حذر شريف الكيلاني، رئيس قطاع الضرائب بمؤسسة أرنست ويانج العالمية وعضو جمعية الضرائب المصرية، من حالة الضبابية التي تتسم بها السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي المصري لغرض الحفاظ علي الاحتياطي من النقد الأجنبي. واعتبر الميزة الوحيدة التي تحققت من السياسة النقدية بتحديد كميات السحب والإيداع من النقد الأجنبي بواقع 50 ألف دولار يومي للشركات و10 آلاف دولار للأفراد تمثلت في القضاء علي السوق السوداء للدولار، إلا أنها في المقابل تسببت بمشاركة السياسة الضريبية غير المستقرة في انهيار البورصة المصرية، وتساهم حاليا في دفع الاقتصاد المصري إلي الركود وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر. أوضح الكيلاني، أن السياسة النقدية في مصر مؤخرا كالسياسة الضريبية لم تخرج عن مرحلة التصريحات الإعلامية فكما لم تتحول تصريحات وزير المالية عن تخفيض سعر الضريبة الي 22,5%، وتجميد ضريبة البورصة إلي قوانين، فإن السياسة النقدية التي تطبق بالبنوك بخلاف تحديد كميات السحب والإيداع من الدولار تقف عند التعليمات الشفهية التي تنفذها البنوك بلا سند فكانت النتيجة أن فهم المستثمرين الأجانب تعليمات السحب والإيداع علي أنها تعليمات لتقييد حركة خروج النقد الأجنبي من مصر ولذا سارعوا بالخروج من البورصة - ومازالوا - فتسببوا في انهيارها. وأضاف أن البنك المركزي حصر سياسته النقدية في تحديد كميات السحب والإيداع ولم يقابلها بسياسة واضحة للاستيراد، فلم تصدر قرارات واضحة بمنع الاستيراد من سلع بعينها حتي لا يتهم بمخالفة اتفاقية الجات، كما لم يصدر تعليمات تلزم الشركات بتدبير العملة لتغطية الاستيراد من خلال البنوك ومع ذلك، فقد رفضت الجمارك مؤخرا العديد من الشحنات التي وردت لمصر دون أن تحمل ضمن مستندات استيرادها استمارة رقم 4 الخاصة بتدبير العملة من خلال البنوك في مصر. كما لم تصدر تعليمات بمنع الشركات من تدبير العملة بالتحويل من حساباتها الشخصية أو من حسابات شركاتها الشقيقة ومع ذلك فإن البنوك ترفض الموافقة علي الاستيراد إلا للشحنات المغطاة بمعرفة البنوك فكانت النتيجة أن وقفت الشركات في طوابير تدبير العملة الطويلة بالبنوك التي لايفرق فيها بين الشركة التي تستورد الخامات للإنتاج والمستورد لفوانيس رمضان. وأضاف أن تلك الأزمة أثرت علي حركة تداول رأس المال في الكثير من الشركات فانخفضت بنسبة 50% نتيجة للنقص الكبير في الخامات ومستلزمات الانتاج مما ينبئ بدخول الاقتصاد المصري في جولة جديدة من الركود وارتفاع أسعار السلع واختفائها. ونبه الكيلاني، من استمرار البنك المركزي في ادارته للسياسة النقدية في إطار تلك الحالة من الضبابية والتركيز علي زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية بغض دون النظر لأثره علي الاقتصاد والاستثمار ومستويات الأسعار بالسوق، في الوقت الذي قد تضطر فيه بعض الشركات ضرب الفواتير لغرض الحصول علي موافقة البنوك علي الاستيراد وعدم وقف الحال " مما يعود بالسلب علي إيرادات الدولة من الضرائب والجمارك. فضلا عن إمكانية وقوع الشركات في قضايا التهرب الجمركي في حالة اكتشافها، الأمر الذي يخلق مناخ غير مناسب لجذب الاستثمار الأجنبي غير المضطر للاستثمار في بلد يجبره علي ضرب الفواتير لاستيراد خاماته وخطوط إنتاجه.