تجددت أزمة "فواخرية" حى مصر القديمة مرة أخرى، عقب تفقد محافظ القاهرة الخميس الماضى، أعمال التطوير الجارية بالمنطقة، مطالبًا من تبقى من أصحاب الورش بإزالة تشويناتهم وإشغالاتهم على الفور، خلال الأيام المقبلة. وقال المتضررون من الفواخرية، والذين يزيد عددهم عن 102 شخص، إن من تم تسليمهم مجموعة من النحاتين والرسامين خريجى الجامعات، وهم ليسوا أصحاب المهنة الأصليين، كما أن المحافظة تتعامل مع أى متضرر، سواء فى سكن أو حرفة، بكشوف حصر غير دقيقة، يترتب عليها تعويض البعض وظلم الآخرين، وهو ما حدث أيضًا مع قضية تسكين الباعة الجائلين بسوق الترجمان، خلال الأشهر الماضية. وأكد حسين أحمد، أحد أقدم الفواخرية بمنطقة جامع عمرو بن العاص، ل"بوابة الأهرام"، أن هؤلاء لا يمكنهم صناعة فخار أصيل، كالذي كنا ننحته ونشكل منه أصنافًا متنوعة في الماضي أبًا عن جد. وأضاف أن صراعهم مع محافظة القاهرة يزيد على 16 عامًا، فمنذ قرار عبدالرحيم شحاتة، محافظ القاهرة الأسبق، إزالة الورش من المنطقة الواقعة خلف جامع عمرو بن العاص، وتعويضهم بأرض بديلة فى منطقة "شق الثعبان"، إلا أن قلة منا هى التى حصلت على حقها فى تلك الأرض، أما الأغلبية وحتى الآن بقوا عاطلين. فى سياق متصل، أوضح إسماعيل محمد، أحد المضارين من إزالة الورش، ل"بوابة الأهرام"، أنهم حصلوا منذ ثلاث سنوات على حكم قضائى، بتمكينهم من أرض بديلة، ولكن محافظة القاهرة تحايلت على الحكم، بعمل حصر عشوائى للمستحقين، نتج عنه تعويض البعض بمساحات لا تزيد عن المتر فى منطقة "بطن البقرة"، وهو ما لم نرض عنه، حيث إن الحرفة بمحتوياتها(ورش وعمال وفنيين) بحاجة على الأقل لمساحة لا تقل عن الألف متر. ولم يتوقف الصراع عند هذا الحد، بل حصل المتضررون أيضًا على حكم قضائى آخر منذ ثلاثة أشهر، وبحسب ما أكده حسنى السعدنى، المحامى عنهم، فالحكم يلزم محافظة القاهرة بتعويض هؤلاء بأرض بديلة فى أى مكان. من جانب آخر يتخوف الفواخرية من استمرار بقائهم عاطلين، فهذا يؤدى لاندثار صناعة، كان القائمون عليها يصدرونها لألمانيا وبولندا والجزائر. أحد المسئولين بحى مصر القديمة، أكد ل"بوابة الأهرام"، ردًا على المتضررين، بأن الحى يتعامل وفق كشوف حصر، المدرج فيها أنه من يمتهن المهنة، له الحق فى الحصول على مساحة فى المشروع الجديد، الذى يعكفون على إنشائه بتلك المنطقة، كما أن استمرار بعض الورش دون إزالة يؤثر على المظهر الحضارى لتلك المنطقة الأثرية، خاصة بعد أن كلفت محافظة القاهرة ملايين الجنيهات لتطويرها خلال الأشهر الماضية. يُذكر أن، صناعة الفخار تعد من أقدم الصناعات اليدوية بالعاصمة، ورغم انتشارها بمحافظات مصر، إلا أن منطقة "الفواخير" بمصر القديمة تعد الأشهر على مستوى الجمهورية. انتقل العاملون بهذه الحرفة عام 1962 لمنطقة "بطن البقر" بمصر القديمة، ليحولوها من مأوى للخنازير، لإنتاج أعمال فنية جميلة من الفخار، يشتريها السائحون، ويتدرب على فن النحت فيها طلاب الفنون الجميلة. وقد منحت وقتها محافظة القاهرة العاملين عقودًا مقابل الانتفاع بالأرض، ولكن فى عام 1999 أغلقت وزيرة البيئة وقتها منى مكرم عبيد العديد من الورش هناك، بحجة تلويثها للبيئة، مقابل إنشاء "قرية أو مدينة للفخار" بالتعاون مع المحافظة. وفى عهد محافظ القاهرة الأسبق عبدالرحيم شحاتة، صدر قرار بإزالة كافة الورش خلف جامع عمرو بن العاص، وتحويل الأرض لحديقة عامة، مقابل توفير أرض بديلة لكل متضرر. وكانت الكارثة الكبرى فى عهد المحافظ الأسبق عبدالعظيم وزير عندما تشرد ما يقرب من 1500 عامل، كانوا يعملون ب 30 مصنعًا صدر لها قرارات إزالة، تمهيدًا لنقلها لمنطقة "شق الثعبان"، بحيث يتسلم صاحب الورشة الواحدة مساحة 250 مترًا، ويتسلم من يعمل بنشاط آخر تابع لحرفة الفخار 75 مترًا، وكانت حجة الإزالة ضرورة الحفاظ على قيمة منطقة "مجمع الأديان" التاريخية والسياحية، حيث جامع عمرو بن العاص وكنيسة مارى جرجس. واستمر المضارون فى اللجوء للقضاء، حتى حصلوا بحسب ما ذكره المحامى عنهم حسنى السعدنى ل"بوابة الأهرام" على حكم قضائى فى 2012، بضرورة تنفيذ قرار المحافظ الأسبق عبدالعظيم وزير، بشأن مساحات الأراضى البديلة وتسليمها للمتضررين، ولكن المحافظين من بعده ماطلوا فى التنفيذ. .