مدينة فى حضن البحر، لا يسرقها الهواء وتحرس الجبل فلديها من طبقات التاريخ ما يضمن لها عراقة ومن الحضور اليومى تجدد بطاقة هويتها كمدينة ساحرة لا ينقطع عطاؤها. إنها "بيبلوس" فى منطقة "جبيل" بلبنان والتى تعد مدينة متوسطية بامتياز، تفتح قلبها للبحر بينما تعطيها "رائحة اليود" العطر الذى لا يتكرر .. دخلت "بيبلوس" لائحة مدن التراث العالمى التى تصدرها اليونسكو منذ سنوات، احتراما لتاريخ طويل وحضارات متعاقبة تحمى "أنوثتها" كمدينة تحترف الدلال. رصدت مجلة البيت فى عددها الجديد الصادر الشهر الجاري، بعدسة المصور عماد عبدالهادي، مدينة "بيبلوس".. أقدم المدن المأهولة فى العالم، والتى تبعد 37كم شمال بيروت، والتى تمثل خليطا من الدهشة، فهى تستند أسوارها على التاريخ وتفتح يديها على الحداثة لتجدد حضور الأماكن الأثرية والمعالم السياحية. تبدأ حكاية "بيبلوس" المدينة الطازجة إلى الأبد بقرية صغيرة لصيادى السمك تأسست على التل المشرف على البحر جنوب غرب الموقع خلال الألف السادس قبل الميلاد، لتصبح فى نهاية الألف الرابع ق.م مدينة لها شوارعها وساحاتها ومبانيها العامة وأسوارها وأسواقها .. ووجودها الطاغى. اشتهرت جبيل أيضاً بالأبجدية الفينيقية التى صدرتها إلى العالم وبصناعة السفن الفينيقية من خشب أشجار الأرز، وصنفتها منظمة اليونسكو فى 1984 كأحد مواقع التراث العالمى. وعندما تزورها تشعر بأنها مدينة تهزم الشيخوخة فالشواطئ المميزة والمبانى القرمدية، وشكل الميناء الذى يكتظ بالمراكب السياحية، كلها علامات لازدهار وسعى لدور البطولة بين المدن اللبنانية، تقاوم الاستعراض الذى تشتهر به بيروت بالبساطة وبرائحة الهواء المنعش وأطباق السمك المحلية والمطاعم التقليدية ذات النكهة الخاصة تقاوم العطور الباريسية وبفضل الرحلات البحرية فى القوارب الصغيرة تهرب من زحام اللحظة الراهنة إلى طمأنينة التاريخ.