يرتبط الإقبال على شارع "الفجالة" بحى الأزبكية بالقاهرة، ببداية كل عام دراسى، حيث يقبل أولياء الأمور والطلبة على شراء مستلزماتهم المدرسية بأسعار مخفضة نسبيًا عن نظيرتها بالمكتبات الخارجية. ولكن الإقبال على مكتبات الشارع العريق، تضاءل فى السنوات الأخيرة لأسباب عديدة، يأتى على رأسهاالانفلات الأمنى الذى أعقب ثورة يناير، والأعمال الإرهابية التى صاحبت ثورة يونيه، ومازال بعضها مستمرًا حتى الآن. وهو ما أثر على رواد الشارع الذين لم يقتصروا على سكان القاهرة فقط، بل كان يرتاده مواطنو المحافظات الأخرى، حيث فضلوا الشراء فى السنوات الأخيرة من محافظاتهم، بدلاً من قطع مسافة طويلة فى ظل ظروف أمنية متذبذبة. أما السبب الآخر، والذى أثر على عراقة منطقة الفجالة، فهو زحف الباعة الجائلين لشوارعها، مما أصبح يشكل خطرًا داهمًا على موسم البيع والشراء فيها. وهو ما أكده أشرف صلاح الدين، مدير مكتبة "مصر" لبيع الكتب المدرسية الخارجية والقصص الأدبية، قائلاً ل"بوابة الأهرام": "منى عينى أشوفهم انزاحوا من عندنا"، لافتًا إلى افتراشهم شارع الفجالة والشوارع المتفرعة منه، بأدوات مدرسية متنوعة، بأسعار تضرب نظيرتها فى مقتل بمكتبات الفجالة العريقة. ولفت أيضًا، إلى تشويههم لمظهر الشارع الحضارى، حيث يتركون مخلفاتهم أمام المكتبات، ويزيد على ذلك قيامهم بمضايقة المارة ومعاكسة السيدات، ويصل الأمر أحيانًا لحد سرقة متعلقاتهم. أما محمد المرزوق، صاحب مكتبة "العبور" لبيع مستلزمات المدارس، فأشار إلى أن الموسم هذا العام غير مربح، والسبب من وجهة نظره، هو منافسة الباعة الجائلين لأصحاب المكتبات بأدوات مدرسية رديئة الجودة، ومرتفعة الأسعار فى نفس الوقت، وهو أمر يخفى على كثير من أولياء الأمور، فهؤلاء يعتقدون رخص البضاعة المفروشة على الرصيف، ولكن أسعارها تفوق المكتبات. "هنعملهم إيه.. ما باليد حيلة" عبارة رددها حسين محيى، صاحب إحدى المكتبات المتخصصة فى بيع الأدوات الهندسية لطلاب كليات الهندسة والمدارس الفنية، موضحًا أنهم ناشدوا حى الأزبكية بالقاهرة أكثر من مرة، لنقل هؤلاء، ولكن رد الحى جاءهم بضرورة الصبر، حتى يتسنى نقلهم لمكان بديل. وهو ما أكده ل"بوابة الأهرام" محمد أيمن عبدالتواب، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، موضحًا أن الباعة الجائلين بمنطقتى الأزبكية، ورمسيس تأجل نقلهم لجراج الترجمان، لعدم استيعابهم، وجار البحث عن أماكن أو أسواق بديلة لنقلهم. ورغم كل ذلك، هناك من تفاءل من أصحاب المكتبات بالفجالة، بمعرض المستلزمات المدرسية الذى ستقيمه محافظة القاهرة غدًا الإثنين، بسوق "الترجمان" لتشجيع الباعة الجائلين الذين انتقلوا إليه من جانب، ولتشجيع أولياء الأمور للإقبال نظرًا للتخفيضات التى ستصل ل 40%، بحسب ما أعلنه جلال السعيد محافظ القاهرة. وأوضح سيد حسن، أحد العاملين بمكتبة "ثروت" بشارع الفجالة، أن مردود المعرض الذى ستقيمه محافظة القاهرة، سيكون إيجابيًا على أصحاب المكتبات، ويعيد حركة البيع لسابق عهدها. وهو نفس المنطق الذى تبناه، أمير محمد، أحد العاملين بمكتبة "دار مصر للطباعة"، لافتًا إلى أن المعرض بجانب تنشيطه لحركة البيع، سيخلق متنفسًا لأرصفة الفجالة، بعد أن احتلها هؤلاء بالقوة، متحدين أصحاب المكتبات بسطوتهم والبلطجة التى يمارسونها ضد كل من تسول له نفسه بإبعاد "فرشته" عن مدخل أى مكتبة. من جانب آخر، لم يتقبل فكرة المعرض العديد من المواطنين، وقالت ليلى حسن ل"بوابة الأهرام": "مسمعتش عنه غير دلوقتى، وحتى لو عرفت مش هروح"، مبررة ذلك بقرب منطقة "الفجالة" من عملها ومن محطة "رمسيس" بمترو الأنفاق، ناهيك عن وسائل النقل العام والسرفيس والميكروباص التى تخدم المنطقة، وبالتالى لن يقبل أولياء الأمور على سوق الترجمان. وهو ما أيده طلعت توفيق، أحد أولياء الأمور الذين يترددون طوال العام الدراسى على شارع الفجالة، موضحًا ل"بوابة الأهرام" أن معرض الترجمان لن ينجح، لسبب بسيط وهو أن محافظة القاهرة لم تجر دراسة وافية لذلك، فهى تريد تهدئة الباعة الجائلين والرأى العام، ولكن ذلك لن يفيد أولياء الأمور. فشارع الفجالة، يعتبر سوقًا متكاملًا لبيع مستلزمات المدارس، والكتب والملخصات الخارجية، وولى الأمر المطحون- بحسب وصف توفيق-، يريد شراء جميع متطلبات أولاده من مكان واحد، وهو ما لم توفره المحافظة فى سوق الترجمان، ناهيك عن عدم توافر وسائل نقل ميسرة منه وإليه. يذكر أن المعرض سيبدأ غدًا الاثنين، ويستمر حتى أواخر سبتمبر الجارى، بتخفيضات تصل ل40%. وأكد محافظ القاهرة، أن إقامة المعرض جاء بناء على توجيهات الدولة بمناسبة العام الدارسي الجديد لمساعدة أولياء الأمور في توفير مستلزمات أبنائهم بأسعار مناسبة وتشجيع المواطنين على الذهاب إلى السوق الجديد بالترجمان دعمًا للباعة الجائلين للتأكيد على اهتمام الدولة بهم وحرصها على توفير حياة كريمة لهم.