أصدرت هيئة المفوضين بمحكمة الاستثمار بمجلس الدولة، تقريرا اليوم الأحد، أوصت فيه بإحالة الدعوى القضائية التى تطالب بصدور حكم قضائى يقضى ببطلان بيع منطقة الشباب بمشروع الصالحية إلى المحكمة الدستورية للفصل فى مدى دستورية القرارات الإدارية. جاء التقرير في الدعوى التى حملت رقم 12576 لسنة 67 قضائية، والمطالبة بالحكم ببطلان بيع منطقة الشباب بمشروع الصالحية ومساحتها 33551 فدانا وما عليها من مبان ومنشآت. أقيمت الدعوى ضد محمد عبد العظيم عبد الخالق، الممثل القانوني ورئيس مجلس إدارة شركة الصالحية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الاستثمار، ووزير الزراعة، ورئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب، وزير المالي، ورئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار القومي، ورئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، ورئيس مجلس إدارة شركة السادس من أكتوبر للمشروعات الزراعية، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بصفتهم. أشارت الدعوي، إلى أن توجهات الرئيس الراحل محمد أنو السادات، كانت نحو غزو الصحراء وتوسيع الرقعة الزراعية وصولا بالبلاد نحو تحقيق مجموعة من الأهداف ومنها (حماية أراضي الدولة من الجهة الشرقية والشمالية باستزراع مليون فدان تبدأ من العاشر من رمضان بطريق الإسماعيلية الصحراوي خلف محافظة الإسماعيلية حتى مطار الجميل ببورسعيد شمالا وجنوبا حتى السويس وساحل البحر الأحمر لتحقيق الأمن الغذائي وحماية حدود مصر الشرقية). وأضافت أنه صدرت توجيهات الرئيس السادات لشركة المقاولون العرب بتخصيص 50 ألف فدان ضمن زمام محافظة الإسماعيلية كمرحلة أولى وصدر لذلك موافقة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ، وقد وفرت الشركة المذكورة كافة الإمكانيات اللازمة للاستصلاح والاستزراع لمساحة مليون فدان، شملت استيراد معدات وأجهزة للري المحوري وشبكات للري وللطرق ومحطات الرفع والضخ وغيرها من خلال قروض لدى بنك الاستثمار القومي (بنك مصر، بنك القاهرة). وفي 20/2/1988 أصبح المشروع نموذجا يحتذى به على مستوى العالم كمشروع تنموي يستخدم أعلي التقنيات الحديثة ، ومنذ أن تولي الرئيس محمد حسني مبارك زمام البلاد توقف المشروع وتم إهماله حتى صدر القرار الجمهوري رقم 354 لسنة 1988م بنقل تبعية المشروع البالغ مساحته 56491 فدانا إلى وزارة الزراعة بما عليها من منشآت ومزارع للثروة الداجنة والحيوانية والآلات وغيرها على أن تقوم الوزارة بتأسيس شركة قطاع عام مملوكة للدولة بالكامل تسمى شركة الصالحية الزراعية يؤول إليها أصول المشروع وتتولي إدارته. وبتاريخ 12/10/1992م صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء شركة مساهمة مصرية لتملك المشروع وإدارته أطلق عليها الصالحية للاستثمار والتنمية ، وبتاريخ 21/9/2010م صدر قرار رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 1870/4 بتعديل بعض مواد النظام الأساسي للشركة المدعية برأس مال 320 مليون جنيه بنسبة مساهمة مصرية 100% ، وقبل أن يجني مواطنو الدولة المصرية ثمار عرقهم وجهدهم تم الإعلان عن بيع 60% من المشروع أي ما يعادل مساحة 33551 فدانا بصدور إعلان بنك الاستثمار القومي ببيع منطقة الشباب التابعة للمشروع نفاذا للقرار المطعون فيه الصادر من اللجنة الوزارية للخصخصة وتوسيع قاعدة الملكية الصادر بتاريخ 8/12/1996م ، وتم تشكيل لجنة لوضع القواعد اللازمة لبيع منطقة الشباب بمشتملاتها. وتم إعداد كراسة الشروط الخاصة بعملية البيع ، وبتاريخ 18/7/1996م تم طرح عملية البيع بطريق المزايدة العلنية وتقدمت أربع شركات، وتم إرساء البيع علي شركة السادس من أكتوبر الزراعية باعتبار العطاء المقدم منها هو أفضل العطاءات المقدمة ، وتم إبرام عقد البيع بتاريخ 20/5/1997م بين الشركة المذكورة ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي وشركة المقاولون العرب باعتبارهم بائعين ، وبتاريخ 31/12/1997م قامت شركة الصالحية بتسليم محل العقد إلي شركة السادس من أكتوبر، إلا أن الشركة المشترية لم تقم بتنفيذ بعض بنود العقد ومنها (عدم سداد الدفعة المقدمة ، عدم تشغيل كامل العمالة، عدم سداد الأقساط والعائد الاستثماري في مواعيدها المقررة )، ووردت المخالفات المذكورة وغيرها ضمن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات . أعد المستشار أسامة الجرواني، مفوض الدولة، تقريرا بالرأي القانوني في الدعوي وأصدره المستشار الدكتور محمد الدمرداش، رئيس دائرة الاستثمار بهيئة المفوضين. وانتهي التقرير بوقف الدعوى تعليقيا وإحالتها بحالتها بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية ما تضمنته المادة الأولى والثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 2014م بتنظيم الطعن علي عقود الدولة، وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. واستند التقرير في إحالة نصوص القانون قم 32 لسنة 2014م بشأن تنظيم بعض إجراءات الطعن علي عقود الدولة إلي المحكمة الدستورية العليا إلى مخالفة نصوصه للمواد ( 22 ، 33 ، 34 ، 53 ، 97 ) من الدستور المصري الصادر في 2013م كما يلي: أولا: مخالفة نصوص المواد ( 32 ، 33 ، 34 ) من الدستور ، حيث إن النصوص الدستورية المشار إليها ( 32 ، 33 ، 34 ) ولئن نصت صراحة علي التأكيد على حماية الملكية العامة، إلا أنها لم توضح وسائل تلك الحماية ومن ثم فإن المصادر الأخرى للقانون قد تكفلت بسداد هذه الثغرة أخذا بالمبدأ العام بضرورة اطراد سير المرافق العامة وعدم قابليتها للتصرف فيها – بيد أن وسائل الحماية هذه وإن كانت تسري لردع تعدي أفراد المجتمع علي المال العام – فإنها تسري أيضا لمواجهة تصرفات الدولة الخاطئة إذا أبرمت تصرفا زال معه مضمون الحماية الدستورية التي كفلها القانون له – وتتحقق أوجه الحماية في هذا الصدد بتقرير قاعدة عدم جواز التصرف في المال العام بحيث إذا ما تم ذلك التصرف عدا باطلا ويشمل ذلك التصرف بمقابل كالبيع أو بدون مقابل أي مجانا بطريق الهبة – باعتبار أن المال العام ليس مملوكا للدولة بذات السلطات التي يمتلكها الأفراد بالنسبة لما يملكونه لأن المال العام خارج إطار التعامل بموجب تخصيصه للنفع العام ويد الدولة عليه أقرب إلي يد الأمانة والرعاية منها إلي يد المتصرف . ولفت التقرير إلى أن وسائل حماية الملكية العامة تتحقق في مواجهة تصرفات الدولة بحق الأفراد أصحاب الصفة والمصلحة الأصلية والأصيلة في التجائهم إلي القضاء – فحق التقاضي في تلك الحالة هو وسيلة لغاية أسمى وأهم مناطها الحفاظ علي الملكية العامة من ناحية – ومن ناحية أخرى تفعيل دور الرقابة الشعبية ضد مظاهر اعتداء الدولة ذاتها علي الملكية العامة إذا ما أساءت التصرف والإدارة على نحو مخالف للقانون أو يهدد حقوق المجتمع – ومن ناحية ثالثة إقامة نوع من التوازن بين سلطات الدولة في إدارة المال العام وبين حق الأفراد في الدفاع عن الملكية العامة وما يقتضيه ذلك الحق من مراقبة تصرفات الإدارة المسئولة والقوامة علي إدارة المال العام. وأكد التقرير أن هذا الحق إنما هو مشتق من مضمون النصوص الدستورية والتي تؤكد على هذا المعني حال استنباطها الهدف من خلال ما تقره تلك النصوص من مبادئ دستورية استقرت وعلت وتأكدت طبيعتها حتى لو لم ينص عليها الدستور صراحة فهي مبادئ انبثقت من أصل الحق وطبيعته ومدي ارتباط النصوص الدستورية بنصوص أخري أكثر قوة في عباراتها ومن خلالها يمكن تخريج واستنباط المعني من خلال الدلالات القانونية وما يعنيه ترتيب النصوص الدستورية استنادا إلي وحدة الموضوع ونوع الحق المنصوص عليه. وأوضح التقرير أنه ومن أجل استخلاص هدفا معينا ومقصد بذاته في نص من النصوص الدستورية إذا كانت عباراته حمالة لأوجه متعددة فإنه يمكن البحث عن الهدف في نصوص أخرى قاطعة الدلالة على مراد المشرع الدستوري متى كانت النصوص ذات ارتباط عضوي وموضوعي أو متصلة بذات الهدف – ولبيان ذلك فإن الدستور وإن كان في نصوصه 32 ، 33 ، 34 لم يشر إلي حق الأفراد في حماية المال العام مثلما فعل في دستور 1971م و 2012م إلا أن هذا الحق هو حقا يستفاد ضمنيا من طبيعة الملكية العامة وما قصده المشرع في تلك النصوص من إخراج هذا المال من دائرة التعامل وعلة إخراجه منها باعتبار أنه مال مملوك علي الشيوع لكل أفراد الشعب لذلك فهو مفهوم مستقر وثابت ولا يتغير بتغير النصوص الدستورية سواء تم النص عليه أم لم يتم لأنه مشتق من أصل الحق ومضمونه . وأوضح أن المادة الأولي من القرار بقانون رقم 32 لسنة 2014م وفقا لما جري عليه نصها فإنها لم تستبعد الملكية العامة والأموال العامة من دائرة التصرفات التي يمكن أن ترد ضمن عقود الدولة ، بحيث انه وبموجب هذه المادة أضحي من حق الدولة أو أحد أجهزتها العامة التصرف في الملكية العامة أو أحد أصول الدولة وهو الذي يعد في حد ذاته مخالفا لأحكام الدستور ، فالمخالفة هنا لا تتعلق بتحصين عقود الدولة أو حتى إدراج شروط معينه بقدر ما تتعلق بنوعية المال محل التعامل وعدم استبعاد الملكية العامة والمال العام من دائرة التصرفات واحترام الحماية الدستورية لتلك الأموال وما يستتبعه ذلك من غل يد الدولة عن التصرف في الملكية العامة . وأكد التقرير مخالفة نص المادة 53 من الدستور، موضحا أنه من حيث إن المادة الأولى من القرار بقانون رقم 32 لسنة 2014م قد حظرت الطعن علي العقود الإدارية التي تبرمها الدولة أو أحد أجهزتها الاعتبارية العامة علي النحو المبين بها بما في ذلك الطعن علي القرارات السابقة علي إبرام تلك العقود في مخالفة صريحة لمبدأ المساواة في المراكز القانونية المتساوية، ذلك أن من المفترض أن جميع المتناقصين والمتنافسين منذ إعلان الجهة الإدارية رغبتها في التعاقد متساوون في الحقوق والواجبات وتلك القاعدة أوجبتها طبيعة العقد الإداري. وبالتالي فشبهة عدم الدستورية في تلك المادة إنما يرتكز بصفة أساسية علي أن القرار بقانون قد ساوي بين القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد والسابقة علي عملية إتمام التعاقد وبين العقد ذاته، فحينما يكون الطعن علي العقد بين طرفيه أمرا مقبولا إعمالا لمبدأ نسبية آثار العقد فإن تلك القاعدة لا تستقيم بالنسبة للقرارات الإدارية السابقة علي إتمام التعاقد. وفسر التقرير أنه في تلك الحالة يكون لكل ذي مصلحة شخصية ومباشرة من المتنافسين بشأن الفوز بإبرام العقد أن يطعن علي تلك القرارات استقلالا استنادا إلي دعوي الإلغاء إذا ما تراءي له ان تلك الإجراءات قد تمت بالمخالفة لأحكام القانون ، وبالتالي فإن حظر الطعن علي كليهما إلا من أطراف العقد دون الاعتداد بأصحاب المصلحة الشخصية والمباشرة في الطعن علي القرارات الإدارية السابقة علي عملية التعاقد يعد مخالفا لمبدأ المساواة بين المتنافسين وأصحاب المراكز القانونية الواحدة . كما أكد التقرير، مخالفة المادة (97) من الدستور، من حيث أن المادة الأولي من القرار بقانون رقم 32 لسنة 2014م بتفسيرها الواضح الجلي وفهم مدلول عباراتها الواضحة قد مست أصل الحق المنصوص عليه دستوريا وتناقلته الوثائق والمبادئ الدستورية ردحا طويلا من الزمن بحيث أضحي مبدأ دستوريا معترفا به ولو لم ينص عليه الدستور صراحة والمساس بأصل الحق هنا والذي عصفت به تلك المادة إنما يتفرع منه أمرين، الأول وهو إنكار حق أفراد الشعب في الملكية العامة وما يرتبط به من وسائل الرقابة والحماية للمال العام، والثاني وهو مصادرة حق التقاضي وإن كان في صورة تنظيم له حيث أغلقت طريق الطعن في العقود الإدارية التي تبرمها الدولة عن صاحب الصفة الأساسية في مراقبة الدولة فيما تبرمه من تصرفات تتعلق بإدارة الملكية العامة أو المال العام أو من طرفي العقد. وجعلت نطاق الطعن مقصورا علي أصحاب الصفة الفرعية ممن لهم حقوق شخصية أو عينية علي المال موضوع التصرف، في مخالفة صريحة لمفهوم الملكية العامة وخروجا بها من نطاق التعامل نصا وروحا وإهدارا لحق أفراد الشعب في مراقبة تصرفات الدولة وتقويم اعوجاجها سواء كانت في صورة مباشرة أو في صورة غير مباشرة، فضلا عن تفويت حق الالتجاء إلي القضاء عن أصحاب الصفة والمصلحة المباشرة من المتنافسين في الطعن علي القرارات السابقة علي عملية التعاقد عن طريق تحصين تلك العقود من الطعن عليها . وأكد التقرير أنه لا يقيل هذا النص من عثرته الدستورية ما تضمنه من فتح باب الطعن علي عقود الدولة إذا ما صدر حكما جنائيا في إحدى جرائم المال العام وتم إبرام العقد استنادا إلي تلك الجرائم ، فمن الواضح وفقا لتلك الصياغة أن المشرع قد خلط بين إبطال العقود الإدارية لمخالفتها للقواعد والإجراءات التي بينها القانون لإبرام تلك العقود وبين حالة إبطال تلك العقود استنادا إلي إبرام العقد كنتيجة لإحدى جرائم المال العام، فالبين بينهما شاسع ومختلف. وأضاف، أن تعليق دعاوي إبطال عقود الدولة علي صدور أحكام جنائية في احدي جرائم المال العام لا يستنزف اختصاص مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المتعلقة بالإجراءات السابقة علي العملية التعاقدية بالمعني الفني الدقيق، والتي تقوم علي أساس ولايته في دعاوي الإلغاء، أخذا بعين الاعتبار أن الاختصاص القضائي لمجلس الدولة والاختصاص الجنائي للمحاكم الجنائية مستمد كلاهما من أحكام الدستور بيد أنه ينبغي دائما تطبيق أحكام الدستور علي نحو يحقق التناسق والانسجام بينها وهو ما فتئت المحكمة الدستورية العليا علي تأكيده. وأكد التقرير، أن القرارات الإدارية التي تسبق عملية العقد بالمعني الفني الاصطلاحي ، إنما هي من الأعمال الإدارية التي تباشرها جهة الإدارة في هذا المقام ، وليس في اضطلاع الجهة الإدارية بهذه الأعمال أو في الرقابة القضائية علي سلامة قراراتها الصادرة في هذا الشأن ما يعني مساسا باختصاص المحكمة الجنائية أو انتقاصا لسلطاتها إذا ما تعلق الأمر بجريمة من جرائم إهدار المال العام. وأوضح أن الفصل في سلامة القرارات الإدارية الصادرة في شأن الإعداد للعملية التعاقدية – بالمفهوم الفني الاصطلاحي الدقيق لهذه العملية – هو في الأصل اختصاص قضائي لا يفترق عن غيره من الاختصاصات القضائية فلا تنأي القرارات الصادرة في هذا الشأن عن الرقابة القضائية أو تنسلخ عنها، وإذا كان قاضي المشروعية المهيمن دستورا علي كافة مناحي المنازعات الإدارية، حريصا علي اختصاصه نزولا علي أوامر النصوص الدستورية، فإنه لا يقل حرصا علي ألا يتجاوز اختصاصه تطاولا علي اختصاص تقرر لجهة أخرى. لفت التقرير أن قاضي المشروعية يلزم نفسه قبل غيره بأن يكون معبرا صادقا عن إرادة المشرع، في مختلف مدارج التشريع دستورا كان أو قانونا، فيمارس اختصاصه كاملا ولا يتعداه، انحناء لصحيح حكم المشروعية، ونزولا علي اعتبارات سيادة القانون. وانتهى التقرير، إلى أنه لما كانت المادتين الأولي والثانية من القانون سالف الذكر هما الواجبتين التطبيق علي النزاع الماثل، الأمر الذي يتعين معه وقف الدعوى الماثلة تعليقيا وإحالة الأوراق بغير رسوم إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستوريتهما في ضوء النصوص الدستورية سالفة الذكر.