أثار قرار وزير الزراعة بمنع استيراد القطن لحماية المنتج المحلي المخاوف بين الخبراء من أن تدفع صناعة الغزل المحلية ثمن هذا القرار. ويقضي القرار بمنع استيراد القطن من الخارج لأجل غير مسمي، وتستثني من القرار الواردات التي تم شحنها قبل 4 يوليو، وبحسب الحكومة فإن الهدف من القرار هو حماية إنتاج القطن المحلي وتحسين سبل تسويقه؛ و"الدفاع عن مصالح منتجي القطن ومصنعيه ومصدريه". لكن قرارًا كهذا في بلد تعتمد صناعة النسيج فيه على القطن قصير التيلة المستورد وهو محصول شحيح بمصر؛ فجر مخاوف كثيرة من ردة فعل عنيفة على صناعة الغزل والنسيج المحلية. وقال محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية إن "القرار كارثي وسيؤدي لإغلاق المصانع وسيؤثر بالسلب على قطاع النسيج المصري"، وانتقد المرشدي القرار قائلاً: "إنه سيؤدي لخلق سوق موازية لتجارة النسيج المستورد بشكل اعتباطي وإجبار المصعنين على الشراء منهم". وتساءل المرشدي "كيف نمنع استيراد نوع من القطن نحن لا نزرعه أصلاً؛ فهو مادة خام غير متوفرة لدينا؛ نحن لا نزرع القطن المتوسط والقصير التيلة؛ وهذه هي المواد الخام الأساسية المستخذمة في التصنيع". وتزرع مصر القطن الطويل التيلة والذي يحظي بشهرة عالمية كأحد أفضل أنواع القطن بالعالم؛ وبات يعرف بالذهب الأبيض ويستخدم لصناعة أفخر أنواع الملابس القطنية؛ لكن القطن الفاخر هذا يتم تصديره غالبًا كمادة خام نظرًا للتكلفة العالية التي يتطلبها تصنيعه؛ فيما يري المصنعون المصريون القطن قصير التيلة أكثر ربحًا لهم؛ كما أنهم يملكون المعدات اللازمة لغزله وتصنيعه. وصدرت مصر خلال عام 2013\2014 قطن خام بقيمة 83.8 مليون دولار بانخفاض كبير عن العام الذي قبله إذ صدرت مصر عام 2012 قطن بمبلغ 120.3 مليون دولار بحسب بيانات البنك المركزي. ذلك في الوقت الذي استوردت فيه مصر قطنًا بمبلغ 117.8 مليون دولار بزياذة قدرها 51.3 مليون دولار. لكن أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة جمال صيام يقول: إن القرار جاء لصالح المزارعين المصريين، مضيفًا أن القرار سوف يجبر المصنعين علي شراء القطن المصري بأسعار أفضل وأعلي من الأسعار العالمية؛ لكن علي الرغم من ذلك فهو يري أن القرار سيضر صناعة الغزل التي تعمتد علي القطن قصير التيلة. يقول صيام "الحكومة تفرض القطن المصري علي المصانع؛ لكن الحل المثالي يكمن في توفير الدولة للدعم لتلك لكن الحكومة ضضد كل أنواع الدعم في الوقت الراهن لذلك فإن منع الاستيراد خطير". وألغت الحكومة في وقت مبكر من هذا العام نظامًا يبلغ عمره عقودَا تشتري بموجبه الحكومة محاصيل القطن من المزارعين. في عام 2014 ضمن هذا النظام للمزارعين بيع محاصيلهم، ودفعت الحكومة 1400 جنيه للفدان؛ بما يعادل 420 مليون جنيه للمزارعين في جميع أنحاء الجمهورية. وانتهت الحكومة إلي أن زراعة القطن وخاصة طويل التيلة؛ والذي كان علامة مميزة للبلاد؛ مكلف للغاية خاصة في وقت تراجع فيه الطلب علي هذا المحصول محليًا وعالميًا. وترك القرار بإلغاء هذا النظام المزارعين الذين قرروا الاستمرار في زراعة القطن دون حماية وعليهم أن يجدوا مشترين لمحاصيلهم بأنفسهم. وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة عيد حواش: إن القرار بوقف الاستيراد جاء ليحمي المزارعين المصريين من أن يصبحوا فريسة؛ موضحًا أن القرار جاء بعد أن وجد فائض من القطن المصري والذي يجب أن يمنح له الأولوية ويسوق أولاً قبل استيراد أي شحنات جديدة. ذلك فيما يري محمد برغش رئيس اتحاد المزارعين: إن القرار صحي ولكن في حدود إذ أنه لا يوفر آلية واضحة لحماية المزارعين، ويري برغش أن القطن في حالة ماسة لآلية لحماية المزارعين من الخسارة، فإذا لم تكن هناك آلية لتسويق محاصيلهم فإن الخسائر ستتضاعف إذ أن الحكومة لا تضمن تطبيق أسعار عادلة لشراء القطن منهم. وحتي مع السعر الذي حددته الحكومة، فإن المزارعين سوف يستمر التلاعب بهم من قبل التجار والذين يدفعون نصف الثمن الذي حددته الحكومة كما يقول برغش. ويكمن الحل كما يري برغش في أن يبيع المزارعين القطن مباشرة للشركة القابضة للغزل والنسيج المملوكة للحكومة بسعر محدد، ومن ثم تقوم الشركة بيعه للتجار. وتساءل صيام لماذا اتخذت وزارة الزراعة القرار وليس وزارة الصناعة والتجارة، لكن حواش أكد أن قرار وزارته اتخذ بالتعاون مع جميع السلطات المختصة بما فيها وزارة التجارة والصناعة. ذلك فيما قال المستشار الإعلامي لوزارة الصناعة والتجارة، ياسر جابر، "إنهم لم يخطروا رسميًا بالقرار من وزير الزراعة، مضيفا أن الوزير المختص بإصدار هذه القرارت هو وزير التجارة.