أثار قرار إسرائيل تخفيف الحصار عن غزة انتقادات من الفلسطينيين والإسرائيليين على حدّ سواء؛ فالفلسطينيون اعتبروه غير كافٍ والإسرائيليون أبدوا خشيتهم من أن يؤدّي إلى تعزيز سلطة حماس في القطاع، إلا أنّ الحكومات الغربية وفي طليعتها الولاياتالمتحدة رحّبت بالقرار باعتباره خطوةً في الاتجاه الصحيح. واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنّ قرار الحكومة الإسرائيلية رفع الحصار عن قطاع غزة بشكل جزئي "غير كافٍ". وقال نبيل أبو ردينة (الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية): إن عباس "يطالب برفع الحصار عن غزة بشكل كامل.. وهذه الخطوات وحدها لا تكفي ولا بدّ من بذل كل الجهود لرفع المعاناة عن المواطنين في غزة"، مؤكدًا وجوب "إنهاء الحصار الشامل؛ لأن هذا هو الهدف والمطلب الفلسطيني والعربي والدولي". من جهتها اعتبرت حركة حماس اليوم الاثنين القرار الإسرائيلي بأنّه "فارغ المضمون" داعية إلى رفع كامل للحصار بكل أشكاله. وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس: إنّ "القرار الإسرائيلي بزيادة أصناف البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة هو قرار فارغ المضمون ولا يمثِّل أي تغيُّر في حقيقة الموقف الإسرائيلي الرافض لرفع الحصار عن غزة". وأوضح أبو زهري: "نحن ما نريده ليس زيادة كمية البضائع التي تدخل إلى غزة ولكن نريد رفعًا حقيقيًا وشاملًا لكل أشكال الحصار بما في ذلك فتح جميع المعابر وضمان حركة تنقل السكان وإدخال جميع البضائع خاصة مواد الصناعة والبناء وإمداد غزة بكل احتياجاتها من الوقود والكهرباء ورفع القيود عن التعاملات المصرفية". وكانت إسرائيل أعلنت أمس الأحد رفع الحصار عن كل "البضائع ذات الاستخدام المدني" مع الإبقاء على الحصار البحري لمنع استيراد مواد حربية إلى قطاع غزة. وقالت: إنها ستسمح بدخول كل البضائع المدنية غير المدرجة على لائحة السلع المحظورة (التي تضم أسلحة ومواد عسكرية أو تجهيزات يمكن استخدامها لغايات حربية). لكن إسرائيل سترغم السفن المتجهة إلى غزة على التوقف في ميناء أشدود لتفتيش حمولاتها. ويأتي ذلك إثر ضغوط دولية تلت هجوم الكوماندوز الإسرائيلي على أسطول إنساني كان متجهًا إلى قطاع غزة في 31 مايو مما أدّى إلى مقتل تسعة ناشطين أتراك. وشدّدت مجموعة حقوق الإنسان الإسرائيلية "جيشا" على أنه يجب على الحكومة أن تسمح "بمرور المواد الأولية إلى غزة وتصدير بضائع جاهزة" وكذلك بالسفر لأسباب إنسانية أو أسباب تتعلق بالعمل والدراسة والعائلة. لكن نائب وزير الحرب الإسرائيلي ماتان فيلناي أعلن بوضوح اليوم معارضته لتخفيف الحصار. وقال فيلناي للإذاعة الإسرائيلية العامة: "ليس هناك أدْنَى شكّ بأن قرار السماح بدخول المزيد من البضائع إلى غزة سيساعد بشكل غير مباشر حماس على تعزيز سلطتها". وأضاف: "الحقيقة هي أن كل ما يدخل غزة يمرّ تحت سيطرة حماس التي تقوم بعد ذلك بتوزيع (البضائع) كما يحلو لها". من جهته اعتبر وزير البيئة الإسرائيلي جلعاد اردان المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الحصار الذي فرض بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في يونيو 2006 وعزز إثر تولي حماس السيطرة على القطاع بعد سنة لم يأتِ بنتائج جيدة على إسرائيل. وقال اردان: إن "الحصار سبب أضرارًا بالنسبة إلينا: لم يتح زعزعة سلطة حماس أو تسريع الإفراج عن جلعاد شاليط.. يجب عدم التمسُّك بمبادئ لا تأتِي بأي نتيجة ويجب دفع ثمن مقابلها". وتابع: إن "قضية الأسطول والضغوط الدولية سرّعت القرارات المتعلقة بالحصار"، في إشارة إلى هجوم نفذته فرقة كوماندوز إسرائيلية في 31 مايو على الأسطول الإنساني الدولي. لكن عدة حكومات غربية رحبت بإعلان إسرائيل الأحد عن تخفيف الحصار مؤكدة في الوقت نفسه على ضرورة بذل المزيد من الجهود. وقدم البيت الأبيض دعمه التام لقرار إسرائيل السماح بدخول "منتجات لإغراض مدنية" إلى قطاع غزة، معتبرا أن ذلك سيسمح بتحسين ظروف عيش الفلسطينيين فيه.