عندما تذهب لمقابلته تأكد أنك ستقابل شابا مثلك، تملؤه الحيوية.. فالابتسامة لا تفارق وجهه بل إنه من الممكن أن يجدد بداخلك الأمل، لكونه مازال يسعى نحو تحقيق علامة مميزة ومختلفة في عمله، بل إنه يشعر بمخاوف وقلق كبير تجاه فيلمه الجديد، وينتظر بلهفة ردود أفعال جمهوره عليه بعد نزوله رسمياً يوم الأربعاء المقبل بدور العرض السينمائية، وكأنه أول فيلم يقدمه في حياته رغم أن ال23 فيلما التي قدمها للسينما المصرية تعتبره من "العلامات المسجلة" والمحفورة بالأذهان للجميع. لم يشغل بال المخرج الكبير محمد خان أن يعود للسينما في فيلمه "فتاة المصنع" بوجه جديد، ولم يصبه الإحباط من الوعود المتكررة بمنحه الجنسية المصرية التى يستحقها بجدارة، فجميع أفلامه تتحدث عن المجتمع المصري وتناقش موضوعات ذات خصوصية ورؤى خاصة، لم يكتف بمشواره الفني الكبير ويجلس بجواره معتزلاً بل إنه أعلن تحديه وتمرده على سنه والظروف المرتبكة لأوضاع السينما وما يشوبها من تعثرات انتاجية ليخرج لنا بفيلم مفعم بالحيوية والتفاؤل. في حوار المخرج محمد خان مع "بوابة الأهرام" يتحدث عن أوضاع السينما، وكواليس فيلمه "فتاة المصنع" وظروف تصويره، ويؤكد أنه لم يصبح يشغل باله حصوله على الجنسية المصرية لكنه يحمد الله أيضاً أنه لم يحصل عليها في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.. وتفاصيل أخرى في هذا الحوار.. - أشعر في فيلمك "فتاة المصنع" بحيويتك التى اعتدت عليها في أفلامك تحديداً في "كادرات" تصويرك.. إلى أى مدى كان "فتاة المصنع" عملاً مرهقاً لك؟ = يضحك ساخراً.. تماماً لم أشعر بإرهاق، ودعينى أقول لك مثلاً إنه في أول يوم تصوير كان لابد من تجهيز مجموعة من المشاهد حتى نثبت أننا بدأنا بالفعل في الفيلم، ونحصل على الدفعة الأولى من فلوس الدعم، وكانت خطتى فاليوم الأول للتصوير كالآتى "صورت مشاهد الوكالة، وأخرى لياسمين رئيس وهى تقف على الكوبرى، إضافة إلى مشهد لها وهي تسير اثناء مرور القطار، وآخر أثناء سيرهم أمام شارع محمد محمود"، والحمدلله انا عندي خبرة في تصوير الشوارع، ولكن بصراحة النهارده أصعب من إمبارح. - حى بولاق أبو العلا وما يحتويه من "الوكالة" أصبح من الصعب المرور به نظراً لتغيير طبيعته بعد ثورة يناير.. كيف كان التصوير بداخله وسط "معلميه وتجاره"؟ = سبق لي أن صورت في الوكالة فيلمي "كلفتي"، لكن بالفعل المكان تغير أصبح كله "معلمين"، وقبل التصوير قمنا "بالتظبيط" مع هؤلاء وكنا نضع الكاميرا تحت الكوبري هذا بالإضافة إلى استخدامنا أجهزة اتصال "واكي توكي". لكن ما منحنا فرصة أكبر في التصوير هو أن ياسمين رئيس وجه غير معروف وهذا ساهم في راحتنا كثيراً من المضايقات، مع العلم أن جميع من ظهروا بالمشهد لم يكونوا "كومبارس" بل أشخاصا طبيعية. - لماذا فكرة تقديمك فيلم لفتاة تعمل في مصنع؟ = لأن فتيات المصنع هن أكثر الطبقات كدحاً، وأى بنت تعمل في هذا المكان تصبح عائلة وداعمة لأسرتها، وحقيقي كان نفسي أعمل فيلم يتحدث عن هؤلاء. - صحيح أن أحداث الفيلم لا تتعلق بالثورة لكن في مجملها قد تحمل إشارة لها من حيث كونه يتحدث عن فتاة من طبقة كادحة، هل قصدتم التلويح لها من بعيد كما في مشهد المظاهرة التى مرت بعد حديث "هيام" مع حبيها؟ = لم أقصد تقديم رسالة معينة، فالثورة والمدينة جزء من الزمن الذي تدور فيه الحدوتة، وهو خلفية لها مثل أصوات الإسعاف، والبوليس، والرسم ع الحيطان، ومرور احدى المظاهرات، وذلك من أجل تصديق الحكاية وهذا لا يعنى أن تكون الشخصية ثورية. - وسط كثير من الأفلام التي تناقش الطبقات الشعبية وتحمل إطارا معينا، خرجت لنا بفيلم يتحدث عن هؤلاء بطبيعة خاصة تبتعد عن مقومات "الرقص، البلطجة، الايحاءات والألفاظ"؟ = أنا أقدم في "فتاة المصنع" واقعا حقيقيا، يختلف عن تلك الأفلام التى يميل جزء كبير من تفاصيلها إلى الخيال، لكن هذه سينما وأنا سينما أخرى، وكل منا له مكانه، وأنا لست ضد هذه النوعية من الأفلام طالما أنها بتسلي الناس، لكن إذا كنا نريد عمل فيلم يصدقه الجمهور لا أستطيع فعل ذلك.. ويضحك قائلاً: "الحياة العادية مثلاً مفييش هيفاء وهبي في الحي الشعبي". - من المسئول عن وجود مثل هذه النوعيات من الأفلام حالياً؟ = ظروف السينما حالياً في العشر سنوات الأخيرة تغيرت، لأن المنتج أصبح هو الموزع وهو صاحب السيناريو أيضاً، وهذا سبب نوعا من الاحتكار، والسينما لم تكن كذلك في الفترة من الستينات إلى التسعينات كانت متنوعة، وأرجو أن يعود ذلك "مش انهم يتلاشوا طبعا" لكن يكون هناك أنماط آخرى مختلفة، هذا بالإضافة إلى أن الاحتكار سبب جشع في ارتفاع ثمن تذكرة السينما في ظل أحوال الأسرة المصرية المتدنية فالوقت الحالى، وأتعشم أن تتغير القاعدة وما يمكن أن يساهم في ذلك أن الفيلم تكون ميزانيته صغيرة، وبالتالى لن يكون هناك حاجة في الحصول على أرباح كثيرة. - هل أصبح فكرة الحصول على دعم انتاجي للأفلام أفضل وأسهل من القيد تحت مظلة شركات الانتاج؟ = كلمة أسهل مش حقيقة، فالأمر ليس متاحا طول الوقت، لأن المشاريع كثيرة ومن بلدان مختلفة وهناك لجان لابد أن تتحدثي معهم كثيراً، إضافة إلى انتظار الموافقات، و"فتاة المصنع" مثلا أخذ منا 3 أعوام، عاما في التنفيذ واثنين في التحضير. - اختيارك لسعاد حسني كصوت في خلفية الأحداث لكونها المرأة الأنسب للتعبير عن كل فتاة؟ = سعاد حسني موجودة في وجدان البنت المصرية والعربية، واختياري لها لسببين أنه يخدم الدراما كأنها "ضمير البنت اللى جواها شيء من سعاد"، إضافة إلى علاقتى بيها كصديقة رغم اننا لم نقدم إلا عملا واحدا معاً، حيث كان لدي شعور بتقديم تحية لها بطريقتي كما أن سعاد كانت موجودة فالثورة بصورها المرفوعة في المظاهرات، ومرسومة على الجدران لذلك هى جزء من الأحداث الزمنية للفيلم. - كيف تم تجميع المادة الخاصة بصوت سعاد حسني وهى تغني أغانيها بدون موسيقى؟ = جمعنا المادة من أحاديث كانت أجرتها سابقاً في مرحلة متقدمة من عمرها، وبتقول كوبليهات بصوتها وهذا أعجبنى فى الحقيقة بشكل أكبر، ولحسن الحظ أيضاً وسام زوجتى كان لديها شريط مأخوذ من الإذاعة أخذنا منه حاجات إضافة إلى مصادر أخرى. - ما تقييمك لياسمين رئيس كبطلة لفيلمك "فتاة المصنع"؟ = ياسمين مجتهدة جداً، وكانت بتروح المصنع وتقعد مع البنات قبل التصوير بفترة وأكثر من مرة، وفي مرة منهم راحت بيوتهم، وكانت عاوزة تتعايش معاهم بأقصي درجة، "يعنى كانت بتتحدي نفسها"، وفي نفس الوقت لم تتعال على الناس، "وعلى فكرة جزء من البنات اللى اخترناهم معانا جزء منهم متعلم، وروحهم كانت حلوة وكانوا حابين يمروا بالتجربة، وبالتالى الكيمياء كانت ظاهرة بينها وبينهم". - هل تقصد في أفلامك التعبير عن المرأة البسيطة ذات الطبقة المتوسطة، والابتعاد عن أصحاب القصور؟ = لا مش بالضرورة، فقد قدمت 23 فيلما، لم تكن جميعها شريحة فقيرة، بل متوسطة أيضاً، وقدمت "الرغبة" لمديحة كامل كانت من "علية القوم".. وبصفة عامة "المرأة تثيرني". - هل من الممكن أن تفكر في تقديم تجربة تلفزيونية؟ = لست ضد العمل بالتليفزيون لكن المهم جودة السيناريو المقدم، وإذا أحببت تقديم مسلسل أتمنى أن يكون بوليسيا، فكثيراً أعجبت بأهل كايرو لمحمد علي، والحقيقة أننى لا أستطيع أن أقدم على هذه الخطوة إلا حينما تكون هناك جهة انتاج مريحة. - هل فقدت الأمل في الحصول على الجنسية المصرية؟ = الحديث عن حصولى على الجنسية مجرد كلام، ولست متضايقا في الوقت الحالى، ولن أسعى إليها "ويا تيجي أو متجيش"، ولما قدمت زمان كان أمن الدولة كاتبين "لا مانع". ويضحك قائلاً: الحمدلله مجتش أيام مرسي، فجميع من منحهم الجنسيات في عهده كان لأغراض أخرى.