أن الدكتور مصطفى الفقى مثقف مستنير رفيع المستوى، ومن أكبر القيادات المصرية تفهما للقضية السودانية، كما أنه يتمتع بالشجاعة فى إبداء الرأى، وقال إن كلامه الذى عابته عليه الحكومة السودانية بأن النظام الذى يحكم السودان حاليا هو أسوأ نظام مر على السودان وأنه سبب تمزيق وحدة البلد وانفصال جنوب السودان يعبر عن وعى كبير ،ولكنه يعيب عليه اعتذاره الأخير للحكومة السودانية، ويأمل ألا يكون ما نقل عنه فى هذا الشأن صحيحا ومن جانبه قال حاتم السر القيادى البارز بالحزب الاتحادى ومرشحه للرئاسة فى الانتخابات الماضية إن مصطفى الفقى هو الأمين العام الذى انتظرته الجامعة العربية طويلا، وأكد أن الفقى مفكر قومى ومثقف عربى ودبلوماسى عريق وسياسى مخضرم وتوليه لقيادة الدبلوماسية العربية كفيل بفتح الطريق أمام الجامعة العربية لتحتل المكانة اللائقة بها ولتقوم بدورها الطليعى فى هذه المرحلة من تفعيل للتحول الديمقراطى فى البلدان العربية وصيانة للحقوق والحريات ودعم للعلاقات العربية العربية ومعالجة للفقر والبطالة ومحاربة لسيناريوهات تقسيم وتفتيت الدول العربية التى ابتدأت بالسودان واتجهت إلى العراق وليبيا واليمن. والدكتور الفقى أفضل من يقود الجامعة العربية فى هذه المرحلة لمواكبة التطورات الجديدة فى المنطقة العربية واغتنام رياح الانتفاضات والثورات العربية وتحريك ركود وجمود الجامعة وتغيير صورتها النمطية والأخذ بيدها وانتشالها من وهدتها التى كانت محل استياء كل الشعوب العربية. ووصف موقف السودان الذى اعترض عليه أبسط ما يمكن أن يوصف به بأنه متناقض ومتضارب للحكومة السودانية وخليط غريب من السطحية فى التناول والمسارعة بالكيد السياسي والإيغال في مناكفة غير منطقية لمصر، وقال إن موقف الخرطوم حيال الفقى تم بصورة مغايرة للأعراف السودانية الراسخة ومتنافية مع المواقف التاريخية للسودان المعروفة بالانحياز للشقيقة مصر ودعمها على الدوام. وأضاف: المثير للدهشة والاستغراب هو استعجال حكومة السودان فى إطلاق التصريحات المستفزة وإصدار البيانات المعادية لمرشح مصر، والمغالاة في رفضه دون مراعاة لأبسط قواعد الدبلوماسية التى تقتضى أول ما تقتضى التأنى والتقصى قبل إصدار البيانات وإعلان المواقف خاصة فى المسائل والقضايا التى تهم كل الشعب والتى يفضى التسرع فى التعامل معها إلى جر البلاد إلى مشكلات تتعدى أضرارها من أطلقوها الى الأمة بأسرها وتكلف جهدًا ووقتا ثمينا لاحتواء آثارها الضارة وتداعياتها السلبية، وأضاف أن هذا الموقف أمر محزن ومشين ويندى له الجبين ويضاف إلى سجل الاستعجالات الارتجالية التي ظلت تمارسها الدبلوماسية السودانية في الفترة الأخيرة. وقال إن التسرع والعجلة فى إصدار مواقف غير مدروسة برفض مرشح مصر يمثل أبرز مظاهر الفشل الدبلوماسى والسطحية السياسية، وفي هذا الإطار يأتي أيضًا التبرير المخجل الذي تمت صياغته إذ لا يعقل أن تبرر حكومتنا –هداها الله- اعتراضها على الدكتور الفقى لمجرد كونه كتب أو قال رأياً لم ينل رضا قيادات الحكومة السودانية أو حزبها الحاكم، ثم يذهبون مباشرة إلى وصمه وتصنيفه على أنه صاحب مواقف عدائية ضد السودان "كل السودان" وكل ذنبه أنه كمفكر عربى وكاتب قومى ومثقف مصرى سبق له أن حمل حكومة السودان مسئولية انفصال الجنوب وعبر عن موقف داعم لوحدة السودان ورافض لتفتيته، والسؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح شديد: هل يستحق الدكتور مصطفى الفقى الثناء والشكر على ما قاله بمنتهى الوضوح والشجاعة والمباشرة بشأن وحدة السودان من منطلق الحب للسودان والحرص على وحدة ترابه، أم يستحق الجفاء والعداء والضرب، وقال إننا ندعو الحكومة السودانية بإخلاص إلى أن تكف عن الخوض فى تناول هذا الملف الحساس حفاظا على المصالح المشتركة لشعب وادى النيل العظيم، واحتراما لروابط الجغرافيا والتاريخ بين البلدين الشقيقين. وأوضح السر أن التبريرات لموقف الحكومة السودانية الرافض لمرشح مصر والفوضى الواضحة فى تعاطيها مع هذا الملف يعكسان عدم فهم القائمين على هذا الأمر ويفضحان جهلهم بأبجديات العلاقات الخارجية وقالوا إنه "معاد" للسودان على حسب زعمهم وكأن السودان هو "حزب المؤتمر الوطنى". وأكد السر: لو كانت الشعوب هى التى تختار المرشح وليست الحكومات المصادرة لحريات شعوبها والمكممة لأفواهها لكان شعب السودان فى مقدمة الشعوب المؤيدة للدكتور الفقى وأنا على يقين من أن الرجل يعرف جيدا أن الشعب السودانى الذى يبجل العلماء ويقدر المفكرين ما كان له أن يتأخر عن تأييده ولن يبخل عليه بالصوت الذى يستحقه عن جدارة وحاشاه أن يحجب عن الدكتور الفقى الثقة التى هو أهل لها، فالرجل على تواصل مع القوى السياسية السودانية وتربطه علاقات أخوية مع رموزها وهو بتاريخه العلمى والوظيفى والفكرى والثقافى وبكفاءته وشجاعته يستحق التقدير والاحترام لا الحسد والحقد والبغضاء والعداء الذى بدأت تمارسه ضده الدبلوماسية السودانية بلا أسباب وبلا مبررات، وقال إننا نرجو ونأمل أن يتجه الدكتور الفقي إلى السودان بلد أهله وأحبابه ويلتقي كل الفعاليات، بما فيها المؤتمر الوطني، وحينها سينكشف من رفض الدكتور الفقي.