استبعد الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة لشئون مجلسى الشعب والشورى السابق، لجوء مصر للحل العسكرى تجاه أزمة سد النهضة الإثيوبى، مؤكدًا أن هذا الحل غير وارد لأن أى تعامل مع هذا الملف خارج إطار القانون من شأنه الإضرار بحقوق مصر من مياه النيل. وقال شهاب فى ندوة " تداعيات سد النهضة على حصة مصر من مياه النيل" والتى أقامها مجلس علوم المياه التابع لأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا: "إننا أصبحنا أمام مايسمى بحالة نزاع دولى بيننا وبين إثيوبيا، مشددًا على ضرورة استخدام كل الوسائل السلمية، للحفاظ على حقوق مصر من مياه النيل، مشيرًا إلى أن الحوار مستمر شريطة الاعتراف بالحقوق المصرية. وطالب السلطات المصرية بضرورة التوصل لحل فورى لهذه الأزمة والضغط على الأممالمتحدة لأخذ رأى استشارى من قبل محكمة العدل الدولية يشرح فيه المخاطر الناجمة عن إنشاء سد النهضة على حصة مصر من مياه النيل، وهذا فى رأى سيعزز الموقف المصرى فى حالة الوصول إلى مرحة التحكيم الدولى، مثلما حدث مسبقا مع ملف طابا طبقا للقانون الدولى، بالتزامن مع إعداد ملف قنونى وهندسى يدعم موقفنا القانونى فى هذه القضية، مع ضورة عدم إغفال دور الدبلوماسية الشعبية والكنيسة المصرية، فى الوصول لحل يرضى جميع الأطراف دعم المساس بحقوق مصر. وأضاف أن المرحلة المقبلة خطيرة ما يجعلنا نضع ملف أزمة "سد النهضة" وتأثره على حصة مصر من مياه النيل فى مصاف اهتماماتنا، فى الوقت الذى نعانى فيه من فقر مائى، لافتا إلى أن مصر رفضت إطار اتفاقية عنتيبى فى عام 2007 ولازلت لأنها قائمة على عدم الاعتراف بالحقوق التاريخية لمصر من مياه النيل. ومن جانبه تطرق الدكتور هانى رسلان رئيس تحرير ملف الأهرام الاستراتيجى، إلى نجاح إثيوبيا فى سحب لموقف السودانى من حالة التوازن التى كانت فى البداية إلى موقف جديد تحولت خلاله من مجرد الموافقة على السد إلى دور آخر، هو التسويق والدعاية للموقف الإثيوبى، وبذلك يتضح من الموقف السودانى قد اتجه بالفعل إلى تغليب الاعتبارات السياسية اللحظية الخاصة بتوازنات السلطة القائمة وتحدياتها الداخلية دون النظر فى التغيرات الاستراتيجية فى أوضاع المياه والأمن فى النيل الشرقى. وأوضح أن جوهر الأهداف التى ترمى إليها إثيوبيا، هو التحكم بشكل منفرد ومطلق بمياه النيل الأزرق واستخدم ذلك فى تغير الأوزان الإستراتيجية فى حوض النيل، حيث تتحول إثيوبيا من قوة مهمة وكبرى فى القرن الإفريقى إلى قوة مهيمنة مع مد هذه الهيمنة إلى دول حوض النيل، مشيرا إلى أن الأوضاع الاقتصادية وقدرة وتماسك الدول فى إثيوبيا، لا يسمح لها بالتصرف بهذه الدرجة من التعنت، ما لم تكن مستندة إلى قوة أخرى توفر لها هذه الإمكانات التمويلية والفنية والغطاء السياسى لكى تقوم بما تفعله الآن. وأشار الدكتور خالد حسين حامد الأستاذ بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، إلى التأثيرات الآنية المتوقعة لسد النهضة على مصر فى حالة حدوث فيضانات أعلى من المتوسط خلال فترة ملء السد بمعدل نحو 16 مليار متر مكعب سنويا خلال 6 سنوات، يحدث انخفاض من 10- 13 مترا فى بحيرة السد العالى وفقد حوالى 43- 53 مليار متر مكعب من التخزين الحى وبالتالى انخفاض توليد الكهرباء من السد العالى وسد أسوان فى حدود من 16- 21%. وأوضح حامد أن تأثيرات السد على المدى القصير، تتمثل فى أنه لا يمكن من الناحية النظرية، استبعاد حدوث موجة جفاف أسوأ من فترة الثمانينات وخاصة إذا أخذنا فى الاعتبار التغيرات المناخية المتوقعة وتأثيرها على الإيراد الطبيعى لنهر النيل. أما على المستوى الطويل، فإن الدراسات تشير إلى عدم تمكن سد النهضة من دعم الاستخدامات المائية لدول المصب، ما لم يتم تفريغه بالكامل خلال فترات الجفافوهو ما لا يتفق مع ضرورة المحافظة على مناسيب المياه لتوليد الطاقة بصورة اقتصادية، وحتى إذا افترضنا تخلى إثيوبيا عن توليد الطاقة لصالح دول المصب، فإن ذلك يعنى سرعة الحاجة لملء السد مرة أخرى بعد فترة الجفاف ولكن هذه المرة تكون أكثر صعوبة، حيث إن كلا السدين (العالى والنهضة) يكونان فارغين عكس الوضع الحالى، حيث السد العالى شبه ممتلئ، مما يؤدى إلى صراع حتمى بين ملء سد النهضة واحتياجات دول المصب.