تشكل مفاوضات القاهرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل الوصول إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة فرصة ذهبية، من أجل رفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، وتأمل حركة حماس في رفعه من دون حلول وسط، غير أن إسرائيل تسعى، على ما يبدو، إلى "تنظيم" الحصار فقط. وبحسب ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط، اليوم الثلاثاء، أعلنت حركة حماس، أمس، موافقتها على أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة المعابر في قطاع غزة، وهو أحد المطالب الإسرائيلية الأساسية في مفاوضات القاهرة، كما أكدت موافقتها على أن تتولى السلطة إدارة عملية إعمار القطاع بعد الحرب. وفي أول تصريح من نوعه، أعلن عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس وعضو وفدها في مباحثات القاهرة، أن الحركة ليس لديها مانع في أن تتولى السلطة الفلسطينية إعادة إعمار غزة، وتنفيذ ما يتفق عليه، وأبدى استعداد حماس لتسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية وغيره من المعابر. وناقش الوفد الفلسطيني في القاهرة وضع خطة عمل لفتح المعابر، بما فيها معبر رفح، ويفترض أن تقدم للمصريين والإسرائيليين. ومنذ منتصف يونيو 2007، أي بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، تضرب إسرائيل حصارًا كاملًا على القطاع، جويا وبريا وبحريا، منعت بموجبه تحويل الأموال وإدخال بضائع رئيسية إلى القطاع، وقننت في أخرى، بينها المحروقات والكهرباء، ولم تسمح بالطبع لأي طائرات أو سفن أو حتى سيارات من العبور إلى غزة أو مغادرتها. وأحكمت إسرائيل سيطرتها على القطاع الصغير، من خلال مراقبة البحر والبر، وإغلاق جميع المعابر الإنسانية والتجارية التي تتحكم بها، ووضع آلية لمنع تحويل أموال إلى غزة. وخلال سبع سنوات لم تسمح إسرائيل تحت الضغط الدولي سوى لأصناف محدودة بالدخول إلى غزة، من بين الآلاف التي كان يحتاجها القطاع، وبعض هذه المواد خضعت ل"كوتة" محددة، خشية أن تستخدم لأغراض عسكرية. ويتضح مما يتسرب من المفاوضات الجارية في القاهرة حاليًا أن مفهوم رفع الحصار يختلف كليا بين حماس وإسرائيل، حيث يعني بالنسبة للأولى إقامة مطار، وإنشاء ميناء، وفتح جميع معابر القطاع، بما فيها معبر رفح مع مصر، والسماح بحركة الأفراد والبضائع، ودخول الأموال، من دون تدخل إسرائيلي. أما بالنسبة للثانية (إسرائيل)، فيعنى إبقاء الحصار البري والجوي، والسماح بحركة الأفراد، وإدخال البضائع والأموال إلى غزة، لكن تحت رقابة دولية شديدة. وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة قيس عبد الكريم (أبو ليلى) ل"الشرق الأوسط":إن إسرائيل تحاول "تنظيم الحصار وليس رفعه". وأضاف: "إنهم يريدون استئناف التقييدات التي كانت قائمة على ما يسمى "المواد مزدوجة الاستعمال"، مثل مواد البناء، والسقف العددي لحركة الأفراد والوجود على المعابر ... مرة يطلبون (الإسرائيليون) وجودًا علنيًا، ومرة خفيًا، هذا تنظيم للحصار وليس رفعه أبدًا". من جانبه، قال سامي أبو زهري، الناطق باسم الحركة، ل"الشرق الأوسط"، أمس: إن "حماس لن تقبل بأي إملاءات أو شروط إسرائيلية، وهي لن تقبل بأي تهدئة لا ترفع الحصار عن قطاع غزة كليًا". وأضاف: "حماس تريد فتح جميع معابر القطاع، من أجل السماح بحركة الأفراد وحركة البضائع". وتابع: "من حق شعبنا أن يحيا حياة كريمة تعوضه سنين الحصار الظالمة". وعد أبو زهري، أن جميع المطالب المقدمة بما فيها الميناء والمطار، مطالب جميع الفلسطينيين، وقال: إنه "تم التوافق عليها فلسطينيًا مع جميع الفصائل". من جانبها، تريد إسرائيل عودة السلطة الفلسطينية إلى المعابر، وتسلمها بالكامل بما فيها معبر رفح مع مصر، كما تريد آلية رقابة دولية على كل ما سيدخل إلى غزة.